لا تَقُـلْ شيعـةٌ هُـواةُ عـلـيٍّ إنّ فـي كـلِّ منصِـفٍ شيعيّـا
هو فَخرُ التاريخِ لا فخرَ شعـبٍ يَدّعيـهِ.. ويصطفـيـهِ ولـيّـا
ذِكرُه إن عرى وجـومَ الليالـي شَقّ مِن فِلقـةِ الصبـاحِ نَجِيّـا
يا عليَّ العصـورِ هـذا بيانـي صِغتُ فيه وحيَ الإمـام جَليّـا
يا أميـرَ البيـان هـذا وفائـي أحمِـدُ اللهَ أن خُلِقـتُ وَفـيّـا
يا أميرَ الإسلامِ حَسْبـيَ فَخْـراً أنّنـي منـك مالـئٌ أصغَرَيّـا
جَلْجَلَ الحقُّ في المسيحيِّ حتّى عُـدَّ مِـن فَـرْطِ حُبِّـهِ عَلَويّـا
أنا مَن يعشَق البطولـةَ والإلهـا مَ والعـدلَ والخِـلاقَ الرَّضِيّـا
فـإذا لـم يكـنْ علـيٌّ نبـيّـاً فَلَقَـد كـان خُلْـقُـه نَبَـويّـا
يا سَماءُ آشهدي، ويا أرضُ قُرّي وآخشَعـي أَنّنـي أردتُ عليّـا
كلمات متطلّعة.. في الإمام عليّ عليه السّلام
عندما يستطلع المرء ما قيل في الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السّلام يجد ـ أيّها الأصدقاء ـ أمرَين ماثلينِ أمامه هما حقيقتان كبيرتان عجز الكثير عن إخفائها فضلاً عن تجاهلها.. الأولى: أنّ الكلّ قد أجمعوا أو كادوا أن يجمعوا على عظمة شخصيّة أمير المؤمنين عليّ عليه السّلام، إذ تملّكهم إعجاب جعلهم ينسَون أنّهم لا ينتمون إليه، بل أنسى حاقديه ومناوئيه أنّ ما يقولونه هو له عليه السّلام وحُجّةٌ عليهم؛ إذ قد خالفوه بل حاربوه بأسيافهم وألسنتهم، حيّاً وشهيداً، قديماً وحاضراً، وتلك حقيقة مذهلة أن يُستقرأ الإجماع على فضل هذا الرجل بل أفضليّته صراحة أو ضمناً، وعلى مدى التاريخ.
أمّا الحقيقة الثانية: فهي أنّ كلَّ ما وصفه ومجّده به القائلون يبقى دونَ الإمام عليّ عليه السّلام، إذ لم يبلغوا شأوه في تمجيدهم وتعظيمهم له فضلاً عن معرفة حقيقته المقدّسة العظمى. وقد صدر من مادحيه إقرارٌ بذلك، وإعرابٌ عن العجز في بلوغ مدح هذا الرجل الكبير الذي حيّر ألباب الحكماء والمفكّرين.
أمّا المصاديق ـ أيُّها الإخوة ـ فهي كثيرة وفيرة، لكنّنا نختار الميسور إذ لا يُسقطه المعسور:
أبو بكر بن أبي قُحافة: يقول الشعبيّ: رأى أبو بكر عليّاً فقال: مَن سرّه أن ينظر إلى أعظم الناس منزلةً من رسول الله صلّى الله عليه وآله وأقربه قرابة، وأفضله دالّةً، وأعظمه عناءً عن نبيّه.. فلينظرْ إلى هذا(1).
ويُعَنْون محبّ الدين الطبريّ فيكتب: ذِكر ما رواه أبو بكر في فضل عليّ. ومنه: حديث النظر إلى عليٍّ عبادة، وحديث استواء كفّه وكفّ النبيّ، وحديث أنّه من النبيّ صلّى الله عليه وآله بمنزلة النبيّ من ربّه، وحديث لا يجوز أحدٌ الصراطَ إلاّ بجوازٍ يكتبه عليّ (2).
