واخ – متابعة
وسط منزل ريفي متواضع في قرية "راك الحصوة" الواقعة ضمن حدود ناحية المشخاب يجلس أبو أمير 70 عاما متأملاً بولده المستلقي على الفراش بعين من الأسى بعد أن اصيب ونجا من موت محتم باعجوبة.
أبو أمير ينظر حائرا لا يدري ما يقول، إلا أن ابنه علاء عبد الجليل (21 عاما)، بادر بالحديث بينما أثار جراحه لم تندمل بعد، مبينا أنهم "بقوا محاصرين داخل ثكناتهم ستة أيام دون مساعدة وطعام"، مشيرا الى أنهم "لم يتمكنوا من الخروج من معسكرهم بسبب القناصة الذين انتشروا في محيط المعسكر، حتى نفذ عتادهم".
ويعيش بعض الأهالي في ناحية المشخاب (35 كم جنوب شرقي النجف) حالة من الترقب الممزوجة بالحزن على مصير أبنائهم العسكريين الذين أرسلوا للقتال في منطقة الصقلاوية شمالي الفلوجة، وما يزيد الأمور سوءا هو أنقاطع أخبار البعض منهم، وورود معلومات تفيد بمقتل مئات الجنود في "مجرزة" مروعة.
ويقول عبد الجليل في حوار مع "السومرية نيوز"، اطلعت عليه وكالة خبر للانباء (واخ) إنه "كان ضمن الفوج الثلاثين الذي أرسل الى معسكر الصقلاوية وضم 400 جندي حوصروا وذبح معظمهم"، مبينا أن "الإرهابيين هاجموا ثكنتهم بمدرعات وسيارات عسكرية مفخخة اقتحمت البوابة وانفجرت داخل المعسكر، ما سبب خسائر كبيرة في الأرواح".
ويسترسل عبد الجليل قائلا، أنهم "في خضم شراسة المعركة والحصار المتواصل، لم تصلهم أي مساعدات ولم يتوفر لهم غطاء جوي لحمايتهم"، لافتا الى أن "الاتصالات مع القادة لم تسفر عن أي نتيجة، بعد أن وعدوهم بإيصال الإمدادات والدعم، لكن دون جدوى".
ويؤكد، أن "أكثر من 300 جندي من زملائه قتلوا أو اسروا، فيما ظل مايقارب الخمسين محاصرين".
وبشأن كيفية إصابته ونجاته، يقول عبد الجليل، إنه "أصيب بعدة شظايا في ظهره حين انفجرت المدرعات المفخخة التي اقتحمت ثكنتهم"، لافتا الى أنه "اضطر للزحف خارجا عبر الأحراش لعشرات الأمتار، حتى وجد جنودا استغلوا ثغرة وخرجوا بمدرعة فحملوه وأوصلوه الى خارج المكان ومن ثم إلى أهله".
ويوضح عبد الجليل، أن "بعض الضباط تركوا المعسكر قبيل الهجوم المفاجئ"، مضيفا أن "المسلحين انذروهم وطالبوهم بالاستسلام، الا انهم رفضوا ذلك خشية من القتل كما حدث في سبايكر، لذلك حاولوا الصمود قدر الإمكان حتى وصول الإمدادات التي لم تصل أبدا".
أما أمير عبد الجليل (35 عاما)، وهو الشقيق الأكبر لعلاء، يقول، إن "أهالي المشخاب سئموا انتظار وصول نعوش أولادهم من الانبار والموصل، فيما لايحرك السياسيون ساكنا"، مطالبا الحكومة ورئيس الوزراء حيدر العبادي، بـ"سحب الجنود من الرمادي والموصل وكل المناطق الساخنة، وإلا خرجوا بتظاهرة للضغط على البرلمان".
ويقول عدي صاحب (40 عاما)، وهو أب لجندي ثان ينتظر أي خبر من ولده الغائب، إن "ناحية المشخاب أرسلت أكثر من ثلاثين جنديا من أبنائها الى الصقلاوية"، مؤكدا أن "أكثر من 15 منهم مازوا مفقودين".
ويضيف صاحب، انه "يتلقى اتصالات من بعض الجنود المحاصرين يؤكدون أن جثث الجنود ملقاة في العراء دون إن يستطيع احد سحبها بسبب كثافة النيران والقناصين"، متسائلا "ما المبرر من إيقاف القصف الجوي الذي يعد فرصة للإرهابيين للتحرك وضرب الجيش".
وتعتزم لجنة الأمن والدفاع البرلمانية استضافة قيادتي عمليات صلاح الدين والانبار، اليوم الأحد (28 ايلول 2014)، للاطلاع على نتائج التحقيق في حادثتي سبايكر والصقلاوية، فيما أكدت أن كشف الحقائق ومحاسبة المتورطين بهاتين الجريمتين البشعتين من أولويات عملها.
وجاء ذلك بعدما أكد عدد من نواب محافظة الديوانية، في (22 أيلول 2014)، مقتل 300 جندي باستخدام غاز الكلور لأول مرة من قبل مسلحي "داعش" في الصقلاوية شمالي الفلوجة، وفيما حملوا القائد العام للقوات المسلحة حيدر العبادي وقائد عمليات الانبار مسؤولية مقتلهم بسبب بطء إجراءات إنقاذهم رغم كثرة المناشدات لعدة أيام، اعتبروا جريمة الصقلاوية بأنها سبايكر الثانية.
يذكر أن تنظيم "داعش" أعدم المئات من المتدربين والطلبة العسكريين في قاعدة (سبايكر) الواقعة شمال مدينة تكريت عندما فرض سيطرته على هذه المنطقة منتصف شهر حزيران الماضي، وأشارت مصادر أمنية الى أن سبب إعدامهم يعود الى خلفيات طائفية، فيما أعلن رئيس الوزراء السابق نوري المالكي في (27 آب 2014) عن تشكيل قوة أمنية خاصة تحت عنوان (مجموعة الثأر لشهداء سبايكر) وظيفتها تحديد هويات مرتكبي المجزرة وملاحقتهم.
http://www.faceiraq.com/inews.php?id=3097952