ساعات وتدق أجراس العودة إلى المدارس ، بعد انتهاء شهور العطلة الصيفية بما كان فيها من انطلاق وسهر ولعب ومرح ونزهات وفسح وتخلص من قيود المذاكرة والتحصيل والامتحانات ،
ومع اقتراب موعد الدراسة تسود طلابنا وطالباتنا حالة من الاكتئاب وربما الحزن ، فمعظمهم يتمنون لو أن الإجازة امتدت شهوراً أخرى !
حول هذا الموضوع يحدثنا الدكتور أحمد عكاشة أستاذ الطب النفسي بجامعة عين شمس ورئيس الجمعية العالمية للطب النفسي قائلاً : ببساطة شديدة علينا أن نحبّب أبائنا في المدرسة ونخلصهم من الصورة الذهنية السلبية عنها بسبب أساليب التدريس العقيمة المتبعة في مدارسنا الحكومية والتي جعلت منها دور عقاب وترهيب للطلاب ,
ومن ثم تصبح العودة إليها بعد العطلة أمراً مقيتاً وثقيلاً ويصبح مشهد بكاء الصغار وصراخهم عند ذهابهم إلى المدرسة أحد مظاهر اكتئاب ما بعد الإجازة ، ويضيف : على أية حال فإن مشاعر الاكتئاب هذه خضعت للدراسات والتحاليل النفسية التي انتهت إلى أنها شعور عادي ونسبي ،
ويزول تدريجياً بمجرد الانخراط في الدراسة ، فبعد شهور من السهر والكسل واللعب والترفيه والاسترخاء يجد التلميذ نفسه مُجبراً على توديع كل تلك المتع والمزايا والعودة مرة أخرى إلى المدرسة بما تعنيه من مسئوليات كبرى تشمل الانضباط والإلتزام والمذاكرة والاختبارات ،
من هنا تزداد الأمور تعقيداً للتلميذ صاحب المستوى التحصيلي المتواضع الذي قد يتعرض لاضطراب الامتناع عن المدرسة ، والمعروف علمياً بSchool Refusal ، وغالباً ما يحدث ذلك مابين سن العاشرة أو الثانية عشرة ،
وينشأ نتيجة الخوف من عدم القدرة على التحصيل ، والخضوع للاختبارات التي تكشف ضعفه أو فشله وتعرضه للعقاب وسوء المعاملة أمام أقرانه !، لهذا لابد من التحدث مع هذه النوعية من الأطفال حول كل ما يقلقهم أو يخيفهم من فكرة العودة إلى المدرسة ، بعضهم يخافون من التواصل مع الآخرين وصنع صداقات معهم ،
وبعضهم يخافون من مواد بعينها في المدرسة أو من مدرّس بعينه لأنه يضربه أو يسخر منه أو يهينه أمام زملائه ، لذا يجب على الأهل معرفة مخاوف أطفالهم بالتفصيل والاستماع إليها بكل جدية ومساعدتهم في إيجاد حلول حقيقية لتخطيها وجعلهم أكثر حُباً للمدرسة.
ويضيف د. عكاشة : لابد أن تتغير الصورة الذهنية لدى التلميذ عن مدرسته ودراسته باعتبارهما الطريق الوحيد لرسم مستقبله وتحقيق أحلامه وطموحاته ،
فبدونهما لن يتعلم ولن يحصل على الشهادة التي يرغبها ، فضلاً عن تحفيزه على التفوق بمنحه المزيد من المكافآت والهدايا كلما حجز لنفسه مكاناً متقدماً في صفوف الفائقين ،
والأهم من هذا كله أن نعدّ التلميذ نفسياً لأجواء المدرسة بشكل تدريجي بعد شهور الإجازة الطويلة ، مثل النوم مبكراً والاستيقاظ مبكراً حتى نُعيد تنظيم ساعته البيولوجية مرة أخرى بعد أن تعوَّد على السهر حتى الصباح والنوم طوال النهار ، كي لا يشعر بالاجهاد والتعب وعدم القدرة على الاستيعاب عند بدء العام الدراسي .
أيضاً علينا أن ندخله في أنشطة متعلقة بالمدرسة كتحضير الكتب وتجليدها وتحضير الحقائب والملابس والأدوات المدرسية وغيرها من المستلزمات التي تهيئه لأجواء العودة إلى المدرسة !
ويُنهي الدكتور أحمد عكاشة حديثه بضرورة احتفال الأسرة العربية مع أبنائها التلاميذ بحضور الأهل والأقارب والأصدقاء بمناسبة انتهاء العطلة الصيفية وبدء العام الدراسي ؛
فلهذا الحفل أكبر الأثر في تحميسهم على العودة إلى مدارسهم وتخفيف إن لم يكن إزالة مشاعر الاكتئاب التى تصيبهم بعد انتهاء شهور الإجازة والعودة إلى الدراسة.