زواج الصابئة: طقوس لم تتغير منذ آلاف السنين
زواج الصابئة: طقوس لم تتغير منذ آلاف السنين لم تتغير طقوس الزواج لدى الصابئة المندانيين منذ أن تزوج شيشلام ربا (العنصر الذكري الأول) من أزلات ربتي (العنصر الأنثوي الأول) واللذان انبعثا من العين والنخلة، أي منذ آلاف السنوات·
لقد اتحد الاثنان بعد أن تطهرا بماء العين وسكنا على ضفافه· من هذا الزواج المقدس أصبح الزواج مقدساً لدى الصابئة المندانيين الذين يسمونه الطقس المحبوب· وبلغتهم المندانية المتفرعة من الآرامية يسمونه “قابين اد شيشلام ربا”·
وتجرى المراسيم الدينية عادة يوم الأحد وفي المندي (معبد المندائنيين) الذي يشيد دائماً على ضفة نهر أو ماء جار، فالماء الجاري يدخل في معظم الطقوس الدينية لديهم، وخصوصاً في التعميد حين الدخول إلى الدين وعند الزواج طلباً للطهارة والمغفرة· وهناك حوض في المندي للمراسيم التي تجرى في الشتاء·
في البداية يصطبغ العريس والعروس· وتتم الصباغة بالغطس في الماء لثلاث مرات بعد ارتداء الملابس الدينية (الرستا) وتتكون من خمس قطع· ويقول الشيخ ماجد داخل ناصر، عضو هيئة تحرير مجلة آفاق مندانية، بعد الصباغة، يجتمع رجال الدين في بيت القصب (الاندرونا) ويتم التأكد من ملابس العريس الدينية ويوضع السكين دولاً في يده ويمسك رجل الدين الذي يقوم بعقد الزواج بنصيفته·
وتوضع ملابس العروسين الاعتيادية في سلتين يحملهما اثنان من الأطفال الذكور ويذهبان بهما إلى غرفة العروس التي ارتدت الملابس الدينية وجلست داخل الكنة (الناموسية) المنصوبة في الغرفة لحجبها عن الأعين·
ويعود رجل الدين العاقد مع العريس، الذي يكون على يساره، إلى الاندرونا ويأمر أحد رجال الدين المشاركين في عقد الزواج أن يذهب إلى غرفة العروس ويعطيها محبسين بحجرين أحمر وأخضر وعنبا وجوزا، ويذهب رجل الدين المكلف ويتفقد ملابس العروس الدينية و”يطمش” يديها بالماء لتأكل وتشرب، ويقرأ على رأسها بعض “البوث” الدينية· ويعود إلى الاندرونا ويقول لرجل الدين العاقد بأن كل شيء قد تم على أحسن ما يرام· ويدخل والآخرين إلى الاندرونا ليقول رجل الدين العاقد للجميع: لقد قمنا بعملنا ووضعنا العروس في مكانها وتفقدنا ملابسها و”طمشنا” يديها وألبسناها المحبسين الأحمر في اليمين والأخضر في اليسار وأعطيناها أكلاً وشرباً وقرأنا على رأسها “البوث” الدينية بكل اهتمام واحتراس· ليرد عليه الجميع: استمر مغفورة خطاياك·
وتكسر أول تنكة (قلة) على قطعة الصلصال الموضوعة قرب باب الاندرونا· والغرض من الكسر هو إعلان عن انتهاء حياة العزوبية وانكسار القيود التي فرضتها وطرد الشر· ويعود الجميع إلى الاندرونا ويجلسون حول طربانة كبيرة وضعت فيها تسعة أسرار (تسعة أنواع من الطعام المقدس) وتهيأ (الهمرا) من الماء والعنب ويجب أن تكون حديثة وغير مختمرة·
وتبدأ مراسيم العقد والسؤال والإيجاب، ويطلب رجل الدين العاقد من العريس أن لا يحيد عن عهده وأن لا يغير كلمته ويعيش معها بسلام دون تنكيل أو خيانة وسيكون شاهداً على هذا العهد الحي والملكي والأثري (الرب) ورجال الدين والمندانيون المجتمعون·
ثم يقبل العريس ورجل الدين الذي يقوم بدور أبي العروس أيديهم ويتصافحون ثلاث مرت· ويجلس العريس و”يطمش” يده مع رجل الدين العاقد ويقطع الخبز ويعمل لقمة من الطعام المقدس للعريس ويأخذ الأب بيمينه لقمة متساوية للعروس ويوزع المتبقي من الطعام على الموجودين وتوهب لأم العروس ثلاث فطائر وثلاث قطع نقدية فضية جزاء تربيتها لابنتها·
وتغسل الأيدي وتعطر لعمل إكليلين وتجلب الملابس الاعتيادية إلى الأندرونا وتقرأ عليها “البوثات” الدينية ويحزم العريس بوشاح أخضر يعطيه للعروس كخمار بعد انتهاء المراسيم·
يجلس العريس ويوضع الاكليل على رأسه ويشرب سبع مرات من “الهمرا” مع قراءة الترتيل· ويقف ومعه رجل الدين والعاقد للذهاب إلى غرفة العروس وعند باب غرفتها تكسر التنكة الثانية إعلاناً عن التحام روحي العروسين بالرباط الزوجي· ويدخلون إلى الغرفة ويجلس العريس خلف الكنة وظهره إلى العروس ويضع رجل الدين الإكليل على رأس العروس ويستمر بالقراءة ويمس رأسيهما ثلاث مرات وتسقى العروس كأساً من الهمرا وينثر الورد عليهما· ويقوم العريس ويذهب مع رجل الدين إلى الأندرونا وتستمر قراءة التراتيل وبعد اكمالها يؤخذ العريس إلى غرفة العروس ليتبادلا العهد (الكشطا) وتنتهي مراسيم الزواج·