سلام من السلام عليكم.
ما هو الدليل على حرمة الغناء من القرآن الكريم؟
ليست كلُّ ما هو واجب وكلُّ ما هو حرام في الشريعة قد تم التصريح به في القرآن الكريم، فهناك الكثير من الواجبات والمحرمات قد تم التعرُّف عليها بواسطة السنة الشريفة، فالواجبات والمحرمات الواردة في السنة الشريفة يجب الالتزام بها لقول الله تعالى في محكم كتابه: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا﴾(
هذا وقد ورد في القرآن الكريم ما يدل على تحريم الغناء وهو قوله تعالى: ﴿فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ﴾(، وقوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا﴾(، وقوله تعالى: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ﴾(.
فقول الزور في الآية الأولى واللغو والزور في الآية الثانية ولهو الحديث في الآية الثالثة فُسِّرت كلها في الروايات الواردة عن أهل البيت (ع) بالغناء أو بتعبيرٍ آخر طُبِّقت على الغناء.
فمن هذه الروايات ما ورد عن زيد الشحام قال سألت أبا عبدالله (ع) عن قول الله عزوجل: ﴿وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ﴾ قال (ع): الزور الغناء"(.
وورد تفسير الزور في الآية بالغناء في رواية أخرى عن ابن أبي عمير عن بعض أصحابه عن أبي عبدالله (ع) وورد في رواية ثالثة عن أبي بصير عن أبي عبدالله (ع) وفي رواية رابعة عن ابن أبي عمير عن هشام عن أبي عبدالله (ع) وفي رواية خامسة عن عبد الأعلى عن أبي عبدالله جعفر بن محمد (ع)، فهذه روايات خمس فسَّرت قول الزور في الآية بالغناء، وعليه يكون مفاد الآية هو حرمة الغناء، وذلك لأنها اشتملت على الامر بالاجتناب والأمر يدل على الوجوب فيكون الاجتناب عن الغناء واجباً وهو معنى الحرمة.
فمساق الآية هو مساق قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾(فاستفادة حرمة الخمر والمذكورات في الآية نشأ عن الأمر بالاجتناب فكذلك هو الأمر باجتناب قول الزور -الغناء-.
ثم إنّ الأمر باجتناب قول الزور والذي هو الغناء قد اقترن في الآية بالأمر بالاجتناب عن الأوثان وهو تعبير عن أنَّ الحرمة لقول الزور –الغناء- مشددة كما أن الأمر باجتناب الأوثان مشدداً.
ومن الروايات ما ورد عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر (ع) قال: "سمعته يقول: الغناء مما وعد الله تعالى عليه النار. وتلا هذه الآية ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ﴾".(
ورُوي عن ابن أبي عمير عن مهران بن محمد عن أبي عبدالله (ع) قال: سمعته يقول: الغناء مما قال الله عزوجل: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ﴾ (. وورد مثلها عن الوشا عن الإمام الرضا (ع)، وورد عن الحسن بن هارون قال سمعت أبا عبدالله (ع) يقول: الغناء مجلس لا ينظر الله إلى أهله وهو مما قال الله عزوجل: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ﴾(
ووردت روايات أخرى قريبة من هذا المعنى، وعليه يكون مفاد الآية المباركة أنَّ الغناء من كبائر الذنوب لأنَّ كلَّ ذنبٍ توعَّد الله عليه بالنار فهو من الذنوب الكبيرة، وحيث أنَّ لهو الحديث والذي هو الغناء مما توعَّد الله فاعله بالنار حيث قال: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ... أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ﴾ وحيث أن الغناء مما توعَّد الله فاعله بالنار بمقتضى هذه الآية لذلك فهو من كبائر الذنوب.
وثمة روايات أخرى فسَّرت قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ﴾ بالغناء وفسرت قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ﴾( بالغناء والملاهي.
راجع معي...
- سورة الحشر/7.
- سورة الحج/30.
- سورة الفرقان/72.
- سورة لقمان/6.
- الحدائق الناضرة -المحقق البحراني- ج 18 ص 102.
- سورة المائدة/90.
- الحدائق الناضرة -المحقق البحراني- ج 18 ص 102.
- الحدائق الناضرة -المحقق البحراني- ج 18 ص 103.
- الحدائق الناضرة - المحقق البحراني - ج 18 ص 104.
- سورة المؤمنون/3.