هذا الذي بين يديك أيّها القارئ الكريم، كلمة سماحة الأستاذ بناهيان في تجمّع «مدافعي الحرم» التاسع حيث ألقاه في طهران في ساحة الإمام الحسين(ع) وفي مساء يوم استشهاد أمير المؤمنين عليه السلام في رمضان 1435ق.
لقد حان اليوم وقت امتحان صدقنا/ فلينزل إلى الميدان كل من لطم على الحسين(ع)
قبل سنوات وقبل أن تهبّ موجة الفتن الجديدة على المسلمين والمؤمنين المظلومين في هذه المنطقة، أوقف عدد من هؤلاء التكفيريين وأيادي الصهاينة والأنظمة الاستكبارية حافلة في العراق، ثم بدأوا يفرزون من كان اسمه أحد أسماء أهل البيت(ع) من خلال كشف الهويّات، فأفرزوا عشرة شباب من محبّي أهل البيت(ع)، ثم هددوهم وقالوا: إن لم تسبّوا عليّا، نذبحكم فورا، ولكن قاوم الشباب العشرة.
فعمد التكفيريّون على الشابّ الأول وذبحوه. ثم خاطبوا التسعة الباقين وقالوا: إن لم تسبّوا عليّا نذبحكم أيضا. وكان قد نزل عوائلهم ونساؤهم وأولادهم من الحافلة وكانوا يشاهدون المنظر. فبدأوا يذبحون هؤلاء الشباب فردا فردا بمرأى أهلهم، فعندما وصلوا إلى الأخير، قالوا له: انظر إلى أجساد أصحابك واعلم بأنا سنذبحك قطعا ولا نمازحك أبدا، ولكن حسبك أن تسبّ علي بن أبي طالب(ع) لتنجو. ولعله لو كان قد تظاهر بالسبّ لما كتب عليه إثم، كما أنقذ عمّار بن ياسر نفسه وتظاهر بالكفر تقيّةً. ولكن أبى هذا الشابّ أن ينطق بما أرادوا منه وتأسّى بميثم التمّار فذبحوه.
في تلك الأيّام قال المرجع الأعلى في العراق سماحة السيد السيستاني حفظه الله: بعد ما يسمع الإنسان بهذا الحدث، لا يدري أيفرح أم يحزن؟ هل يفرح لأن أمير المؤمنين(ع) له مثل هؤلاء الموالين والشيعة بعد مضي 1400 سنة، أم يحزن على وجود مثل هذه المصائب؟
أيّها الشباب الذين تلطمون وتبكون على أمير المؤمنين(ع)! يبدو أن قد حان اليوم وقت امتحان صدقنا. فلينزل إلى الميدان كل من لطم على الحسين(ع). قال الله سبحانه: (أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ یُتْرَکُوا أَنْ یَقُولُوا آمَنَّا وَ هُمْ لا یُفْتَنُون)[العنكبوت/2] كم قد لطمنا على الإمام الحسين(ع) في الهيئات؟ كم قد بكينا على فاطمة الزهراء(س)؟ وكم قد صرخنا على ظلامة أمير المؤمنين(ع)؟ فقد حان اليوم وقت الامتحان.
لقد انكشف في امتحان الدفاع المقدّس، أن بعض الناس لم يكونوا يلطمون حقيقةً
في أيام الدفاع المقدّس حيث كان قد حان وقت امتحان من هذا القبيل، واستنفروا كل من كان يرجو الالتحاق بركب كربلاء أن يذهب إلى الجبهات، انكشف أن بعض الناس لم يكونوا يلطمون حقيقة، وليس لهم فائدة سوى أن يحضروا في الهيئات ويحمّسوها. واتّضح أن وقوف بعض الناس في صفوف صلاة الجماعة لم يكن حقيقيّا. وتبيّن أن الله لم يتقبل تلاوة بعض الناس للقرآن. طبعا لم يتحدث أحد عن هؤلاء الناس في هذا البلد، وكذلك أنا فلست بصدد الحديث عن هؤلاء الخاسرين في امتحان الدفاع المقدّس. من محاسن مجتمعنا هو أنّ المجاهدين الأبطال الذين دافعوا عن أبي عبد الله الحسين(ع) على مستوى العمل، نقلوا هيئاتهم وراياتهم السود إلى الخنادق وجسّدوا لطمهم بالجهاد وقمع الأعداء. فقُتِلوا على يد الأعداء وقتلوا الأعداء وصنعوا هذا الفخر والشرف.
أمّا اليوم وفي هذه الساحة فنحن بين يدي عدد من هؤلاء الشهداء الأعزاء الذين منحونا هذا الفخر والشرف.
لم يعد الإيمان وحبّ أهل البيت(ع) مجانيا/ اليوم محبّو أمير المؤمنين(ع) أمام ثلاثة امتحانات
يا محبّي أمير المؤمنين(ع) ومقيمي العزاء عليه! قولوا لجميع أهل المواكب والهيئات: إنه لم يعد الإيمان وحبّ أهل البيت(ع) مجّانيّا، فإنّه قد يستوجب بذل النفس تارة، وبذل المال تارة أخرى والبصيرة في مواقف أخرى. واليوم محبّو أمير المؤمنين(ع) أمام ثلاثة امتحانات؛ أحد هذه الامتحانات تأتي من جانب أعداء محبّي أمير المؤمنين(ع) الذين يحزّون رؤوسهم. إن هؤلاء من أجبن الناس ولكنّهم يصوّرون أنفسهم شجعانا، فيطلقون الرصاص على النساء والأطفال العزّل لكي يلقوا الرعب في المجتمع.
يتبع إن شاء الله...