بالعودة إلى التاريخ القديم، نجد أن بعض القوات المقاتلة الأكثر رعبا في العالم كانت تلك المجموعات من المحاربين الذين يعملون لحسابهم الخاص دون الارتباط بأية دولة أو ملك . وكان العديد من هؤلاء الجنود المأجورين يحظون باحترام أكثر قليلا من القتلة الذين يقدمون مهاراتهم لمن يدفع مالا أكثر متنقلين من طرف إلى آخر لا يربطهم ولاء ولا إخلاص. ولكن كان هناك من بينهم من يعمل وفق قواعد شرف صارمة وتسلسل قيادي متطور كما هو لدى أهم الجيوش الوطنية. هم طبعا من نعرفهم باسم المرتزقة. أحد هذه الجيوش المشهورة عبر التاريخ هو الحرس السويسري.
الحرس السويسري معروف اليوم كحماة للبابا في الفاتيكان، ولكن تاريخهم يعود إلى عصابات مرتزقة ازدهرت خلال عصر النهضة. فقد قاتل أكثر من مليون من المغامرين السويسريين في جيوش أوروبا بين القرنين الخامس عشر والتاسع عشر. وكانت هذه القوات الأولى بين الجنود الأوروبيين التي أتقنت استخدام الحراب والفؤوس ضد خصوم مدرعين بقوة، وبحلول ال1400 ، أكسبتهم أساليبهم الثورية وقسوتهم سمعة كأفضل جيوش يمكن للمال شراؤها. وكثيرا ما عمل المرتزقة السويسريون للفرنسيين، وحاربوا وماتوا بأعداد كبيرة أثناء الثورة الفرنسية. عام 1506 بدأت مفرزة صغيرة من 150 جندي سويسري مرتزق تخدم في وحدة الحراسة البابوية ، واستمرت الوحدة كحراس رسميين للفاتيكان حتى بعد أن حظرت سويسرا مواطنيها من العمل كمرتزقة.
لا يزالون حتى اليوم يرتدون زيهم الملون الزاهي الذي يعود إلى عصر النهضة. ويشترط من الحرس السويسري اليوم أن يكون من الروم الكاثوليك، وألا يقل طوله عن 5 أقدام و 6 بوصات، وأن يكون لديه خبرة عسكرية. دورهم حاليا احتفالي معظم الأحيان ، ولكن في الماضي كان عليهم القتال لحماية البابا. فخلال هجوم واحد على روما في عام 1527، قتل ما يقرب من أربعة أخماس الحرس السويسري خلال دفاعه عن البابا كليمنت السابع للحؤول دون إلقاء القبض عليه.
منقول