متى كبرنا
(“الأخبار السيئة هي أن الوقت يطير.. والخبر السار هو أنك أنت الطيار”)
مايكل التشيلر
كم نتمنى أن ينسانا الوقت، نهرب خلسة عنه ويتوقف حيث لا زمان ونبقى على شفا الزمن لا ننتظر أحداً، وكما يقال إن قمة الحرية هي ألا تنتظر شيئاً أو أحداً.
كالأطفال على لعبتهم يدورون عليها وتدور بهم، يتغير كل شيء حولهم ويبقون هم الأطفال وتبقى لعبهم.
متى كبرنا؟
كيف هرب ذلك العمر الجميل متسللاً من بين أيادينا؟ من فتح له نافذة الوقت؟ وساعده على الهروب من شرفة حياتنا.
مازلت اذكر ملامحه، وفي وجهي بقايا من بقاياه، أقلب صفحاتي، أنظر إلى الصور وأعلم يقيناً أن الوقت لا ينتظر.
ما يبقى من الزمن الجميل سوى الذكرى وبقاياهم، أحياناً الذكريات أشد وقعاً على النفس من الحاضر، تفعل فينا ما لا يقدر أن يفعله واقعنا الذي نعيشه الآن.
نحن أمة تعشق الماضي، تعيش بين ثناياه وتسافر إليه في خيالاتها وقضاياها الكبرى، هرباً من واقعها، بحثاً عن الحلول، المستقبل لديها ليس خياراً أولياً عند التفكير والتخطيط، يتغلب عليه الماضي بسهولة، ويقول كلمته ويفرض آراءه قسراً عليها.
كيف نتركه وهو جزء منا، بيديه شكلنا، مستودع الأسرار والحكايات عندما ننظر خلفنا نجد كل ما تركناه وراءنا، ونجدهم أيضاً يلوحون بأياديهم لنا، يقولون لنا ارجعوا إلينا نحن ذكريات الزمن الجميل، أفضل الأوقات، لا نزال ننتظركم ويأخذنا سحر خيال الماضي، ونرى أنفسنا صغاراً نلعب معهم وننسى الوقت وينسانا!
إنها الذكريات كم هي قاسية عندما تقتحم أحلامنا.
أمنية
أتمنى أن أعقد صفقة مع الوقت، أهادنه، معاهدة سلام بيننا، تقيدنا، كل منا لا يتخطئ الآخر وينسى لفترة أو يتناسى.
أريد أن أضيع من حساباته، أبحث عن وقتي الضائع حتى لا أضيعه ثانية وألتقط أنفاسي لأنظر لمن حولي أعطيهم حقهم، أقضي ثانية وقتاً جميلاً معهم سرقه الوقت مني، أعوضهم عن غياباتي ولا مبالاتي، أقول لهم إنني موجود لديكم ها هنا، تملكون الآن كل وقتي وتملكونني.
أعلم أن بعض الأمنيات قدر لا ألا تتحقق، وأعلم جيداً أن الوقت لن يسقطني من حساباته، دائما نحن معاً في سباق محموم، ألهث خلفه ويلهث خلفي، وأعلم أيضاً أنه لن يقبل بمعاهدة الصلح بيننا، لكنها هكذا هي الحياة، ليس كل ما نتمناه ندركه.
البعض يكبر عمراً ويصغر سناً! يتخطاه العمر، وهو يحمل الطفل في داخله، يراه العالم صغيراً، ويحسبه الوقت كبيراً، معادلة سهلة صعبة، لكنك تستطيع أن تخدع الوقت عندما تحاربه بنفس أسلحته.
وكما غنت فيروز في “يا دارة دوري فينا”
وسألونا وين كنتوا وليش ما كبرتوا إنتو؟