ربما طور ستيف جوبز بضع صناعات، لكن مهاراته الكبيرة لم تكن تكمن في الاختراعات، بل في براعته في تحويل الأجهزة وتحسينها. فقد كان ينظر إلى بعض الصناعات، وتمييز الخطأ القابع فيها منذ سنوات، قبل أن يحولها إلى شيء جميل وبسيط ومسر إلى القلوب.
والآن وبعدما رحل ستيف عن هذه الدنيا، من سينظر إلى الأشياء في هذا العالم التي تحتاج إلى تغيير؟ ما رأيكم في توني فاضل؟ الشخص الذي يملك القدرة الذي ساعد في تصميم «آي بود»، ويدير أقسام «آي بود» و«آي فون» في «أبل» منذ سنوات.
لقد قرر توني فاضل عن طريق شركته الجديدة «نيست»، إعادة اختراع قطعة فنية لم تخضع للكثير من التحديثات خلال عقود، ألا وهي ضابط الحرارة (ثيرموستات). وهذا ليس بالأمر التافه. بل استنادا إلى «نيست» فإن هناك ربع مليار ضابط حرارة في الولايات المتحدة وحدها. ويجري شراء 10 ملايين منها إضافية كل سنة. كما أن نصف طاقة المنزل يجرى ضبطها عن طريق هذه الأداة البشعة البنية اللون. كذلك فإن غالبية الناس لا تكلف نفسها، حتى عناء برمجة ضوابطهم القابلة للبرمجة. ونتيجة لذلك تقوم منازلهم باستخدام المزيد من الطاقة، أكثر من طاقة المنازل الخالية منها. لكن ضابط «نيست ليرنغ ثيرموستات» The Nest Learning Thermostat، بثمن 250 دولارا، لا يقدم إعادة نظر واحدة فيه، بل أربعا.
تغييرات جذرية - يبدو شكل ضابط الحرارة الجديد رائعا. فهو مدور. وشاشته على شكل قبة زجاجية بسيطة. وماسورته مصقولة على هيئة مرآة تقوم بعكس منظر الجدار. وتقوم شاشته الملونة بالتوهج باللون البرتقالي لدى تسخينها، وباللون الأزرق عندما تبرد. وهو يضيء لدى الاقتراب منه، ثم يصبح داكنا عندما يبتعد الجميع عنه. ومثل هذه التحسينات الجمالية الجذابة لها معناها، فهو عبارة عن قطعة تركب على الجدار بمستوى النظر، وينبغي أن تكون أكثر الأدوات جمالا، لا أقبحها.
- التغيير الجذري الثاني هو أن ضابط الحرارة «نيست» هذا مزود بـ«واي فاي» للتواصل مع الإنترنت، ويمكنه تنزيل التحديثات البرمجية له، إذ يمكن برمجته من موقع على الشبكة. كما يمكن، عن طريق تطبيق مجاني لهاتف «آي فون»، أو تطبيقات «أندرويد»، الاطلاع على درجة الحرارة الحالية وتغييرها من أي مكان، وبالتالي يمكن تدفئة المنزل قبل الدخول إليه.
- التغيير الثالث هو أنه من المفترض أن يقوم «نيست» ببرمجة نفسه، وبالتالي توفير الطاقة بهذه العملية. فلدى تركيب «نيست» لأول مرة، قم بإدارة حلقته لتغيير درجة الحرارة، كما تفعل عادة مع ضوابط الحرارة العادية. وتظهر قراءة كبيرة جميلة، تقوم بعرض الضبط الجديد هذا، وتدعك تعلم كم يستغرق الوقت للوصول إلى مثل هذه الحرارة. ومثل هذه المعلومة كما تقول «نيست» لا تشجع الناس على ضبط الحرارة على 90 درجة مثلا، خوفا من الوصول إلى درجة حرارة 70 بشكل سريع. لكن على مدى أسبوع من الزمن، أو هكذا، يتعلم ضابط الحرارة الجديد من تضبيطاتك اليدوية التي تجريها يوميا. فهو يسجل ذلك كلما حصل، ودرجة الحرارة والرطوبة التي تنتج عن ذلك، وهكذا. وبذلك يشرع في وضع جدوله الخاص معتمدا على نمط حياتك هذا.
