رخيص جداًالوسط.
نحتاج الى بذل جهد إستثنائي حتى نستطيع أن نقنع القادة السياسيين والأمنيين على أن لدم العراقيين قيمة، فهو إنسان مثل غيره يحق له الحياة. فحتى الآن لا يقنع المسؤول الأمني ولا القائد السياسي بهذه الحقيقة البسيطة.
المسؤول الأمني يتعامل مع الدم العراقي بمعيار خاص به، لا علاقة له بالقيم المهنية والإنسانية، هذا ما نسمعه من خلال تصريحاتهم وهم يتحدثون عن الهجمات الإرهابية التي ضربت بغداد، فيكررون عبارة أن الهجمات لم تحقق أهدافها.. عبارة تجرح المشاعر بعمق، لأنها تعني أن الضحايا لا قيمة لهم، وكأنهم أحجار على الطريق تبعثرت بفعل عابث.
إن هدف الإرهابي هو قتل الأبرياء وها هو يحقق هدفه، بينما لا يقنع المتحدث باسم عمليات بغداد وغيره بذلك، ويصرون على أن لا قيمة لدم الإنسان العراقي، (فالتفجيرات لم تحقق أهدافها)، كما يقولون.
والى جانب المسؤول الأمني، يقف قادة الكتل بعيداً عن دائرة المسؤولية، إنهم يجلسون هناك بعيداً عن هذا الكائن المنبوذ الذي يحمل جنسية العراق ويسمى (المواطن)، فيتجادلون عن بعد في قضية أخرى هي المكاسب والامتيازات، وقد آمنوا إيماناً راسخاً لا يزعزه شك ولا ريب، بأن هذا المواطن لم تعد له أهمية، لقد إنتهى دوره يوم ألقى صوته في صندوق الإقتراع وانتهى أمره.
يحتاج قادة الكتل الى جهد إستثنائي لكي يتثقفوا على معنى الأزمة والخطر والاحتمالات الطارئة، ففي أزمة مثل التي يشهدها العراق، يتحدثون وكما قال مسؤول كبير، بأننا نحتاج الى حوار بين الكتل للإتفاق على عقد إجتماع سياسي لحل هذه الأزمة. ومثله يقول الآخرون من الكتل الأخرى، فلا أهمية للوقت، ولا إستيعاب لمعنى الأزمة وما يمكن أن يتفرع منها من تداعيات مفاجئة.
سيحتاج المواطن العراقي لزمن طويل حتى يصل القادة الى مستوى معرفة الحقائق البسيطة، وحتى ذلك الحين، عليه أن يتقبل فكرة أن دمه رخيص جداً.