الكويت - عبدالستار ناجي
يعتمد فيلم "The Good Lie" (الكذب الجيد) على قصة حقيقية عاشها أربعة من اللاجئين السودانيين، وحولها المخرج فيليب فلاردو إلى عمل سينمائي معتمدا على سيناريو صاغته مارغريت ناجيل وبطولة النجمة الاميركية الفائزة بالأوسكار ريس ويذرسبون.
نتابع في الفيلم الذي يأخذنا إلى معاناة اللاجئين السودانيين، من خلال وجهة نظر كاري دايفيز "ريس ويذرسبون" التي تكفلت بمساعدة مجموعة من اللاجئين الذين وصلوا لتوهم من السودان،
بعد ان عاشوا ويلات التهجيروالمخيمات وصولا إلى لحظة الفوز باليانصيب للانتقال إلى الولايات المتحدة حيث المأوى الجديد الآمن.
مشيرين إلى أن الفيلم يذهب إلى حكاية واقعية، اثر حملة "أولاد السودان" التي استقبلت خلالها الولايات المتحدة "3.600" لاجئ سوداني.
وفي خط متواز، نشاهد اشكاليات تلك المجموعة في التأقلم مع الظروف الجديدة، وايضا محاولاتهم لجلب شقيقتهم الصغرى التي بقيت وحيدة في السودان وسط ظروف عاصفة أقلها هجوم المليشيات على معسكرات اللاجئين.
ويأخذنا الجزء الأول إلى الظروف الموضوعية التي عايشها ابناء المناطق السودانية التي عصفت بها ريح التهجير والصراع بين القبائل عبر مزيج اللهجات التي كنا نرصدها،.
وبالاضافة إلى الانكليزية هنالك لهجات أهل "النوير" و"الدينكا" بل ان مشهديات العنف والقتل والتهجير، تذكرنا بعدد من المشهديات التي عصرت القلوب في فيلم "فندق راوندا".
بعدها، ومرورا بكم من الألم الذي يتصاعد وأقله قسوة الموت، يصل ثلاثة من الرجال السودانيين اللاجئين إلى الولايات المتحدة وتكون في استقبالهم كاري، والرجال الثلاثة هم ارميا "جيرمان دواني" و"بول "جال ورنيس" "مامير ارنولد اوكنج".
حيث يقيمون في شقة في مدينة كانساس سيتي، ولكنهم يظلون يتطلعون إلى اليوم الذي تلحق بهم اختهم "ابيطال" "فيل كوث".
وهنا تبدأ محاولات "كاري" في اقناع جميع الجهات الخاصة بالهجرة والامن وغيرها من اجل الحصول على الموافقة من اجل اخته للحصول على اللجوء.
تفسير حالة الألم
فيلم شديد الحساسية في قبول الآخر، وأهمية اعطائه الفرص الحقيقية للاندماج بالمجتمع، ورغم بعض المشهديات العابرة لمفارقات الاختلافات الثقافية، الا اننا نجد أنفسنا أمام فيلم عميق في تفسير حالة الألم التي عاشتها المجموعة سواء في السودان ولاحقا في أميركا.
وعلى الآخر استيعاب أهمية تأمين الظروف للاندماج والاحساس بالامان والمستقبل.
أهم مشهديات الفيلم، رحلة البحث الأولى عن النجاة من السودان إلى كينيا سيرا على الاقدام، لأكثر من 735 كيلومترا عامرة بالمغامرات والحكايات التي تصلح وحدها لتكون فيلما.
ثم المرحلة الثانية حيث التواجد في أميركا ومحاولة الاندماج وسط المجتمع والبحث عن بقية افراد الأسرة.
ادارة شؤون اللاجئين، فصلت بين افراد الاسرة، ففي الوقت الذي ذهب به الاخوة الثلاثة إلى كنساس سيتي، تم لاحقا ارسال شقيقتهم إلى بوسطن، وهذه وحدها حكاية أخرى تتطلب كثيرا من التعب للبحث عنها.
المخرج الكندي فيليب فلاردو، جاء إلى الفيلم وهو يستند إلى إرث طويل، حيث عمل مصورا للافلام الوثائقية في السودان.
وهذا ما منح الفيلم عمقا وكمية من الصور التي كانت بمثابة عين الشاهد لكم من الاحداث التي مرت بها المنطقة، وقد برع مدير التصوير العالمي رونالد بلانت في انجاز هذه التجربة وأضافت موسيقات مارتن ليون الكثير من المضامين والاحاسيس للفيلم.
ويبقى ان نقول فيلم "الكذب الجيد" يقترب من ألم الهجرة ومعاناة اللاجئين السودانيين الذين كتب عليهم التهجير إلى الحلم فكان ألم الغربة أكثر وحشة مما عاشوه في المخيمات وصراع القبائل في بلادهم.