الدعاء من أعظم العبادات؛ بل جعله رسول الله صلى الله عليه وسلم العبادةَ نفسها؛ فقد روى الترمذي -وقال الألباني: صحيح- عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَقَالَ رَبُّكُمْ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر: 60] قَالَ: "الدُّعَاءُ هُوَ العِبَادَةُ". وَقَرَأَ: {وَقَالَ رَبُّكُمْ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر: 60] -إِلَى قَوْلِهِ- {دَاخِرِينَ} [غافر: 60]، وقد أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن هناك مناسبات ترتفع فيها أهمية الدعاء عن غيرها من الأوقات، وجعل أفضل هذه المناسبات مطلقًا يومَ عرفة؛ فقد روى الترمذي -وقال الألباني: صحيح- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "خَيْرُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَخَيْرُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ".
فنَصَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن أفضل أوقات الدعاء قاطبة ما كان يوم عرفة، ولم يُحدِّد وقتًا معينًا في اليوم، فصار الخير في كل لحظاته، ثم أتبع ذلك بأن أفضل الكلام الذي قاله وهو وإخوانه الأنبياء هي شهادة التوحيد؛ فكان ذلك إشارة منه إلى أهمية التهليل في هذا اليوم، وأهميته كمقدمة للدعاء، فلْنُكْثِر في هذا اليوم من الأمرين معًا: الدعاء والتهليل، ولْنُفَرِّغ أوقاتنا في يوم عرفة لذلك، فإننا لا ندري هل نُدرك يوم عرفة آخر أم يكون هذا آخر عهدنا به.
ولا تنسوا شعارنا: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} [النور: 54].
بقلم د/ راغب السرجاني