أخيراً، وبعد خمسين عاماً من وقوع سرقة قطار البريد الملكي الكبرى في بريطانيا عام 1963، تم الكشف عن الحلقة المفقودة في السرقة، أو عامل البريد الذي أمد العصابة بالمعلومات عن تحركات قطار البريد والأموال التي يحملها، وهو من اقترح تغيير ميعاد السرقة من يوم 7 أغسطس إلى يوم 8. وحسب صحيفة “الأوبزفر” البريطانية، بعد خمسين عاماً قرر دوجلاس جوردون جودي (85 عاماً)، العقل المدبر للسرقة، الخروج عن الصمت؛ ليكشف أن رجل البريد الذي منحهم المعلومات هو باتريك ماكين، الذي ولد في بلفاست عاصمة إيرلندا الشمالية، وقضى حياته عاملاً بمكاتب البريد في لندن، وقد توفي منذ سنوات.
وكان دوجلاس جوردون جودي وبيجز ورينولدز ورونالد ادواردز و12 رجلاً آخرون قد سطوا يوم 8 أغسطس 1963 على قطار تابع لمصلحة البريد البريطاني، أثناء سيره من جلاسجو إلى لندن، مرتدين خوذات وأقنعة، وسرقوا 120 حقيبة نقود، تحوي نحو 2.6 مليون جنيه إسترليني، وهو ما يعادل 40 مليون جنيه إسترليني في الوقت الراهن. وألقت الشرطة القبض على أفراد العصابة تباعاً، وقضى معظمهم جزءاً من حياته بالسجن، وإن تمكن معظمهم من تهريب الأموال التي حصل عليها. وحسب كتاب يعده جودي عن السرقة، قال: إن شخصاً ثالثاً هو من أحضر رجل البريد ماكين؛ ليقابل دوجلاس جوردون جودي وبيجز ورينولدز، وقد أصبح ماكين هو رجلهم داخل مصلحة البريد، ومنحهم جميع المعلومات عن تحركات القطار والأموال التي يحملها، بل إن ماكين هو من طلب تغيير ميعاد السرقة من يوم 7 أغسطس إلى يوم 8؛ إذ يحمل القطار أموالاً أكثر.
والأمر الغريب – حسب جودي الذي يعيش اليوم في إسبانيا – أن ماكين اشترط عدم الكشف عن اسمه لأفراد العصابة، ولم يعلم به جودي إلا حين سقطت علبة نظارته الطبية، فقرأ بداخلها اسم “باتريك ماكين”، وظل محفوراً في ذاكرته منذ ذلك اليوم. وحسب الصحيفة، أُصيبت أرملة ماكين وأولاده بصدمة كبيرة عندما علموا بأنه رجل البريد الخفي أو الحلقة المفقودة في السرقة الكبرى، وأكدت أسرته أن ماكين لم ينفق أي أموال من السرقة، بل عاش طوال عمره دون أن يشتري سيارة، مرجحين أنه ربما شعر بوخز الضمير، وقام بالتبرع بالأموال للكنيسة. وأضافت “الأوبزفر”: الشرطة لم تشك قط في ماكين؛ لأنه لم تظهر عليه أية علامات للثراء.