لا شك أن عزوف عديد من الشباب عن الزواج لأسباب متعددة دفع بعض الفتيات إلى مبادرات غير مسبوقة في مجتمعاتنا العربية لطلب يد زوج المستقبل كنوع من حق الاختيار، في ظل ارتفاع كبير لمعدلات العنوسة وتأخر سن الزواج، خطوة جريئة طالب بها عديد من الأشخاص،
وبعض مواقع التواصل الاجتماعي على الإنترنت والتي فتحت الباب لعديد من الشابات اللواتي أبدين قناعتهن بالموضوع ورغبتهن في تنفيذ الفكرة،
لكن النافذة كانت أيضاً مكاناً للتعبير عن السخط على هذه الخطوة واعتبارها جرأة، بينما اعتبرها غيرهم وقاحة لا تتماشى مع عادات وتقاليد مجتمعاتنا الشرقية، وهناك من رأى فيها تعدياً على حق الرجل الطبيعي في الاختيار، في حين باركها البعض ووجد فيها حلولاً لكثير من المشكلات.
داعية: ليس هناك ما يمنع من خطبة الرجل الذي يُرضى خلقه ودينه
فنانة: حل مثالي للفتاة الخجولة التي يصعب عثورها على زوج مناسب
إعلامية: هذه الفكرة خارجة عن إطار عاداتنا الشرقية
خطوة جريئة
ترى نورا السيد «زوجة» والتي تتمتع بالخبرة فيما يتعلق بالحياة الزوجية أنه «لا مانع من أن تكون الفتاة هي الخاطبة بشرط أن تراعي نقاطاً معينة كالتكافؤ بينها وبين من تختاره، وألا تكون جريئة أكثر من اللازم، ويفضل أن تعتمد التلميح لا التصريح، وتلفت نظره بطريقة غير مباشرة، فذلك يصون كرامتها وكبرياءها كامرأة».
طلبت ابني للزواج
أما مها أحمد «متزوجة» أيضاً فتقول: «أنا شخصياً إن صادف وطلبت أي واحدة ابني للزواج فلن يكون لدي مانع من حيث المبدأ، لكن فقط سأحاول أن أتأكد من سلوكها وما إذا كان الأمر نوعاً من الجرأة لا الوقاحة» .
حق الاختيار
بينما يقول علي البيلي: «خطأ أن تتقدم الفتاة لخطبة الرجل، خاصة في مجتمعاتنا العربية المحافظة، فدلال المرأة وتمنعها يشعر الرجل برجولته عندما يختار طالباً إياها للزواج،
فالأمر حق من حقوق الرجل لا يجب أن تسلبه المرأة إياه، ولا شك أن هذا سيعود عليها بالسلب في حياتها المستقبلية، فإما أن يتنازل لها عن كل حقوقه وواجباته وتصبح هي المرأة الرجل،
وإما أن يترك هذا أثراً في نفسه كونه لم يمارس حقه في الاختيار وبالتالي سينعكس هذا على معاملته لها كونها هي من رغبت فيه لا هو، إلا في بعض الحالات ويفضل أن تجعل الفتاة والدها أو أخاها ينوب عنها ويقدمها من خلال مميزاتها».
ضد الخطبة
وبالنسبة إلى نور أزمرلي «مديرة مجموعة إعلامية» فتقول: «لا أحبذ الفكرة من الأساس لأنها خارجة عن عاداتنا وتقاليد المجتمع الشرقي الإسلامي،
فالمجتمعات الشرقية تعتمد بالدرجة الأولى على تكوين الأسرة وكيفية تشكيلها، وهو أمر متفق عليه إلا في حالات خاصة تلك التي تعمل بالمثل القائل: «اخطب لبنتك ولا تخطب لابنك»، ولكن أنا أرفض أن يرتبط ابني بهذه الطريقة» .
طريق مسدود
بينما لا يحبّذ وليد الطحان الفكرة ويراها تعدياً على حقوق الرجل، ومخالفة للعادات والتقاليد، يقول: «أعتبر أن هذا النوع من الارتباط لا يدوم، فالرجل المطلوب غير الطالب، فالمرأة لن تطلب رجلاً عادياً بل عليه أن يكون كاملاً على الأقل في نظرها،
وهو ما يجعله يتكبر عليها أو ينظر لها بعين النقص، إن لم يكن الاحتقار، والسواد الأعظم من هذه الحالات لن يصمد فيها الزواج بل ستصل إلى طريق مسدود أو تطلق المرأة لسبب أو لآخر».
