تعتبر الهوية بالنسبة لأي فرد في هذا العالم دليل وجود اعتباري يمكنه من الدخول في جميع تفاصيل الحياة وينقله من واقع النكرة الغير معرف الى واقع التمثيل الحقيقي في دنيا الوجود .. ولن تجد شعباً من بين شعوب الدنيا تهاون في التمسك بهويته الا وكان مصيره الخمول والاضمحلال حتى يفضي امره الى تلاشي من خارطة التأثير الانساني ..
يقول احد المفكرين الشيعة المعاصرين ..وهو اية الله العظمى السيد محمد تقي المدرسي في مقدمة كتابه المنطق الاسلامي اصوله ومناهجه,, (( اذا تخلت الامة عن شخصيتها فلا يبقى بينها وبين فنائها سوى خطوة واحدة )) ..
والامثلة على ذلك كثيرة اهمها التأريخ الطويل الذي شغلته الامة الاسلامية لمدة قرون حيث كانت اقوى امم الارض قاطبة ولفترات طويلة الى ان آل امرها الى الشتات والتشرذم عندما تبين ان الانتشار الاسلامي الذي بني على القتل والتوسع الاستعماري القسري لم يكن من اجل نشر الاسلام المحمدي الاصيل بقدر ما كان مجرد عمليات غزو لأستعمار الشعوب واستنزاف خيراتها لصالح الطبقة الحاكمة في السلطة التي كانت تتنعم بالثروات الهائلة والجواري والغلمان والنفائس التي تجبى من الامم المستعمرة ..
دون الالتفات الى محاولة نشر فكر اسلامي صحيح يخرج الناس من الظلمات الى النور بأذن ربهم ويعلمهم الكتاب والحكمة ..
ولما كان الاسلام كدين هو عبارة عن منظومة من القيم فلم يستطع المسلمون الذين غزوا امم الارض من المزاوجة ما بين مفهوم القيم الاسلامية ومفهوم التسلط والتجبر وسلب الثروات والاعتداء على الحريات بل لم يستطع الغزاة المسلمين ان يجدوا اي اعتبار لمفهوم الانسانية في اذهانهم فيتعاملوا به مع شعوب الارض المستعمرة .. وحيث ان الامة الاسلامية قد ربطت جميع توجهاتها واهدافها وافكارها بدائرة السلطة الحاكمة سواء كانت اموية مجرمة معاهرة ام عباسية دموية فاجرة ,, فقد ادى ذلك الى ذوبان الشخصية الاسلامية الحقيقية بالشخصية الحاكمة المتسلطة بالسوط والسيف ..
والمشكلة في يومنا هذا نجد انفسنا شيعة العراق نتنازل بسبب وبدون سبب عن جميع مقومات هويتنا الشيعية لصالح مخاوفنا واوهامنا ,,
فأذا ما طرح حديث عن ضرورة الاعتزاز بالهوية الشيعية والتصدي ولو اعلامياً لهجمات الاعراب الانتحارية وغير الانتحارية وسط ابنائنا ومدننا المقدسة و شوارعنا واسواقنا الشعبية ,, ثارت ثائرة الكثيرين من الذي اصيبوا بفوبيا الفتنة وكأن احداً قد استنفرهم لحرب دبابات ,, فيملأون الدنيا ضجيجا ,, "لانريد حرباً لانريد قتالاً كفانا قتلاً ",,
سبحان الله ومتى كنتم اهل سيف ورجالات قتال و قادة حرب حتى يدعوكم احد للجهاد ,,
فلكل مقام مقال ولكل موقف رجال
وجُلُ ما تُدعَون اليه هو ان تحتفظوا بعناوينكم كشيعة لا اكثر ولا اقل ولا تبقوا تجترون ما يلفظه البعثيون والقوميون والوهابية واهليكم السنة من اجوافهم الخاوية من شعارات يضحكون بها على اذقان السذج من بينكم ليمتصوا نقمتكم المرافقة لما بعد الثواني الاولى من كل اعتداء ينزل بساحة الضحايا من بني جلدتكم ثم يتلاشى عند موائد التعازي التي تقام على ارواح المغدورين ..
متى نتحسس وجودنا بين شعوب المنطقة التي تحيط بنا ,, متى نسأل انفسنا لماذا هذا التعتيم العالمي على جرائم المجرمين بحق ابنائنا ..
ثم لنسأل ضمائرنا ,, اذا لم يكن ما نحن فيه من قتل جماعي يومي فتنة وحرب طائفية فمتى تكون الفتنة ,,وكيف هو شكلها,,
ارجو من الاخوة المتذمرين من بوادر الفتنة والمتسترين بالصبر والتصبر نيابة عن الضحايا وذويهم ان لا يتصبروا نيابة عن اليتامى والارامل والثكالى ,, وان لايرتجفوا خوفا من حرب اهلية فلم يدعهم احد لان يكونوا جنودا بل غاية المطلوب منهم ان يقولوا نحن شيعة ولن نتنازل عن تشيعنا ,, وليتأكدوا ان ما هم خائفين منه حد المرض من فتنة طائفية وقتل لهو قادم اليهم وطارق ابوابهم كما هو يطرق ابواب اخوانهم في التشيع كل يوم بل وكل ساعة
منقول من كتابات أخي وصديقي محامي ..