بسم الله الرحمن الرحيم
ورد في الحديث الشريف ( لا خير في العيش إلا لرجلين : لمستمع واع ، وعالم ناطق) وورد أيضا ( إذا فسد العالم فسد العالم ) .
ان القيادة في المنظور الشيعي هي قيادة الفقيه المجتهد الواعي الجامع للشرائط في عصر الغيبة و التي ذكر سيدنا الشهيد بعض خصائصها في خطبة ومحاضراته وسوف نلخص تلك الخصائص في نقاط مع التبرك بكلماته (قدس سره) بهذا الشأن .
يشترط السيد الشهيد الصدر الثاني عدة خصائص في القائد او المرجع الديني وبدونها لا يمكن لمتصدي مهما كان شأنه أن يدعي خلافته في القيادة أو المرجعية وبعيدا عن الشروط المذكورة في الرسالة العملية نذكر هذه الخصائص كما كان يراها (قده) وصرح بها :
اولا/ الاجتهاد : يؤكد (قده) على ضرورة الاجتهاد فيهما ( المرجعية والقيادة ) ذكر بهذا الصدد : ( ان التصرف الفردي والاجتماعي بدون اجتهاد شر في الدنيا كما هو شر في الاخرة ) ووصف من يتصدى لقيادة المجتمع بدون اجتهاد بـانه ( ضال مضل) وانه ( انما يتبوأ مقعده من النار اذا فعل ذلك وليس بحجة ولا يجب اطاعته ، حتى لو كان من افضل فضلاء الحوزة مالم يحصل على درجة الاجتهاد ) و( لا فتواه حجة ولا قضاؤه حجة ولا ولايته حجة )[1].
ثانيا/ العدالة الاجتماعية و إنصاف الناس
ثالثا/ ادراك المصالح العامة
رابعا/ التضحية في سبيل الآخرين
خامسا/ بذل النفس والنفيس في سبيل دينه ومذهبه :
يقول (قده) : ( المرجع الجديد وان لم يكن متفقاً مع السيد محمد الصدر بكل التفاصيل الا ان المهم فيه هو الاتجاه نحو العدالة الاجتماعية وانصاف الناس من نفسه وادراك المصالح العامة ، فان وجدتموه شخصاً من هذا القبيل فتمسكوا به ، وإلا فدعوه إلى غيره ، فان الأنانية في المرجعية هي العنصر الغالب مع الاسف جيلا بعد جيل ، وهذا هو المضر حقيقة في الحوزة خاصة وفي المجتمع عامة ، فاتبعوا شخصاً من المجتهدين ليس له مثل هذا الطبع بل له اتجاه التضحية في سبيل الآخرين وبذل النفس والنفيس في سبيل دينه ومذهبه )[2]
سادسا/ الكفاءة والخبرة والقدرة على تنظيم الحوزة والمجتمع .
سابعا/ الإخلاص والتعب على نفسه
ثامنا/ طيبة القلب والورع
يقول (قده) : ( فان الله تعالى مد في عمري وبقيت عدة سنوات اخرى فيوجد بالتأكيد هناك من طلابي وممن أتوخى منهم الإخلاص والتعب على نفسه والاجتهاد يحصل هناك عدة مجتهدين بعون الله سبحانه وتعالى ، جملة منهم نستطيع أن نقول طيب القلب وخبير وورع )[3]
تاسعا/ بالإضافة للزاهد والابتعاد عن المطامع الدنيوية ..
