Friday, december 30, 2011
مظاهر غربية تنافس الفعاليات الدينية في السلوكيات والمظاهر
الضغوط المُحافِظة لم تمنع شباب العراق من الانفتاح على العالم
شباب عراقيون بقصات شعر وتقليد غربي
يلجأ الكثير من الشبان والفتيات في العراق إلى تقليد عادات غربية سواء من خلال الملابس أو قصات الشعر أو غيرها من التصرفات، حتى أن البعض بدأ يدخل الكلمات الأجنبية خلال الحديث اليومي.
______________________________________
في ظل المتغيرات الاجتماعية والاقتصادية وحتى السياسية في العراق، تتولد الكثير من الظواهر التي تبدو طارئة وجديدة في مظاهر الحياة اليومية العراقية . وابرز هذه الظواهر تلك التي تنتشر بين الشباب من الذكور والإناث ، واغلبها تتعلق بأسلوب المظهر وطريقة السلوك .
والمثير في هذه الظواهر ان اغلبها يعكس التأثر الكبير للشباب بالانفتاح على الغرب ، حيث يحاول الكثير منهم تقليد مظاهر الحياة الغربية و كسر القيود المفروضة على حرية السلوك. وعلى رغم ان هذه الظاهرة تشترك فيها اغلب شعوب العالم الثالث المستورد للظواهر الجديدة من أزياء ومظهر وسلوكيات الا أنها في المجتمع العراقي تتميز بخصوصية ، بسبب الانفتاح المفاجئ للمجتمع العراقي على العالم بعد عقود من الانغلاق والانضباط السلوكي الذي تفرضه الأفكار والسلوكيات التي كانت سائدة إبان فترة العهد العراقي السابق والذي أطيح به في العالم 2003 ، وكان العراق قبل هذا التاريخ شهد قيودا صارمة على الشباب المقلد للثقافات الغربية ، كما توفرت في ذلك الوقت شروطا في المدارس والجامعات والمؤسسات الحكومية لا تتيح اطلاق العنان للشباب المراهق في المبالغة في المظهر من ارتداء قمصان تحتوي شعارات أجنبية او تطويل الشعر بشكل عد غير لائق في ذلك الوقت .
بين عصرين
وبحسب الباحث الاجتماعي ايمن حسين والعامل في مراكز شباب بابل (100 كم جنوب بغداد) ، "فاننا غالبا ما نذكر العام 2003 ، كحد زمني فاصل بين عصرين . ويضيف : هذا صحيح الى حد كبير لان هذا العام لم يقلب نسق الدول العراقية الرسمي فحسب ، بل غيّر الكثير من المفاهيم السياسية والاجتماعية والاقتصادية السائدة لعقود طويلة في البلاد".
ويضيف: ولعل من اهم هذه المظاهر ، الرغبة الكبيرة لدى مجموعة ليست صغيرة من الشباب العراقي في الخروج على المفاهيم الاجتماعية السائدة والتي يعتبرونها مقيدة لهم ، فيلجئون الى ارتداء الأزياء الملفتة للمظهر .
ومن المظاهر الملفتة هو ارتداء فتيات العراق للبنطال الضيق ، لاسيما تحت العباءة ، في تقليد واضح لأسلوب النساء الخليجيات . وتقول فرح عصام ( طالبة جامعية ) ان المرأة العراقية تحرص على ان لا تكون مثار فتنة فترتدي العباءة التي لا تكشف تفاصيل جسدها في حال ارتداءها البنطال الضيق وحتى الجينز .الأزياء الغربية
وترغب الكثير من جامعيات العراق ارتداء البنطلون الذي يضيق على أجزاء البدن على رغم ارتدائهن الحجاب بحسب فرح .
وتوجد بين فتيات العراق من ترغب في تقليد الرجال بالزي الذكوري الذي يجدن فيه أكثر حرية ومناسب ايضا للعمل وأوقات الدوام الرسمي .
وعلى رغم ان أكثر النساء العراقيات يتجهن الى الحجاب ، الا ان ذلك لا يمنع من تنافسهن على الأزياء الغربية التي غالبا ما تكون المفضلة لديهن في الحفلات الخاصة وأوقات اللقاءات .
ويقول الشاب احمد كامل ان الكثير من الشباب يرغب في الانتظام كجماعات " ايمو" ، الذين يتميزون بمظاهرهم وسلوكياتهم الملفتة للنظر .
وعلى رغم الدعوات الى مظاهر المحافظة من قبل مؤسسات وجهات دينية واجتماعية الا ان البعض لا يجد في الانفتاح على العالم ومواكبة الموضة ، أي تعارض مع تلك الدعوات.
ويقول الشاب محمد فرحان (16 سنة) انه يؤدي الشعائر الدينية وفي نفس الوقت فانه يحرص على إتباع أحدث قصات الشعر لاسيما الغريبة منها ، إضافة إلى ارتداء الأزياء الملفتة للنظر على النمط الغربي .ومن بين شباب الايمو ، وسام محمد الذي يتميز بمظهره الدقيق الترتيب، مشاعره الحساسة اتجاه أي سلوك يصدر من الآخرين . ويحبذ وسام ارتداء الحذاء الأحمر الطويل المقدمة ، كما يهتم كثيرا بترتيب شعره وقصه وفق أحدث الصرعات .
ويقول وسام ان وجهة نظره هي الصحيحة حين يقول ان على الشباب العراقي ان يضفي مظاهر الجمال على المشهد اليومي . ويتابع: عدم الاهتمام بالمظهر جزء من أفكار متخلفة لم نستفد منها شيئا.
