تنويه
(( كل ما أقوله هنا يعبر عني أنا فقط , ولا مسؤولية للموقع مطلقا , كلامي موجه الى المجتمع الشيعي العراقي فقط ))
بسم الله الرحمن الرحيم
{وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ} [التوبة:105]
صدق الله العلي العظيم
هذه الاية توجه نظر العاملين الى قيادة , مرجع , طبقة مشرعة , ما فوق - بحسب المصطلح العسكري - , وبطبيعة الحال فان العمل شرّع من قبل هذه الطبقة , والعمل به يكون بقيادتها وتوجيهها وتنظيمها ومتابعتها ابتداءا من رب العزة مرورا بالنبي الاكرم صلى الله عليه واله وانتهاءا بقائد اصغر تجمع في سلسلة هذا المجتمع , ما رأيكم حين أقول لكم بأن المجتمع الشيعي العراقي في جميع ادواره كان عبارة عن (( مجتمع بلا قيادة )) أو (( قيادة بلا مجتمع )) ... كيف حصل ذلك ..؟؟؟ أم كيف يعقل ذلك ..؟؟؟
أهلا بكم في الحلقة الثالثة من
(( نفثات كالسياط ))
لا قيادة بدون قاعدة شعبية متماسكة ومنقطعة الولاء تسير فيها هذه القيادة الى الاستقرار بجميع ادواره السياسية والاقتصادية والاجتماعية و و و ... الخ , ولكن ان يكون هناك قائدا بلا مجتمع يقوده , فهذا أمر يستدعي الوقوف طويلا , فكيف اذا كان هنالك مجتمعا كاملا بدون قيادة ... !!!!!!!!!!!!
جسّد المجتمع الشيعي العراقي هذين المفهومين الشاذين طيلة سنوات عمره , ولا يزال حتى يومنا هذا يعاني من هذه (( اللعنة )) , ويكثر الجدل بين اتهامات الطرفين - القيادة والمجتمع - فنجد مرة بان القائد يوجه اصابع الاتهام الى المجتمع ( وهو مبتدأ الأمر ) حسب ما نقرأ من تاريخ الامام علي عليه السلام بين ظهراني هذا المجتمع , ومرة أخرى نجد هذا المجتمع يشكو من اضمحلال القيادة وانهيارها ويسبها ويستهزيء بوجودها كونها لم تمثل له الأمل الذي ينطوي بين جوانح قيادة فاعلة وبناءة ..!!
كمبتدأ لسياق الحديث و عدم الانغماس في متاهة البيضة والدجاجة , فإن مبتدأ الأمر كان (( قائد بلا قاعدة شعبية موالية )) تجسدت بأمير المؤمنين عليه السلام , حيث نجد أن هنالك مواقف تستدعي ممن يقرأها أن تشحن روحه بالغضب على هذا المجتمع الظالم لهذا القائد الحقيقي والحامل لكل مقومات القيادة الا (( طاعة الاتباع )) , وهي ليست لنقص به - حاشاه - ولكن لتخاذل هذا المجتمع و اتخاذه محل السلامة في وقت لا سلامة فيه , يقول أمير المؤمنين عليه السلام :
يا أشباه الرجال ولا رجال، حُلوم الأطفال، وعقول رَبَّات الحِجال، لوددتُ أني لم أركم ولم أعرفكم معرفة حزتُ والله ندماً، وأعتبت صدماً ... قاتلكم الله لقد ملأتم قلبي قيحاً، وشحنتم صدري غيظاً، وجَرَّعْتُموني نغب التهام أنفاسنا، وأفسدتم عَلَيّ رأيي بالعصيان والخذلان، حتى لقد قالت قريش: إن ابن أبي طالب رجل شجاع، ولكن لا علم له بالحرب، ولكن لا رأي لمن لا يُطاع ) نهج البلاغة 70، 71
نعم , لا رأي لمن لا يطاع , فهلا اطعنا ..؟؟؟
فهلا اجبنا دعوة الداعي ..؟؟؟
هلا انتصحنا بنصيحة أمير المؤمنين عليه السلام , كلا لم نفعل شيئا يمت الى الانقياد والطاعة لهذه القيادة بصلة , حتى تمثل عليه السلام بقول الشاعر :
أمرتهم أمري بمنعرج اللوى ... فلم يستبينوا النصح حتى ضحى الغدِ
ولكن , حين جاء ضحى الغدِ , لم يكن هناك علي , ولا اتباع علي المخلصين , ولا آل علي الطيبين الطاهرين , بل كان هنالك فقط مجتمع مشوه يأكل بعضه بعضا , ويشي بعضه ببعض لدى السلطة الحاكمة بحكم السيف في اتباع أهل البيت عليهم السلام ...
