هو مقطع من رواية الأعماق المحتلة للكاتبة غادة السمانحذار من التوهم أن إشعال شمعة خير إلف مره من لعن الظلام
تدعو فيه إلى مواجهة الظلام وعدم الاستسلام مهما صعبة الأمور
ومهما كثرت الاعداء
ولكن بأسلوب أدبي رائع وصياغةٌ مؤثره تجعل شيء من الأمل يدب في نفس القارئ
وقفةٌ على شمعه
حذار من لعن الظلام ! وحذار من إشعال شمعة !
فالشمعة لم تعد تكفي وسط إعصار ليل القهر الذي يكاد يلفنا. صار إشعال الشمعة فعل تخدير, كمن يداوي الشلل بقرصٌ من الفيتامين. كمن يعطي جريحا ما قرصاً من (الفاليوم)كي يخدر وينزف دمه قبل أن يصحو. دون أن يضمد له جراحه أو يحدد موقعها على الأقل!
في زمننا العربي الرديء هذا. لم يعد إشعال شمعه خير إلف مره من لعن الظلام.
وحذار من لعن الظلام!
فقد كتبنا في لعن الظلام وذمه أحلى قصائدنا. وبسملنا وحوقلنا في ليل الانكسارات المتلاحقة ...والانهيارات ألكابوسيه.
المهم أن نرصد مايدبو لنا في هذا الظلام المسدل كستارة فوق مسرح الجريمة
المهم أن نرصد مراكز أطلاق الجراد على أرضنا وخبزنا وأحلامنا .
وحذار من إشعال شمعه أمام هذه ألصوره المتأججة سوادا:صورة واقعنا العربي.
دعوا سنابل القهر لا تنمو. وخبز الحقد ينضج, وشلالات الذاكرة العربية تتدفق من خلف سدود التخدير والترغيب والترهيب والتأويل والاجتهاد الفكري السوريالي,أمام حلم عربي مذهل ألبساطه والعفوية
****
وحذار من إشعال شمعه !
أمام هذه ألصوره المتأججة سوادا, صرنا بحاجه إلى شمس وضوح, صرنا نتوق إلى اكتشاف منابع الضوء بدلاً من التلهي بقناعة أهل الشمع
,ومتاحف الشمع لبعض حكامنا الذين يمنحوننا بين وقت وآخر شمعة أمل ذابلة, تطيل عمر عذابنا دون أن تساهم في إلغاء أسبابهِ.
ولنزدد ضراوةٌ كلما تكاثرت هزائمنا.ولحظة يقودنا الجلاد إلى مقصلة الحزن البائس, سنقول له برباطة قلب وجأش أن برجنا منذ الآن فصاعدا لن يكون"برج الحمل" ولا "برج الجدي" ولا "برج القطه" . (أنه برج الضوء)
ولن نصدق بعد اليوم أن أشغال شمعه خير إلف مره من لعن الظلام
كنا نشعل الشمعة,فتدل على مكاننا,ونلتقي طلقةٌ بالرأس.
وكنا نشعل شمعه وهو يشعلون فتيل الديناميت لنسف بيوتنا.ويشعلون الأضواء الكاشفة في معسكرات اعتقال الحلم العربي.
أذا
أمام صورة الواقع العربي المتأججة سوادا, لم يعد ثمة مناص لاختراع الضوء ! ..
أمام هذا السواد الحالك نعلن الصوم عن التشاؤم السلبي, ونعلن حاجتنا الى اكتشاف منبع الشمس ودروب الشروق وصنع المصباح. وحذار من مصباح علاء الدين السحري ...فمآسينا لن تحلها لمسةٌ سحريه عجائبيه.أنها بحاجه إلى لمسة عمل ملايين السواعد
نعم . الصورة قاتمة
ولكن حذار من الاكتفاء بلعن الظلام. دعونا نحدد نهائيا الأعداء المختبئين في عباءة الكلمات السياسية المتقاطعة ولعبتها الجهنمية .
ولان الظلام دامس والنتيجة شبه محتومة ( وثمة من يحاول دفعنا إليها دفعا) , دعونا نلجأ التفاؤل المشروط . إلى التفاؤل الغاضب المخطط لا التفاؤل الأبله المسترخي الفج .
الكاتبة غادة السمان