يعيش المؤمن واقعاً مريراً في مواجهة الكفر والانحراف، وكأنَّه يقبض على الجمر، ويعرِّض نفسه للاحتراق، فعن ابن مسعود عن رسول الله(ص): "يا ابن مسعود : يأتي على الناس زمانٌ، الصابر على دينه مثل القابض على الجمرة بكفه"
ويضغط الشيطان وأعوانه على المؤمنين بزينتهم من ناحية ، وظلمهم واستبدادهم من ناحية أخرى، ليحرفوهم عن الطاعة لله تعالى، فإذا اعتقد المؤمن بأنه متروكٌ من دون أفقٍ للحل، وأنَّه وحيدٌ في الصمود والمواجهة، فستضعف قدرته أمام الواقع الضاغط، وقد يسقط في الامتحان، أمَّا مع وجود الأمل بالخلاص ، فإنَّ الصمود يقوى ويشتد، فلا يستسلم مهما كانت الصعوبات والضغوطات، وهذا ما يجعله ثابتاً على الإيمان.
هذا الأمل بالخلاص قوة لموقف المؤمن، فما يتأمله مضمون النتائج، واستشراف النصر حقيقة لا محيص عنها، وما يِعِدُهُ به الآخرون لا استقرار له. ما الذي يدعو بعض الناس إلى التنازل عن المبادئ والحق؟ ما الذي يجعلهم لا يثبتون على رأي أو موقف ويتزلزلون أمام الضغوطات والتحديات؟ ما الذي يجعلهم متواطئين مع الظالمين؟ إنَّه ضعف إيمانهم من جهة، وعدم اطمئنانهم إلى إمكانية التغيير نحو الأفضل أو الوصول إلى نتيجة جيدة في نهاية المطاف من جهة أخرى! لكنَّ المتعلق بالمهدي(عج) يجد نفسه باتجاه طريق الخلاص، وما هي إلاَّ عقبات في الطريق، لا يصل إلى نهايتها إلاَّ إذا تجاوزها بثبات وجرأة وصبر، ولذا نراه لا يتراجع عن طاعة الله تعالى، ولا يسلك درب الانحراف والفساد، وهو يتقبَّل المعاناة بسبب التزامه، وقد لا يحقق إلاَّ نزراً يسيراً من أهدافه، لكنَّه يتأمل بالنتائج النهائية، فيثبت على خط الإسلام باطمئنان وفعالية.