انتهت فترة القيادة بلا قاعدة بغيبة الامام الثاني عشر عليه السلام وعجل الله تعالى له الفرج
وابتدأت فترة القاعدة بلا قائد ,
حيث نبغ وبزغ ولمع وبرع وسما وارتقى الكثير من العلماء والفقهاء والنقباء الاتقياء و نهض الكثير من اشاوس المذهب في التحقيق والنقد والبحث في علوم الرجال والحديث والعلوم الاخرى ونشأت المدارس العلوية في الكثير من البلدان منطلقة من هذا المجتمع , و اصبح في فترة من الفترات قبلة لطالبي العلوم المختلفة , ولكن الجدير بالذكر ان هذا المجتمع حتى حين كان في ذروة تقدمه العلمي الديني والدنيوي (( لم يكن له قائد يذكر )) ... !!!!!!!!!!
بمعنى القيادة السياسية الدينية الاجتماعية المستقلة التي تدير دولة هذا المجتمع كمؤسسات متماسكة و قوة حاضرة تقيه المخاطر والاعداء و تديم الامن والامان لاهله ..
وتتابع الفترات ,
قيادات تبزغ منادية بنبذ الظلم ورفع الحيف عن هذا المجتمع , ولكن للأسف لا تجد من الاتباع قوة وركن شديد فتنهار تحت وطأة الظالم المستبد قتلا وتنكيلا وتهجيرا ...
و قواعد ثورية مناهظة للظلم ومستعدة للجهاد والدفاع عن هذا المجتمع , ولكن للأسف لا تجد من يقودها وينظم هيجانها بشكل يؤدي الى الانتصار و تكوين المؤسسة الحاكمة العادلة - ولو بقدر - فسرعان ما تسقط بعاملين مشهورين احدهما غلبة العدو وثانيهما - للاسف - الانحراف عن سمو الغاية .. !!
في العقود القليلة المنصرمة , نقرأ وبفصاحة ولغة مفهومة تاريخ هذا المجتمع الذي اجتمع في ثورة العشرين بدون قيادة , ليسلم الزعامة عن يد الى ملكية - لا استطيع ان اتهمها كما يفعل غيري - من خارج ابنائه , سرعان ما انقلب عليها بثورة هزيلة ومشوهة بقيادة عبد الكريم قاسم الذي قعد عن احتراف السلطة وقضى بكف اليهود البعثيين الذين عسفوا بالمجتمع واذابوا معدنه المناويء للاستعباد , واطفأوا فيه شرارة الثورة على الباغي , ليسلموه الى السيد محمد باقر الصدر اطلال شعب , و بقايا قاعدة شعبية لم يستطع النهوض بها رغم قدرته القيادية العالية و فكره التنموي الاسطوري , فناضل مع ثلة وجدوا الموت لقمة سريعة بيد الطغاة , منهين بذلك فترة قيادة بلا قاعدة , تلك القاعدة التي كادت أن تحقق شيئا من مناها لو توفر لها القائد المحنك ابان الانتفاضة الشعبانية والتي انهاها النظام البائد عن طريق العاملين اعلاه .. !!
يأتي هنا السؤال ...
هل استفدنا من كل ما سبق من فترات حين تهيأ لنا ذلك بعد سقوط النظام البائد ..؟؟؟
لا تجيبوا , ولا أنا أجيب , فقط القوا بأنظاركم من نوافذ البيوت على الشارع وأنتم تعرفون الاجابة ... !!!!
آآآآه يا هذا المجتمع , بأي لسان أتكلم لتسمع , وبأي اشارة أشير لتفهم , وما اصطلح لتدرك ... ؟؟؟؟
ما هي الحال التي نعيشها اليوم .. هل هي قاعدة بلا قيادة , أم قيادة بلا قاعدة ..؟؟؟
أمر مضحك والله , اتصدقون باننا اليوم نعيش الحالين بنفس الوقت !!!!!!!!!!!!!!!!!
ضحكت والله وانا اكتب العبارة الاخيرة , بعد ان صفر صدري من هذه النفثة المؤلمة ,
وحتى نلتقي بنفثة جديدة اسئل الله قيادة حكيمة لقاعدة مطيعة ... والى من يعرف النكتة أقول (( تريد الجسر طابق لو طابقين ..؟؟؟ ))
تقبلوا تحيتي
اخوكم الامير
27/9/2014