عائشة بنت أبي بكر: قالت: رأيتُ النبيَّ صلّى الله عليه وآله التزم عليّاً وقبّله وهو يقول: بأبي الوحيدَ الشهيد، بأبي الوحيدَ الشهيد! (3)
وقد سُئلت عائشة يوماً: أيُّ الناس أحبّ إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله ؟ فقالت: فاطمة. قيل: ومِن الرجال ؟ قالت: زوجها، إنه كان ـ ما علمتُ ـ صوّاماً قوّاماً (4).
عمر بن الخطّاب: قال: كانت لأصحاب محمّد ثماني عشرة سابقة: فخُصّ عليّ بثلاث عشرة، وشُرِكنا في الخمس (5).
وقال: أشهدُ على رسول الله سمعته وهو يقول: لو أنّ السماوات السبع والأرضين السبع وُضِعت في كفّة ميزان، ووُضع إيمانُ عليّ بن أبي طالب في كفّة ميزان، لَرجَحَ إيمانُ عليّ (6).
وقال سالم بن أبي جعدة: قيل لعمر بن الخطّاب: إنّك تصنع بعليٍّ ما لا تصنعه بأحدٍ من أصحاب النبيّ صلّى الله عليه وآله! فقال: إنّه مولاي (7).
عبدالله بن عمر: قال ردّاً على مسيء في الإمام عليّ عليه السّلام: لِمَ تفعل ؟! فوربّ هذا البنية، لقد سبقت له الحُسنى من الله مالها من مردود (8).
وقال: كنّا نتحدّث أنّ أفضل هذه الأمّة عليّ بن أبي طالب (9).
بعض الفضلاء: قال الخوارزميّ: سُئل بعض الفضلاء عن فضائل الإمام عليّ عليه السّلام فقال: ما أقول في شخصٍ.. أخفى أعداؤُه فضائله حسداً، وأخفى أولياؤه فضائلَه خوفاً وحذراً، وظهرَ فيما بين هذين ما طبّق الشرق والغرب ؟! (10)
أحمد بن حنبل: قال هارون الحضرميّ: سمعت أحمد بن حنبل يقول: ما جاء لأحدٍ من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وآله من الفضائل ما جاء لعليّ بن أبي طالب عليه السّلام (11).
وقال حاسماً خلافاً دارَ حول الخلافة: يا هؤلاء! قد أكثرتم في عليّ والخلافة والخلافة وعليّ، إنّ الخلافة لم تزيّن عليّاً بل عليٌّ زيّنها (12).
ابن أبي الحديد: انظرْ إلى الفصاحة كيف تعطي هذا الرجل قيادها، وتُملّكه زمامها، فسبحان الله مَن منح هذا الرجلَ هذه المزايا النفيسة والخصائص الشريفة، أن يكون غلامٌ من أبناء عرب مكّة لم يخالط الحكماء، وخرج أعرفَ بالحكمة من أفلاطون وأرسطو.. ولم يعاشر أرباب الحِكَم الخُلقيّة، وخرج أعرفَ بهذا الباب من سقراط.. ولم يُربَّ بين الشجعان، لأنّ أهل مكّة كانوا ذوي تجارة، وخرج أشجعَ مِن كلّ بشرٍ مشى على الأرض. قيل: لخَلَف الأحمر: إيّما أشجع: عليٌّ أم عنبسة وبسطام ؟ فقال: إنّما يُذكر عنبسة وبسطام مع البشر ومع الناس، لا مع مَن يرتفع عن هذه الطبقة. فقيل: فعلى كلّ حال، قال: واللهِ لو صاح في وجهيهما، لَماتا قبل أن يحمل عليهما (13).
وقال: ما أقول في رجلٍ تحبّه أهل الذمّة على تكذيبهم بالنبوّة، وتعظّمه الفلاسفة على معاندتهم لأهل الملّة، وتصوّر ملوك الترك والدَّيلم صورته على أسيافها ؟! (14).
الفخر الرازيّ: مَن اتّخذ عليّاً إماماً لدينه فقد استمسك بالعروة الوثقى في دينه ونفسه.. ومَن اقتدى في دينه بعليّ بن أبي طالب فقد اهتدى، والدليل عليه قوله عليه السّلام ( أي النبيّ صلّى الله عليه وآله ): اللهمّ أدرِ الحقَّ مع عليّ حيث دار (15).
الخليل بن أحمد الفراهيديّ: احتياج الكلّ إليه، واستغنأؤه عن الكلّ.. دليل على أنّه إمام الكلّ (16).