لا أوافق
ولا تعترف لجين عمران مذيعة بكل ما يخالف التقاليد والعادات، تقول: «إن العادات الشرقية تكرم المرأة وتدللها، وخطبتها للرجل تحرمها الكثير من حقوقها، وتمس كبرياءها وكرامتها، خصوصاً لو أنها تقدمت لرجل لا يقدر الحياة الزوجية،
فهنا ستبدأ المشكلات، ويبدأ احتقاره لها لمجرد أنها هي من تقدمت لخطبته لا هو»، مضيفة أنها لو تعرض ابنها لموقف مماثل فإنها لن تقبل بمن تعرض نفسها عليه حتى ولو كانت مناسبة له، لأن من حقوق الرجل الطبيعية أن يختار ولا يكون محلاً لاختيار المرأة.
ضد البروتوكول
الرأي نفسه تبنّته داليا بسيوني التي اعتبرت أنه من بروتوكولات الحياة وأعرافها ألا تختار المرأة الرجل، مهما أعجبت به، فيمكنها أن تكون ذكية وتجذبه إليها من خلال لفت انتباهه إليها وتجعله هو من يطلبها،
لكن دون أن تنقص من كبريائها أو قيمتها أمامه، فالرجل بعد الزواج يتغير والمرأة أيضاً وقد يفاجأ كل منهما بشخصية غير تلك التي تخيلها أو اعتقد بوجودها قبل الزواج، لذا فإنه في هذه العلاقات بالذات تكون نسبة الطلاق مرتفعة مقارنة بغيرها من العلاقات التي تقوم على أسس طبيعية ووفقاً للعادات والتقاليد.
مسألة أحادية
عبّر الشيخ إبراهيم رمضان إمام وخطيب مسجد الأنصاري عن الرأي الشرعي في هذا الموضوع بقوله: «هذه المسألة أحادية، فليس كل رجل يرغب فيه ويخطب، وليس كل امرأة تفعل ذلك، والأصل فيها أن تكون الخطبة من الرجال لما جبلت عليه النساء من الحياء والحشمة، ولما في ذلك من إظهار القوامة التي تعني تحمل المسؤولية الكاملة بها وبما ينتج منها،
لكن قد يخرج عن الأصل ما لا يخل به في مسائل محدودة، وذلك إذا وجد الرجل الذي يوزن بماء الذهب، كما كان من خديجة بنت خويلد رضي الله تعالى عنها، وابنة شعيب عليه السلام، فخطبة المرأة الرجل الذي يُحرص على مثله ويُرضى خلقه ودينه، لا حرج فيه شرعاً ولا عقلاً،
فمثله يخطب ثم يخطب، بل يشترى بمال إن صح التعبير وجاز الشراء، ذلك أن غاية ما تتمناه المرأة رجل يسترها ويقوم بواجبها ويحصنها، فإذا ظفرت به وشعرت بأنه غافل عنها، فلا مانع من أن تعرض عليه نفسها، بكتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وبالطرق النظامية، شرعاً وقانوناً،
فإن الحياة فرص ومنح وهبات ونفحات، ولكن من التي تعرف ذلك الرجل الذي يحرص على مثله، وتعرف معدنه ودينه وخلقه؟ إنها المرأة البالغة العاقلة الرشيدة العفيفة التي تعرف ما يضرها وما ينفعها لا التي تجري وراء عاطفتها، فيغرها شاب أو كهل فتنخدع بمعسول كلامه ثم تتعلق به،
فيقضي منه نهمته وإربه، ثم يتركها أرملة أو معلقة، والطريقة المثالية في ذلك أن تدفع بامرأة عاقلة تسوم عليه الزواج الشرعي من امرأة ذات حسب ونسب ودين، فتحرك كوامن رغبته فإن كانت له إربة فسيستجيب وإلا سيستغني ويعرض وعندئذ عليها أن تستعفف وسيهيئ الله لها الطيب من الرجال».
لا يــخــالــف الــديــن والــعــرف
تشير الفنانة أمل مصطفى إلى أنها لا ترى في الموضوع ما يخالف الدين أو العرف وترى أنه حق من حقوق المرأة ما دامت واعية وتعرف من تختار، مضيفة: «كثيراً ما تكون الفتاة خجولة أو قليلة الظهور في المجتمع المحيط بها، وبالتالي تجد صعوبة في العثور على الزوج المناسب،
لذا ما المانع أن تتقدم إلى رجل طالبة الزواج منه إن كان مناسباً لها، وكثيرة هي القصص الناجحة التي يجب أن نحتذي بها في هذا المجال،
أما بالنسبة لإمكانية استهجان الرجل لطلبها أو احتقاره لها، فهذا النوع من الرجال لا يصلح أن يكون زوجاً سواء طالباً أو مطلوباً، لأنه وببساطة يجهل سنة النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة».
روتانا