عزيزتي عبق الزهر..وصلتني رسالتك ، محلقة في ضباب العمر ، كوريقات خضراء، تتهادى على أكتاف الأنسام، مطرزة بحلم عارم كموج ، كرذاذ غشي روحي ببرد الأزل ،وماء الخلود على جسدي المعشوشب بتضاريس أفراحك البعيدة .تمنيت لو أفرش البساط ، بساط حلمك الوردي - كما تسميه في خلدك وخلودك - بالرياحين الطرية، والحرير الناعم ، وماء النهر الرقراق، وهسيس الأدواح وهمس العصافير من الفردوس الملائكي ، تحمله إليك روحي مع فجر يطلع من عينيك صافياً كلؤلؤة ، شاسع، كشساعة الشمس في قلبك وحلمك.
..هذا امتدادك يحصد سنابل الشوق والعمر، يحصدني مرمريا بلوريا، فيرميني على عتبتك ، أزهو بين نداك ، يخفق قلبي ، أرتعد من شدة السحر فتعانقين روحي ، وأهدأ ،أهدأ- تماما -كما لو كنت في روض زكي النبات، طيب الرائحة ،أفي روحك كل هذا الغنى ؟ كل هذا السمو، الذي ما فتئ يزهر في أرضي كل هذا الماء والومض والضوء والزجاج والورق وعناقيد شمسك ، تتدلى من سماء الحلم ،ومدى عينيك ،ألم أقل لك ؟، أن لعينيك كل هذا الانجذاب ، ولروحك كل هذا السحر ، لم تصدقي ساعتها ، وطفقت تخطين في رسالتك، التي جاءتني مضمخة بأنفاسك وعطرك وبريقك ، أنني أعود بك إلى زمن الحكايات وقصائد غزل وعشق عذري، أعلو بك إلى همامات السحب ، تقهرين جاذبية البعد، وتبقين محلقة إلى أن يشاء الله أن تمكثي العمر بين عيني ، حيث الحياة التي تشتاق لها الروح، وحيث الدفء الذي يشرق من قلبي الرقيق.
لكم كانت كلماتك مدوية ! ورسالتك صفعتني صفعة قوية ، صحوت منها على رنين روحك ، وجرح رصيف العمر ، ألم أقل لك منذ أن أعلنت حبي وهيامي أنك قدري، وأنا قدرك الأعمى الذي سيضيء شموع دربك ووحشتك ووحدتك ، أليست قصائد الغزل والعشق العذري هي القصائد التي خلدها التاريخ ، وظلت تحفر عميقا في قلوب العاشقين على مر العصور والأحقاب ؟.
سأكتبك بمداد العشق، سأعلن فيك انشطاري وانشطار الفرحة على صفحة ماء النهر، وانكسار حلمي على أوراق عمرك ، عمرك اليانع في ذاكرتي وشمسي وموتي ، والى آخره والى آخر العمر، أزلزلك في يقيني ..
تقبّلي حبي وكثير من الورد والماء وأريج الشمس في صرخاتي..
بقلم : عبد العزيز امزيان- اديب مغربي