جورج جرداق: في عقيدتي أنّ ابن أبي طالب كان أوّلَ عربيٍّ لازمَ الروحَ الكليّة وجاورها.. مات عليٌّ شهيدَ عظمته، مات والصلاة بين شفتَيه، مات وفي قلبه الشوقُ إلى ربّه، ولم يعرف العرب حقيقةَ مَقامه ومقداره حتّى قام من جيرانهم الفُرس أناسٌ يُدركون الفرقَ بين الجواهر والحصى (17).
وقال: التاريخ والحقيقة يشهدان أن الإمام عليّاً هو الضمير العملاق، الشهيد أبو الشهداء، وشخصيّة الشرق الخالدة (18).
جبران خليل جبران: إنّ عليّاً لَمِن عمالقة الفكر والروح في كل زمانٍ ومكان (19). وقال: مات الإمام عليّ شأنَ جميع الأنبياء الباصرين الذين يأتون إلى بلدٍ ليس ببلدهم، وإلى قوم ليس بقومهم، في زمنٍ ليس بزمنهم (20).
ميخائيل نعيمة: بطولات الإمام عليّ ما اقتصرت يوماً على ميادين الحرب، فقد كان بطلاً في: صفاء بصيرته، وطهارة وجدانه، وسحر بيانه، وحرارة إيمانه، وسُموّ دعته، ونُصرته للمحروم والمظلوم، وتعبّده للحقّ أينما تجلّى له الحقّ.. هذه البطولات لا تزال غنيّةً نعود إليها اليوم، وفي كلّ يوم (21).
شبلي شُمّيل: الإمام عليّ بن أبي طالب.. عظيم العظماء، نسخة مفرَدة لم يَرَ لها الشرقُ ولا الغرب صورةً طبق الأصل، لا قديماً ولا حديثاً (22).
إضاءات هادية من كلمات أميرالمؤمنين عليه السّلام
• حقُّ الله في العسر: الرضى والصبر. وحقُّه في اليُسْر: الحمد والشكر.
• عجِبتُ لأقوامٍ يحتمون الطعام مخافةَ الأذى.. كيف لا يحتمون الذنوب مخافةَ النار! وعجبتُ ممّن يشتري المماليك بماله.. كيف لا يشتري الأحرار بمعروفه فيملكهم!
• العامل بالظلم، والمعين عليه، والراضي به.. شركاء ثلاثة.
• لا يَجدُ عبدٌ طعمَ الإيمان حتّى يترك الكذب: هزلَه وجِدَّه.
• أهلَكَ الناسَ اثنان: خوفُ الفقر، وطلب الفخر.
• إيّاكم وحبَّ الدنيا؛ فإنّها رأس كلّ خطيئة، وباب كلّ بليّة، وقِران كلّ فتنة، وداعي كلّ رزيّة.
• تركُ الخطيئة أيسر مِن طلب التوبة. وكم من شهوة ساعةٍ قد أورثَتْ حزناً طويلاً!
• مَن خاف القصاص، كفَّ عن ظلم الناس.
• ثلاثٌ.. مَن حافظ عليها سعد: إذا ظهرَتْ عليك نعمةٌ فاحمدِ الله، وإذا أبطأ عنك الرزقُ فاستغفرِ الله، وإذا أصابتك شدّةٌ فأكثِرْ من قول « لا حَولَ ولا قوّةَ إلاّ بالله ».
• الصبر ثلاثة: الصبرُ على المصيبة، والصبر على الطاعة، والصبر عن المعصية.
• اتّقوا الله؛ فإنّ الصبر على التقوى أهونُ من الصبر على عذاب الله.
• طُوبى لمَن يألفُ الناسَ ويألفونه على طاعة الله.
• قيمةُ كلّ امرئٍ ما يُحسنه.
• مَن زار أخاه المسلم في الله، ناداه الله: أيّها الزائر، طبتَ وطابتْ لك الجنّة. ما قضى مسلمٌ لمسلمٍ حاجَةً إلاّ ناداه الله: علَيَّ ثوابك، ولا أرضى لك بدون الجنّة.
كل عام وانتم بخير ثبتنا الله واياكم على ولاية امير المؤمنين علي عليه السلام