هذا الذي بين يديك أيها القارئ الكريم، كلمة سماحة الأستاذ بناهيان في مجلس الذكرى السنوية لاستشهاد الشهيد علي باغباني المخرج الوثائقي الذي استشهد على يد التكفيريين في سورية
كان الإمام يذكر الليبراليين والمنافقين في سياق واحد
في بداية الثورة كانت «حركة الحرّية» بمثابة الطابور الخامس للعدو. فإن هذه الحركة التي كانت قد تولّت حكومة البلد بحكم السيد الإمام وبتوصية بعض الشخصيات، ألحقت أضرارا بهذا البلد بحيث أغلق ملفّها وحظرت من النشاط السياسي في هذا البلد، ولكن لم تكن «حركة الحريّة» حزبا سياسيا وحسب، بل كانت تمثّل فكرا متغربا وما زال هذا الفكر متواجدا في أوساطنا.
السبب في تطرقي لتاريخ التغرب المشؤوم في مجلس تأبين أحد شهداء الإسلام، هو أنه لا يتلقّى الأحداث بسذاجة ويجب أن نسدّ الثغرات أمام تغلغل العدوّ.
بإمكاننا أن نلاحظ مدى علاقة الإرهابيين والليبراليين من خلال خطابات الإمام الخميني(ره). لقد تحدث الإمام الخميني(ره) عن الليبرالية والليبراليين 11 مرّة في خطاباته، 10 مرات منها كانت في آخر سنة من حياته الشريفة. ففي الواقع تحدث الإمام عن المتغرّبين تحت عنوان الليبراليين عشر مرات بعد الثورة الإسلاميّة وفي الأشهر الأخيرة من حياته وفي جميع المواطن التي تحدث فيها عن الليبراليين، ذكر المنافقين أيضا. وفي إحدى المرّات، أخذ يوضّح قصده من المنافقين فقال: وهم المنافقون الذين يذبحون رأس أبٍ على مائدة الإفطار من الأذن إلى الأذن وأمام مرأى زوجته وولده. فالمقصود من المنافقين هم الإرهابيون وسفّاكو الدماء الذين لا يزالون يرتكبون أبشع الجرائم في المنطقة. يبدو أن الإمام الخميني(ره) في أواخر عمره الشريف كان قلقا جدّا من تغلغل الليبراليين والمتغربين في البلد.
لقد علّمنا الإمام الخميني(ره) أن الليبراليين والمنافقين والإرهابيين والتكفيريين هم أوجه لعملة واحدة وليس من الصحيح أن نعتبر التكفيريين متوحشين، ولكن ننزّه التغرّب عن التوحّش. أولا إن هؤلاء الإرهابيين الوحوش هم صنيعة الغرب، ثانيا لو أتيحت الفرصة للمتغربين والليبراليين، لارتكبوا جرائم أبشع.
أتذكر في تشييع الشهداء الذين كانوا يستشهدون في كردستان كنا نهتف بشعار «الموت لليبراليّين» وكذلك اليوم، فينبغي أن نهتف بنفس هذا الشعار في تشييع الشهداء الذين قتلوا على يد التكفيريين. إن تكليف التكفيريين والدواعش المجرمين معلوم، فقد صرّح الغربيون أنفسهم أن هؤلاء التكفيريين هم صنيعة المجتمع الغربي والأمريكي، أما المتغربون والليبراليون فلابدّ من فضحهم والتصدي لمواجهتهم.
ألم يستحي بعض من حكموا في بلادنا لمدّة ثمان سنين في أهمّ المناصب وكانوا يرددون نغمات التغرّب؟! لقد قرن الإمام الخميني(ره) في الأشهر الأخيرة من حياته بين المنافقين والليبراليين عشر مرات، ليعالج هذا التفكير الساذج من أن الليبراليين تيار يختلف عن المنافقين والإرهابيين المتوحّشين.
لو لم يكن التيار الليبرالي صاحب نفوذ في بلدنا، لوصلنا إلى قوة هائلة نقدر بها على إنقاذ المنطلقة
لو أردنا أن ننتج فيلما في الدفاع عن مظلومي المنطقة ولم نشنّع فيه على المنادين بالديمقراطية الليبرالية ونظام السلطة، فهذا خيانة للشهداء. لابدّ من تطهير نغمات التغرّب المشؤومة بدماء الشهداء الطاهرة. إذا تشاهدون أن الشباب المسلمين يذبحون على يد هؤلاء التكفيريين في أوج المظلومية فلا تترددوا أن هذا بسبب تغلغل التيار الليبرالي في البلد، فلو لم يكن التيار الليبرالي صاحب نفوذ في بلدنا، لوصلنا إلى قوّة هائلة نقدر بها على إنقاذ المنطقة.
لقد صرّحت وزيرة الخارجية السابقة لأمريكا أن الأمريكان هم الذين صنعوا الدواعش. وأنتم تلاحظون أن هؤلاء يمارسون نفس الإجرام الذي كان يمارسه المنافقون في بلدنا. نفس الذبح الشنيع الذي نراه اليوم كان يمارسه المنافقون المدعومون من قبل الليبراليّين.