هذه بعض الصفات التي أشار إليها (قده) في الفقيه القائد . أما التبجح في قول السيد الشهيد بإتباع ( قيادة لا تمثل التقليد بعنوان الوكالة او باي عنوان أخر _ ويوحون الى قيادة السيد مقتدى بذلك!!_ ) والذي اقتبس من كلام شهيدنا الصدر في حواره الرابع ، وطبع في ملصق مع صورة للسيد مقتدى ووزع باشراف قادة التيار الصدري الجدد فهو تحريف لمعنى كلام شهيدنا الخالد (قده) ونقول ونرد على هذا الكلام ان من يرجع للنص الكامل لهذا اللقاء يجد ان السيد الشهيد نصح بالرجوع إلى ثلاث واجهات دينية وهي :
المجتهد الاعلم ( حسب رأيه ) السيد كاظم الحائري وفي حال كونه لا يتيسر له النظر في قضايا الشعب العراقي نصح بالرجوع الى قيادة لا تمثل التقليد بعنوان الوكالة او باي عنوان اخر وايضا اشترط فيها الاجتهاد حيث ذكر (قده) : ( فان الله تعالى مد في عمري وبقيت عدة سنوات فيوجد بالتأكيد هناك من طلابي وممن اتوخى منهم الاخلاص والتعب على نفسه والاجتهاد يحصل هناك عدة مجتهدين .. جملة منهم نستطيع ان نقول طيب القلب وخبير وورع .. قابل لان تحول عليه القيادة الحوزوية ... ولكن اذا صادف والله العالم اني زلت عن الساحة بزمن سريع فحينئذٍ نحتاج الى قيادة توجيهية حوزوية ودينية لاجل المجتمع ... انا نصحت وان كان الى الان لم تفحص المسألة بدقة ولكنني اجد ان اطيب المجتهدين قلباً من الموجودين هو الشيخ محمد اسحاق الفياض ) أهـ.
ولو دققنا عبارات السيد الشهيد لنكشف الحق وبانت الحقيقة فالسيد أشار الى السيد الحائري وهو ( مجتهد ) واشار الى بعض طلابه اذا مد في عمره يحصلون على ( الاجتهاد ) ، واشار الى الشيخ الفياض وهو ( أطيب المجتهدين ) فلا يبقى مجال للشك ان الشهيد الصدر يشترط الاجتهاد سواء في المرجع او في القائد كما هو واضح .
ولا يفهم من كلامي اني ادعوا للأسماء الواردة في النص المذكور من المجتهدين او طلبة السيد الشهيد بقدر ما ادعوا الى تطبيق نصيحة السيد الشهيد في المرجع والقائد الديني الذي يخلفه و التي اشرنا الى بعض فصولها اعلاه .
ومن الملاحظ ان التيار الصدري بقيادته وجماهيره لم يلتفتوا إلى هذه النصيحة القيمة وتركوها وراء ظهورهم ، بل استطيع القول ان اغلب قيادات التيار الصدري الجدد لم يطلعوا على أفكار وأراء السيد الشهيد (قده) في كثير من الموارد وسوف أتعرض لها في المقالات القادمة إذا بقيت الحياة ! واغلب الواجهات الصدرية اليوم متبعون للعاطفة والأهواء لذلك تحققت نبوءة السيد الشهيد حينما قال _ وكأن هذه الرسالة لهم _ : ( لا تجعلوا موت السيد محمد الصدر سبباً وذريعة لذلة الإسلام والتشيع ، وتفرق الكلمة ، وكثرة المشاكل ) واليوم نشهد ذل الإسلام والمذهب بسبب إتباع العواطف والأهواء حتى شاهدنا العديد من أبناءنا تحولوا من مؤمنين أشداء إلى متسكعين في المقاهي وغارقين في أساليب التضليل الأخرى ، وتفرقت كلمة الإخوة الذين كانوا يصلون في مكان واحد خلف إمام واحد لرب واحد هذا في التيار الواحد فضلا عن التفرق في الدين والطائفة والتقليد .
أما مشاكلنا اليوم فهي لا تعد ولا تحصى بل أصبح هؤلاء الأبطال المجاهدين في زمن السيد الشهيد اليوم هم المشكلة والمصدر للفتن والصراعات الداخلية مع الأسف الشديد ، والكثير منهم تركوا الدين أصلا لما وجدوا في قادتهم من المكر والاحتيال والالتفاف على الناس البسطاء واستخدام الدين لأجل المنافع الشخصية ( ينصبون حبال الدين ليصطادوا به الدنيا ) ... وللحديث تتمه إذا شاء الله تعالى.