تجذب مقاطعة بريتاني الفرنسية أعداداً غفيرة من السياح كل عام بفضل طابعها المتفرد الذي يجمع بين سحر الطبيعة وعبق التاريخ.
ويمكن للسياح التجول على طرق ريفية ضيقة أو مسارات تم إنشاؤها خصيصاً لاكتشاف المنطقة بواسطة الدراجات الهوائية.
ولكن الطبيعة ليست مستوية على الإطلاق، بل يطغى طابع التضاريس الجبلية على المنطقة، وتكثر بها الطرق الصاعدة والهابطة، وتلفح الرياح وجوه السياح في كثير من الأحيان. وتنتشر المطاعم والمخابز على طول الطرق التجول، والتي تدفع السياح إلى أخذ فترة راحة طواعية للاستمتاع بالمذاق الفرنسي اللذيذ.
طرق خضراء
ويتوافر أمام عشاق الطبيعة الكثير من المسارات ودروب التجول، حيث يمكنهم الاسترشاد "بالطرق الخضراء" التي تمر عبر أجزاء كبيرة من مقاطعة بريتاني..
وتستغرق الرحلة حوالي أسبوعين حتى يتمكن السياح من إلقاء نظرة عامة على مختلف المناطق بمقاطعة بريتاني.
ويمكن للسياح اتخاذ منطقة كيمبر لتكون بمثابة نقطة انطلاق لهذه الرحلة،
وتمتاز هذه المنطقة بالأبراج الرفيعة لكاتدرائية سانت كورنتين، التي تم تشييدها عام 1240، وكذلك المنازل الخشبية المنظمة بشكل لافت للأنظار في البلدة القديمة.
وفي ساحة السوق المغطى يتضح للقادمين على الفور أنهم وصلوا بالفعل إلى فرنسا بعد رحلة طويلة بالقطار. وتزخر أكشاك هذا السوق بالعديد من أصناف الطعام الشهي اللذيذ، إلى جانب أطباق السلطعون والروبيان والمحار.
آثار تاريخية
وتسير رحلة التجول بعد ذلك على خط سكك حديدية مهجور لتصل إلى بلدة لوكرونان التي لا تسير بها السيارات وتكثر بها الطرق الممهدة، وقد تم إنشاء معظم المنازل في هذه البلدة من أحجار الجرانيت،
ويرجع تاريخ إنشاؤها إلى القرن السابع عشر، ولم تطرأ أي تغييرات على مركز القرية، وبالتالي فإنه يمثل بيئة مثالية لتصوير الأفلام التاريخية.
وتستكمل الرحلة بعد ذلك من بلدة لوكرونان إلى مورليه مروراً بمنطقة أوت فينيستير، وتزخر هذه البلدة بالكثير من دور العبادة البديعة، والتي ترجع إلى أواخر القرن السادس عشر وبداية القرن السابع عشر، وذلك في إطار مواجهة حركة الإصلاح الديني.
طريق الشيطان
بعد التجول في بلدة مورليه يتبدى منظر البحر الرائع أمام السياح، حيث تظهر مشاهد بديعة للغاية للساحل المغطى بأحجار الجرانيت ما بين منطقتي تيرغاستيل وبيروس غيريك،
ويكثر ظهور التكوينات الصخرية ذات اللون الوردي. وعند القيام بجولة ترفيهية على الطريق الساحلي يستمتع السياح بالمناظر الطبيعية الخلابة.
وتزخر المنحدرات بالعديد من التكوينات الصخرية ذات الأسماء الغريبة مثل الساحرة الشريرة وقلعة الشيطان وقبعة نابليون أو الجمجمة.
ويمتد طريق الرحلة بمحاذاة ساحل البحر حتى الوصول إلى بلدة كون إميراودي التي تمتاز بالعديد من المناظر الطبيعية الخلابة في منطقة كاب فرييل؛ حيث تعصف الرياح بمنحدرات الحجر الرملي التي تتساقط إلى عمق 70 متراً،
وفوق قمة هذه المنحدرات تعشش طيور النورس وغيرها من الطيور المختلفة. وعلى مسافة بضعة كيلومترات من هذه المنطقة،
توجد قلعة فورت لاتيه، المطلة على المحيط الأطلنطي، وتمتاز هذه القلعة بأبراجها الشاهقة والجسر المتحرك والجدران الضخمة.
وتعد الرحلة إلى جزيرة الرهبان مونت سانت ميشيل، التي تقع على النهر الحدودي ما بين نورماندي وبريتاني، أفضل ختام لهذه الجولة السياحية الرائعة؛ حيث يرتفع "الجبل المقدس" الذي يضم العديد من المباني الرومانية والقوطية، إلى 160 متراً، وتحيط به العديد من المناظر الطبيعية.
وحتى مع ظروف الطقس غير المواتية والسماء الملبدة يبدو هذا الموقع، الذي يندرج ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو، بمظهر غاية في الروعة والجمال.
رد مع اقتباس