لقد عقد هذا الحفل التأبيني في الحقل الفني لمنظمة الإعلام الإسلامي وأنا أسأل مسؤولي منظمة الإعلام ومسؤولي الإذاعة والتلفزيون وحتى أسأل الطلاب الجامعيين الذين خاطبهم الإمام وقال لهم: إن لم يعمل المسؤولون بتكليفهم في استئصال الفكر الليبرالي، فتصدوا أنتم لذلك، فأنا أسألكم أيها الإخوة كم قد عملنا بتكليفنا في استئصال الفكر الليبرالي؟ وكم قد طهّرنا الأوساط الثقافية والجامعية من لوث التغرب والفكر الليبرالي؟
إن مراسم تشييع الشهداء ومحافل تأبينهم لخير مناسبة للتحدث بهذا الكلام. إن دم الشهيد باغباني ما زال دمه ساخنا، إذ لا تزال المعركة قائمة في محل استشهاده، ولا يستطيع من يأتي في مجلس تأبين هذا الشهيد أن يفصل بينه بين 2500 طفل الذين ذبحوا في سورية بذنب حبّ أهل البيت(ع).
إن المتغربين هم الطابور الخامس للصهاينة الذين ارتكبوا أبشع الجرائم في غزة/ لابدّ من القيام ضدّ التكفيريين والمتغرّبين في وقت واحد
لابدّ أن نقبّل أيادي الفنانين والمخرجين الذين نهضوا لدعم المظلومين بإنتاجاتهم الفنّية. لقد أنتجت أفلاما وثائقية جيدة، ولكن في سبيل أن يتطوّر مشهد وثائقي واقعيّ إلى قصّة سينمائية، لابدّ من سير تكاملي لتخرج الأحداث الواقعية فيه بشكل قصص سينمائية، وهذا السير بطيئ جدا في سينماءتنا وأساسا لا نجد آثارا لهذا المسار.
إن الذين عاشوا على رواتب الثورة الإسلامية، لا ينبغي لهم أن يتمسكوا بالحياة، فلابدّ من النهوض ضدّ التكفيريين والمتغربين في وقت واحد. المتغربون هم الطابور الخامس للصهاينة الذين ارتكبوا أبشع الجرائم في غزّة، وهم أسود وجها من أن يدافع عنهم إنسان.
لا فرق بين المتغربين الليبراليّين وبين التكفيريّين والدواعش وهذا ما تعلّمناه من الإمام الخميني(ره). إن هؤلاء المتطرفين المجرمين لا يفرقون عندنا عن الليبراليين. فكلاهما شفرتان لمقصّ واحد لتقطيع وتحطيم الخط الوسط الذي يقاوم الأعداء والمجرمين بكل مظلوميّة، إلا إذا كان بعض الناس متأثرين بالفكر الغربي عن سذاجة وسطحية في التفكير فلا ننظر إلى هؤلاء كما ننظر إلى التكفيريين ولكن حتى هؤلاء المتغربين السذّج، فهم يعززون خندق الإرهاب وسفك الدماء من حيث لا يشعرون. كما شاهدنا في فتنة 2009 كيف أن الإرهابيين جاءوا لدعم المتغربين ونزلوا إلى الميدان إلى جانبهم وفي خندق واحد.
ما لم يستأصل الفكر المتغرب من منطقتنا هذه، فلا مناص من ازدياد ظاهرة ذبح الرؤوس
مع الأسف قد فاتتنا فرص كثيرة لاستئصال الفكر الغربي وهذا ما أعاقنا عن كثير من التقدّم. لقد فاتتنا فرصة أيام الدفاع المقدّس ولم نصفي حسابنا مع المتغربين. إن الليبرالية الغربية هي التي قتلت شبابنا في هذه الحرب ولكن بعد الحرب مباشرة، بدأ المتغربون الليبراليون يخرجون من جحورهم ويمارسون نشاطهم. وقد فاتتنا فرصة المعركة في سورية وها هي فرصة المعركة في العراق أوشكت بالفوات، فلا يزال الداعشيون يرتكبون الجرائم والمجازر بدعم الغرب، وفي المقابل إذا أراد أبناؤنا أن يحصلوا على الدرجة والشهادة في الجامعة، لابدّ لهم أن يدرسوا تعاليم الليبرالية. اعلموا أنه ما لم يستأصل الفكر المتغرب من منطقتنا هذه، فلا مناص من ازدياد ظاهرة ذبح الرؤوس في المنطقة. فمن هذا المنطلق احملوا كامراتكم وأفكاركم واشتغلوا في هذا المجال. إن فرصة حرب غزة أوشكت بالفوات أيضا ولابدّ من العمل.
لا عداوة لنا مع شخص في هذا البلد وفي هذا المجتمع الإسلامي ولكننا في خلاف مع هؤلاء الذين يروجون للأفكار المتغربة المنحطّة ويسلّحون خندق العدو. إذا سقط نظام السلطة وإذا استطعنا أن نستأصل فكرة الديمقراطية الليبرالية، سوف ينتهي التيار التكفيري في المنطقة خلال يوم واحد. كما أن التكفيريين قد أباحوا لأنفسهم هتك أعراض الناس وذبح الأطفال، كذلك الديمقراطية الليبرالية قد سمحت لنفسها أن تدعم هؤلاء المجريمين حفاظا على نفسها. نحن لن نتخلّى عن دماء شهدائنا إذ أن دعاة الديمقراطية الليبرالية هم الذين اغتالوا علماءنا النوويين، وأنا آمل أن يتأسى جميع الفنانين والإعلاميين والمبلغين بهذا الشهيد العزيز، الشهيد هادي باغباني وأن يجعلوا الدفاع عن المظلوم على رأس نشاطاتهم وأعمالهم.