من خلال كتاب المعجب في تلخيص أخبار المغرب
المؤلف : المراكشي
يقول:
وهذه المدينة أعني قرطاجة هي كانت حاضرة إفريقية أيام الروم وهي مدينة عظيمة ظهر فيها من قوتهم وشدة طاعة رعيتهم لهم وفرط ما يعجب منه من تأمله ويعتبر فيه من وقف عليه وذلك أنهم جلبوا إليها المياه من بعد شديد وتحيلوا على ذلك بغرائب من الحيل يعجز عن أيسرها جميع من في هذا العصر وكانوا يضاهرن بها مدينة القسطنطينة العظمى المنسوبة إلى قسطنطين بن هيلان ملك الإفرنج ثم لما افتتح المسلمون إفريقية في أيام عثمان بن عفان رضي الله عنه خربوا هذه المدينة المذكورة واتخذوا مدينة القيروان دار ملكهم ومقر ولاتهم ومجتمع جندهم ومركز جيوشهم وأسسوا على ساحل البحر مدينة تونس المذكورة وكان هناك قبل ذلك دير معظم عند الروم يزورونه من أقاصي بلادهم فهدمه المسلمون وبنوه مسجداً وسموا المدينة تونس باسم الراهب الذي كان في ذلك الدير فما زالت تونس معمورة إلى وقتنا هذا. ولما خربت مدينة القيروان على ما سيأتي الإيماء إليه صارت مدينة تونس حاضرة إفريقية ومقر ولاتها وموضع مخاطبة أولي الأمر منها وكل ما بتونس من جيد الرخام وخالص المرمر فمن مدينة قرطاجة المذكورة.