تُعرف مدينة سيراكوزا الإيطالية على خريطة السياحة العالمية باسم "مدينة العجائب"، وهي تقع في جزيرة صقلية وتشتهر بالثقافة والتاريخ، وتستقطب أعداداً غفيرة من السياح بفضل تمتعها بشواطئ خلابة،
وينعم السياح فيها بالهدوء والاسترخاء تحت الشمس الساطعة والسماء الزرقاء، بالإضافة إلى أنها تزخر بالكنوز اليونانية القديمة المغلفة بالطابع الإيطالي.
وتشتهر البلدة القديمة في مدينة سيراكوزا بالكثير من الأزقة والحارات الضيقة في جزيرة أورتيغيا؛ حيث تصطف المنازل الصغيرة بجوار بعضها البعض، ولا يفصل بينها سوى مسافات قصيرة للغاية،
بحيث تكفي نظرة بسيطة من النافذة للتعرف على مكونات العشاء لدى الجيران. وبسبب هذا التقارب المكاني فإن سكان المدينة يعرفون بعضهم البعض جيداً، وكثيراً ما يتجاذبون أطراف الحديث أثناء مقابلتهم السريعة في الطرقات.
وتمتاز جزيرة أورتيغيا، التي تقع بين الأسوار الضخمة لقلعة مانياتشي في الجنوب وحوضي الميناء في الشمال، بطابع الحياة الإيطالية المحاطة بأجواء العراقة القديمة، وهذه الأجواء تناسب عروض الأوبرا أو تقديم عروض الدراما القديمة.
وكانت مدينة سيراكوزا واحدة من أهم المدن اليونانية؛ حيث عاش بها الروائي المسرحي التراجيدي أسخيليوس، والذي يتم تقديمه أعماله أجاممنون وكيفوري والمهذبون على خشبة المسرح.
كما عاش بها المخترع أرخميدس، عالم الرياضيات اليوناني الشهير، حتى أن الفيلسوف أفلاطون قام بتدريس أفكاره للفلاسفة الشباب في هذه المدينة.
أذن ديونيسوس
ويمكن للسياح مشاهدة الآثار والمباني التاريخية التي تدل على عظمة التاريخ القديم في جميع أرجاء المدينة، فإلى جانب المسرح اليوناني يوجد في منطقة باركو أركيولوجيكو ديلا نابولي مذبح "هيرون الثاني"،
والذي كان يتم عليه في أيام الأعياد ذبح ما يصل إلى 450 حيواناً، وكذلك المسرح المدرج، والمحجر الذي يشتهر بوجود "أذن ديونيسوس"،
حيث قام الطاغية ديونيسوس بإنشاء كهف صناعي بطول 60 متراً وارتفاع يزيد على 20 متراً، كي يتمكن من التصنت على أعدائه. ويبدو التصفيق البسيط باليد في هذا النفق وكأنه إطلاق نار من مسدس.
وتزخر البلدة القديمة في مدينة سيراكوزا بالكثير من الكنوز السياحية، ومنها على سبيل المثال الكاتدرائية المشيدة على طراز الباروك وقلعة مانياتشي وكذلك ينابيع فونتي أريتوسا، التي تتدفق منها المياه العذبة على بُعد أمتار قليلة من الشواطئ المالحة للبحر المتوسط،
وينمو في هذا الينابيع نبات البردي، وتجدر الإشارة إلى أنه ينمو في جزيرة صقلية الإيطالية الأنواع البرية الوحيدة من هذا النبات في أوروبا.
ويعتبر الشاطئ هو القسم الصخري بطول 50 متراً تقريباً أسفل أسوار المدينة الرائعة على الجانب الشرقي لجزيرة أورتيغيا بالقرب من القلعة. وفي السابق كان يتم استخدام هذا المكان للتخلص من حطام ومخلفات المنازل المُهدمة،
أما الآن فإنه يعتبر ملتقى السكان المحليين والسياح بعد منتصف الظهيرة للاستمتاع بالتبريد السريع وأخذ حمام شمس قصير. ولا تزال شظايا الحصى والأحجار المنتشرة تشير إلى الماضي الكئيب لهذا الشاطئ.
وعلى مسافة قريبة من هذا الموقع باتجاه الشمال توجد صخرة كبيرة ومنصة استحمام مرتفعة، توفر للسياح فرصة أفضل للاستمتاع بحمام الشمس في مدينة سيراكوزا، ويلجأ السياح إلى هذا المكان بعد القيام بجولة في السوق اليومي بالقرب من الجسر المؤدي إلى المدينة الجديدة.
ويمكن للسياح في هذا المكان مشاهدة الغواصين الذين يبحثون عن قنفذ البحر أثناء عملهم، وبعد ذلك يقومون بعرض ما يتم جمعه من البحر في أواني بلاستيكية بيضاء في السوق القريب منهم.
ويمكن للسياح الاستمتاع بمشاهدة السماء الصافية الزرقاء واستنشاق الهواء المالح، قبل العودة مرة أخرى للتجول في متاهة الشوارع وزيارة الساحات والكنائس والقصور، وتفوح بين أرجاء المدينة رائحة السمك المشوي والزعتر.