ويتابع ، محاولا فلسفة تصرفه : يجب على الجميع التمتع بالحياة . والى جانب وسام يقف صديقه الذي يرتدي حزاما عريضا من الجلد يضيق على قميص احمر بخطوط سوداء وقد أسدل مقدمة شعره على وجهه وأذنيه بطريقة ( لايف ستايل ) بحسب تسميته .
ويرى وسام ان جماعة (ايمو) يشكلون الآن حضورا في اغلب مدن العراق مكونين جماعات لها أسلوبها ، ووجهة نظرها في الحياة .
العزلة الاجتماعية
ويلفت الأخصائي النفسي احمد نعمان الى ان هذه الظاهرة لا تعني ان كل هؤلاء الشباب منفتحين على الآخرين . ويتابع : بحسب تجربتي ، فان اغلبهم ممن يحب العزلة ، ويمقت المجتمع ويحاول ان يتميز عنه بالمظهر والسلوك .
وتشير تجارب نعمان الى ان البعض منهم من يرغب في العزلة الاجتماعية ، بل ويلجأ في بعض الأحيان الى معاقبة نفسه او عبر نسيان مشاكله بالاستماع الى الموسيقى الصاخبة مثل موسيقى الروك الغربية وليس الموسيقى العربية او العراقية .
ويرى نعمان ان الكثير من الشباب العراقي يعاني من مشاكل اجتماعية ونفسية متعددة تتمثل في الإحساس بالعزلة والقلق والحرمان بسبب البطالة، حيث ينتج عنه سلوكيات منحرفة. لكنه يلفت النظر الى ان هذه الظاهرة غالبا ما تقترن بفترة عمرية معينة يمر بها المراهق ثم لا تلبث ان تنتهي .ويلجأ بعض الشباب الى تجميل الوجه تماما مثلما تفعل المرأة . ويحمل سليم مظفر الكحلة السوداء أينما حل اضافة الى بعض مستحضرات التجميل ، محاولا إضفاء لمسة أنوثة على مظهره الذكوري .
ويعترف سليم انه يواجه بعض الانتقادات من قبل المحيطين به ، لكنه يجد شخصيته في هذا " الستايل " الجميل بحسب تعبيره .
و يرتدي ليث حسن الملابس السوداء ، مع حروف غربية بيضاء تطرز قميصه ، وعصبة سوداء فوق رأسه ، في مظهر استثنائي في الحياة اليومية . يقول ليث معلقا على السؤال حول مظهر الغريب : هذه حريتي الشخصية ، واشعر بالراحة النفسية في هذا المظهر . ويعمل ليث في احد محلات بيع الملابس في الكرادة في بغداد .
الجنس الآخر
وتحتل موضة (الهافي ميتل) المشتقة من نوع من الموسيقى مكانة مهمة بين الاهتمامات لبعض الشباب ، إضافة إلى موسيقى (الهارد روك).
وفي غالب الأحيان يبحث افراد جماعة ايمو عن صداقات مع الجنس الآخر ، لكنهم لم يفلحوا في ذلك في غالب الأحيان ، ويقول ليث ان البعض منهم يلجأ الى علاقة وهمية يتصورها موجودة فيروي لنفسه وللآخرين أحداثا لم تقع بل هي أحلام يسعى الى ان تكون واقعا في يوم من الأيام .
وإضافة الى هذه الظاهرة فان هناك أساليب جديدة في السلوك والمظهر تنتشر بين شباب العراق ، فالكثير منهم يسعى الى ارتداء القمصان التي تحمل رسومات وحروف ذات دلالة . وترتدي لمى سعد قميصا اشترته بسبعين ألف دينار عراقي ، وهو مطرز برسومات تتوسطها حروف بالانكليزية .
أما سعاد هاشم فتحرص على ارتداء بنطال جينز ضيق لأنها تراه اكثر عملية من التنورة ويتيح لها حرية الحركة إثناء العمل والدراسة .
وشهد العراق منذ سبعينيات القرن الماضي الكثير من التقليعات التي قلدها الشباب مثل الهيبز والخنافس و ( المني جوب) و (الجارلس). ومقابل جماعة ميمو هناك جماعات من الشباب العراقي ترتدي العصبة الملونة على الرأس مع بنطال فضفاض جدا ، ومنهم محمد حسين الذي يطرز ذراعيه بالوشم أيضا .
وترك محمد الدراسة في المرحلة المتوسطة ويعمل الان في متجر ، حيث يحرص على الحلقات الملونة في معصمه ، ويضع في أذنيه سماعات " ام بي ثري " ليستمع الى أغاني الروك وغيرها من الموسيقى الغربية .
الكلمات الغربية
مظهر آخر من مظاهر الانفتاح بين أفراد المجتمع العراقي هو النزوع الى استخدام الكلمات الغربية العرضية بين الجمل ، في محاولة لإثبات الانفتاح على العالم عبر استخدام هذه المصطلحات لاسيما الانكليزية منها . ولا يرى الطالب الجامعي في الأمر من غضاضة ، لان المصطلحات الاجنبية دخلت بقوة الى المجتمع عبر الإعلام والمنتجات الصناعية وكذلك عبر المناهج الدراسية .
لكن البعض من العراقيين ( المحافظين ) يجدون في تصرف الشباب ، إضرارا باللغة العربية ومحاولة لاختزالها وإضعافها لاسيما وان البعض منهم يردد الأغاني الأجنبية ويستمع اليها ساعات طوال .