تتوالى الأيام حاملة معها أحداثا لا تعد و لا تحصى، ننسى بعضها و نرسخ البعض الآخر بعناد..

نتذكر و جوها و نمحي أخرى بإصرار.. نرسم بسمة في بعض الأيام و نحفر حزنا في بعضها الآخر..
و بعضها لا نفعل شيئا سوى النظر إلى الأفق فاغرين فاها كالأبله، و جاحظين عيونا كالسائر وسط الظلام..
لربما اندهاشنا بأحداثها هو ما يضعنا في ذلك الموقف، أو ربما عدم تصديقنا أن أمانينا القديمة و صلواتنا الملـِحّة و رغباتنا المنسية قد تحققت أخيرا،
لكنها تحققت في وقت لم نعد فيه بحاجة إليها و لم يعد ظهورها أمرا ضروريا لإنقاذنا.. لأنها و ببساطة قد ماتت، و انتهت مدة صلاحيتها..
و مع ذلك لا تزال تؤثر علينا بظهورها فتجعلنا نرتجف و نرتبك و نشعر برغبة عارمة في البكاء،
ثم نتصلب و نجمّد أحاسيسنا التي كانت على وشك الصراخ، و نتجاوز تلك الأمنية المحققة تجاوزا باردا لا يمت للماضي بصلة.. تاركين إياها خلفنا منتظرة عودتنا لتشعر أنها المنتصرة،
لكنها تذوي شيئا فشيئا و تبقى مكانها غير مدركة لما يحدث، و غير مصدقة أن نفس القلب الذي بكى لاسترجاعها و سهر داعيا لعودتها و أحرق نفسه في سبيل رؤيتها، يغادرها الآن بكل بساطة و برود..
لكنها لا تعلم أن بعض الأمور في هذه الدنيا هي تماما كالموت و الحياة.. لا تحتمل التأخير و لا الانتظار.