منذ أن أقر البرلمان التركي مشروع قرار يجيز للجيش شن عمليات ضد تنظيم "داعش " في كل من سوريا والعراق لم تتوقف ردود الفعل سواء في اتجاه الرفض والاعتراض أو القبول والتأييد ، وقد بادرت دمشق بالاعتراض الشديد على الخطوة عبر رسالتين أرسلت بهما الخارجية السورية إلى كل من الأمين العام للأمم المتحدة، ورئيس مجلس الأمن وجاء فيهما أن " النهج المعلن للحكومة التركية يشكل انتهاكا سافرا لميثاق الأمم المتحدة الذي ينص على احترام السيادة الوطنية للدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية كما يشكل عدوانا موصوفا على دولة هي عضو مؤسس في منظمة الأمم المتحدة"
وأشارت الخارجية السورية إلى أن على المجتمع الدولي وبشكل خاص مجلس الأمن، التحرك لوضع حد لمغامرات القيادة التركية التي تشكل تهديدا للأمن والسلم الإقليمي والدولي على حد قولها.
من جانبه حذر وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف الخميس أنقرة من زيادة تفاقم الوضع في الشرق الأوسط في حال التدخل عسكريا في سوريا والعراق، وقالت وكالة الأنباء الإيرانية إن ظريف انتقد في محادثة هاتفية مع نظيره التركي "مولود جاوش أوغلو" الوسيلة المختارة في مكافحة الإرهاب معربا عن قلقه من أي عمل يزيد من تفاقم لوضع.
وعلى نفس الخط رفض الرئيس العراقي حيدر العبادي في حوار مع البي بي سي أي تدخل عسكري تركي في الأراضي العراقية في حين طالب نوري المالكي نائب الرئيس تركيا بالتراجع عن قرار إرسال قوات برية إلى العراق مذكرا أنقره في بيان له بضرورة الاحتفاظ بعلاقة الاحترام المتبادل للسيادة الوطنية ، وداعيا البرلمان التركي إلى "التراجع عن قرار إرسال قوات برية إلى العراق لأنه تجاوز غير مبرر على حرمة وسيادة الأراضي العراقية".
على الجانب الآخر رحبت واشنطن وباريس بتصويت البرلمان التركي لصالح السماح بتدخل الجيش لمواجهة تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا ، وأشاد وزير الدفاع الأميركي تشاك هيغل بتصويت البرلمان التركي ووصفه بـ"التطور الإيجابي جدا"، في حين وصف وزير الدفاع الفرنسي " جان إيف لودريان" القرار بـ"الخبر الإيجابي جدا"، مشيرا إلى أن مجمل الدول المجاورة (لسوريا والعراق) تعد الآن ضمن التحالف الدولي.
وتعكس ردود الفعل المتباينة قلقا واضحا لدى عدة دول من دول الإقليم لكل منها مخاوفه التي بدت واضحة في التقارير الإخبارية الصادرة منها ،لكن معظم المخاوف لدى كل من دمشق والعراق تتلخص في استخدام أنقره تقدم داعش في مدينة "عين العرب" الواقعة على الحدود التركية السورية كشماعة للتدخل لإسقاط النظام السوري وتعزيز نفوذها الإقليمي في المنطقة بما يخدم مصالحها في حين لا يبدو الاعتراض الإيراني غريبا في ظل تحالفه مع الحكم في كل من سوريا والعراق.
وكان رئيس الوزراء التركي أحمد داوود أوغلو قد قال إن بلاده "ستبذل كل ما بوسعها" لمنع مقاتلي تنظيم الدولة من السيطرة على مدينة عين العرب، في حين يؤكد المؤيدون لقرار البرلمان التركي داخل تركيا أن القرار أملته الظروف المحيطة بتركيا،والمتمثلة اساسا في التهديد الذي يمثله تنظيم داعش مشيرين إلى التهديدات الصادرة عن التنظيم بمهاجمة القوات التركية المرابطة عند ضريح سليمان شاه جد مؤسس الدولة العثمانية والموجود داخل الأراضي السورية، ويضيف المؤيدون لذلك المخاوف من استخدام واشنطن للأكراد في إطار حرب التحالف ضد "داعش" مما قد يقوي من شوكتهم ضد تركيا .
وكانت أحزاب ووسائل إعلام معارضة في تركيا قد هاجمت قرار البرلمان التركي واصفة إياه بأنه يمثل اعلانا للحرب كما رفضت كتلة حزب الشعب الجمهوري التركي المعارض التصويت على القرار عند عرضه إلا أن ذلك لم يمنعه من الصدور باعتبار أن حزب العدالة والتنمية الحاكم وحلفاءه يمثلون الأغلبية في البرلمان التركي
http://www.bbc.co.uk/arabic/interact...cid=socialflow