في السنوات القليلة الماضية، ومع انتشار الفضائيات والشبكة العنكبوتية ازداد الأمر وضوحًا، وتصححت مفاهيم كثيرة في أذهان الناس، وإن أردت دليلاً على ذلك فاجلس مع أي مجموعة تقابلك من جيرانك أو أقاربك أو زملائك, وافتح باب النقاش حول موضوع من الموضوعات المطروحة على الساحة مثل سبب تخلف الأمة، أو خطورة دور اليهود، أو الأمراض الاجتماعية المنتشرة في مجتمعنا ، ستسمع بلا شك كلامًا رائعًا، وحلولاً جيدة...
إذن فما هي مشكلتنا؟
المشكلة أن هذا الفهم الجيد لقضايا الأمة لا يتفق في الغالب مع سلوك هؤلاء الأفراد الذين يتحدثون ويشخصون مكامن الداء، فالقول في وادٍ والعمل في وادٍ آخر، والفجوة واضحة بين العلم والعمل، والفكر والسلوك، والفهم والتطبيق...
هناك محاولات تُبذل في هذا الاتجاه، ولكنها في الغالب تعمل على شحذ همة الأفراد بصورة وقتية من خلال الحديث المؤثر الذي يخاطب المشاعر، ويدفع للسلوك فتتحسن أحوال وأفعال الفرد بعد سماعه لهذا الحديث المؤثر، لكنه يعود لسابق عهده بعد انتهاء تأثيره.
ضامن التنفيذ:
إن المعاني الإصلاحية الجيدة والفهم الصحيح لكثير من مسائل الدين التي أصبحت شائعة الآن بين المسلمين – مع أهميتها – إلا أنها لا تكفي وحدها لإحداث التغيير داخل الفرد ومن ثمَّ عودة الأمة إلى الله، بل لابد أن يواكبها وجود ضامن وطريقة تتكفل بتنفيذها.
هذا الضامن إما خارجي أو داخلي.
الضامن الخارجي يكون من خلال التوجيه وشحذ الهمم، وكذلك من خلال قوة المتابعة، وهذا وحده لا يكفي لاستمرارية الفرد في التنفيذ لأنها مرتبطة باستمرار التوجيه والمتابعة في كل وقت، وهذا من المستحيل تحقيقه، ناهيك عن الأداء الشكلي الذي سيصاحب التنفيذ، ومن ثمَّ تظل الفجوة قائمة بين الواجب والواقع...
معنى ذلك أنه لابد أن يكون الضامن الذي يضمن تنفيذ التوجيهات والتوصيات نابعًا من داخل الفرد، دافعًا له دومًا إلى التنفيذ طمعًا في نيل رضا الله ومثوبته
الدافع الذاتي:
إذن فلكي يصبح السر أفضل من العلانية، والأعمال خير من الأقوال..
..لكي نصل إلى مرحلة الانتباه والإيجابية والتلهف للقيام بأي عمل يرضي الله عز وجل, لابد من وجود دافع داخلي وليس خارجيًا.. دافع يدفعنا باستمرار لفعل الصالحات وترك المنكرات..
لابد من وجود قوة روحية تتولد باستمرار داخلنا، تضبط تصرفاتنا، وتحثنا على فعل الخيرات وتطبيق التوصيات التي تُلقى على مسامعنا..
ومما لاشك فيه أن هذه القوة الروحية التي تحول الواجب إلى واقع، وتزيل الفجوة بين العلم والعمل
مجدي الهلالي
كتاب القران سر نهضتنا