تحية لك سيدي الكريم ..
لماذا نلوم امريكا وأسرائيل ولانلوم أنفسنا .. أعتقد إن لهم مصالح في المنطقة عموماً وفي العراق خصوصاً ومن حقهم الدفاع عن مصالحهم وتحقيقها بأي طريقة ووسيلة يرونها مناسبة . لماذا لانلوم أنفسنا شعوبا وحكومات وسياسيين وأفراد .. أعتقد يا أستاذي الفاضل إنهم يعملون وفق مبدأ البقاء للأقوى , وهم أقوياء ويملكون الاقتصاد والتكنلوجيا والأسلحه المتطورة وكل السبل والوسائل التي تجعلهم أفضل منا بآلاف المرات وهذه حقيقة لايمكن إنكارها . وبالتالي فأن لهم حق البقاء والسيطرة وفقاً لهذا المبدأ ,أما نحن فيجب أن نكون مستعدين ومهيأين لأي سيناريو أو برنامج تراه أمريكا مناسبا لنا . فعندما أرادت لنا الديمقراطية كنا أكثر الشعوب استعدادا وتهيؤا لها , ولما أرادت لنا الطائفية لم نقصر ولم نمنع إرادتها وعندما أرادت منا أن نكون دواعش فتحنا لها قلوبنا بالرحب والسعة . فما المانع من أن نتقبل كل ما تراه مناسباً لنا بعد داعش .
إن مشكلتنا الحقيقة سيدي الكريم تكمن في إننا لانزال سذج وتافهين في التعامل مع كافة القضايا والمشاكل الخارجية , ولانزال نصدق الأكاذيب والأقاويل التي تصدر من هذا وذاك , ولانزال نعتقد إن أمريكا هي الشيطان الأكبر الذي صوره لنا البعض من الذين يريدون أن يلقوا بنا الى التهلكة , متناسين أو غافلين عن البون والفرق الشاسع بين هذا الشيطان الخارجي والملائكة الداخليين من حيث الإمكانيات والقدرات . غاضين البصر عن حجم الخسائر والتضحيات والدمار والخراب الذي من الممكن أن يسببه لنا هذا الشيطان فيما لو خرجنا عن المسار الذي يرسمه لنا . ولازلنا نتحدث ونتجاسر ونهدد وكأننا من يملك زمام الأمور والمبادرة , ونحن أبعد الناس عن هذا المنطق وآخر من يتحدث به بدليل ما حدث أمس في سبايكر واليوم في الصقلاوية والسجر . لماذا لانراجع تراثنا وتاريخنا ونأخذ منه العبر والدروس فأحداث عام 1991 ليست ببعيدة وحرب الخليج وماتلاها من أحداث ووقائع لازلنا ندفع ثمنها لهذه اللحظة ولازلنا ندفع ثمن الجهاد ضد الطاغية المقبور في ذلك الحين وتبين لنا من هو المستفيد والمتضرر من ذلك الجهاد .
عذراً للإطاله فالموضوع يوجع القلوب وتبكي له العيون دماً , استاذي الفاضل كتب لنا أن نعيش بذل وهوان , ونحن أكثر الشعوب والأمم تأبى الذل والهوان ( هيهات منا الذله ) , لكن ما باليد حيلة , نخرج من ذلة الإستعمار لنقع في ذلة البعث ونخرج من ذلة البعث لنقع في ذلة الإستعمار من جديد . ولم يبقى أمامنا الآن لنخرج من هذا الواقع إلا أن نسكن للذل والخضوع ونتقبله واقعاً وافتراضاً ونعيش وفق مبدأ ( الأيد ألي ما تكدر تلاويها بوسها ) , وننسى القضية الفلسطينة وقضية القدس وأسرائيل , لأن فلسطين نفسها نست القضية العراقية , ونتعايش مع الشيطان الأكبر ونقدم له ولائنا وطاعتنا دون قيد أو شرط .