- التغيير الرابع هو على صعيد التوفير. وبصراحة فإن مبلغ 250 دولارا هو مبلغ كبير مقابل ضابط حرارة. لكن «نيست» تقول إن الضابط الجديد يعوض ذلك خلال سنتين، عن طريق التوفير بالطاقة. والواقع أن امتلاك ضابط حرارة مبرمج بشكل صحيح هو أمر كبير. فلماذا تهدر أموالك في تسخين الطابق السفلي، من المنزل، أو تبريده، عندما تكون في الطابق العلوي؟ أو عندما تكون بعيدا في العمل طوال النهار؟
مزايا ونقائص
* ويقدم ضابط الحرارة «نيست» الذي يعتمد على الهاتف الذكي حسنات أخرى مثل مزية «أوتو آواي». Auto Away (الضبط الأوتوماتيكي وأنت في الخارج) فالضابط هذا يتضمن مستشعرين للقرب، واللذين يقومان بتحري ما إذا كان هناك شخص موجود في الغرفة. فإذا قرر هذان المستشعران أنه لا يوجد أحد بالمنزل، يقومان بالسماح لدرجة الحرارة أن تنخفض، أو ترتفع إلى حدود تقررها أنت، مثل 65 درجة فهرنهايت (18 مئوية) في الشتاء، و80 فهرنهايت (26.5 مئوية) في الصيف، حتى ولو كان ذلك الغياب ليس من جدولك اليومي. طبعا مثل هذه المزية لا فائدة لها إن كان ضابط الحرارة هذا لا يستطيع رؤية الغرفة، أن يكون محجوبا وراء باب مفتوح، أو داخل خزانة. وغالبا ما كنت أعود إلى المنزل بعد غياب طوال اليوم بعدما نسيت أن أخفض الحرارة قبل مغادرتي إياه، فأرى «أوتو آواي» قد تكفلت بذلك. وتقول «نيست» إن تخفيض درجة حرارة الضابط بمقدار درجة واحدة فقط من شأنه التوفير بنسبة خمسة في المائة من الطاقة. وهي في سبيل ذلك الهدف تقدم حافزا صغيرا على شكل شعار على شكل ورقة خضراء تتوهج كلما أدرت قرص ضبط الحرارة إلى أقل من الدرجة التي ترتاح إليها.
لكن كل هذه المميزات لا تأتي دائما بسهولة. أولا يتوجب عليك طبعا تركيب ضابط الحرارة هذا. وتذهب «نيست» إلى أبعد الحدود لمساعدتك في ذلك. وتشمل الرزمة الفخمة على مفك براغي، والضابط ذاته مركب سلفا تقريبا على شكل فقاعة، مع توفير فيديو من «يوتيوب»، ودعم فني. بيد أن استبدال ضابط الحرارة الجديد ليس عملا للمبتدئين. فهو ينطوي على قطع التيار الكهربائي عن الضابط القديم، وإزالته، ووصل نحو أربعة أسلاك ملونة، وتغطية الفجوة بلوحة مربعة، وتركيب ضابط الحرارة الجديد في مكانه. وتستغرق عملية التركيب نحو نصف الساعة بالنسبة للضابط الواحد. وكانت الاختبارات الأولى خلال الأسبوعين الأولين مخيبة، فقد قرر ضابط الحرارة من تلقاء نفسه رفع الحرارة إلى 73 درجة فهرنهايت (22.8 مئوية) عند الساعة الرابعة صباحا. لكن الشركة استوعبت مشكلتي، وأعادت ضبط الأمور مع ضابط الحرارة، بحيث بات «نيست» يعمل جيدا موفرا بالتكلفة.
وأمام البرنامج فسحة للتحسين، فلسبب ما، فإن شاشة الجهاز ذاته تظهر الكثير عما يدور أكثر بكثير من موقع الشبكة، أو تطبيقات الهاتف. كذلك هناك بعض الصعوبات في تعديل جدول التدفئة عن طريق موقع الشبكة، لكن الشركة الصانعة تقول إنها ستعالج هذا الوضع قريبا. كما أن البرنامج من حسن الحظ قابل للتصليح.
* خدمة «نيويورك تايمز»