ولد الشاعر (سامح إبراهيم مصطفى) لوالدين مصريين في الخامس عشر من شهر كانون الثاني سنة ألف و تسعمائة و ستة و ثمانين ، و في ذلك اليوم السعيد أطلق أولى صرخاته التي أعلنت للحياة قدومه الميمون و ولادة شاعر سيستطيع ببديع عباراته تحريك مشاعر الحب و مداواة جراح القلوب و تجفيف دموع العيون المريرة ، و لقد قامت جدته (رحمها الله) بإخبار الجميع عند ولادته أنه فتاة لأنها خشيت عليه و على ابنتها من الحسد فقد شاركتها الولادة ثلاثة سيدات الأولى أنجبت فتاة و سبب هذا حزن غريب لأهل الزوج أما الثانية فقد أنجبت صبي لكنه مات و الأخيرة أنجبت فتاة و لكنها دخلت العناية مع طفلتها مما دفع الجدة الخائفة إلى إشاعة أنه فتاة و ليس صبياً ، و كان الشاعر (سامح إبراهيم) الأخ الأكبر لشقيقين الأول يدعى (إسماعيل إبراهيم) و هو الآن طالب سنة ثالثة في كلية الزراعة و الثاني هو (وليد إبراهيم) يدرس إعدادي هندسة ، و علاقتهم سويا علاقة أخوية رائعة قائمة على الاحترام المتبادل و على الحب و الكثير من المرح المشاغب .
ترعرع الشاعر في عائلة يجللها الاستقرار الأسري و مغلفة برومانسية وردية ساحرة و هذا الجو كان نتيجة تفاهم الوالدين الذين بذلوا كل ما يمكنهم حتى يؤمنوا جواً من الترابط الأسري لأبنائهم الثلاثة حتى عندما كانت تحدث مشكلة ما بينهما ـ كأي زوجين ـ كانت تتم بعيداً عن الأطفال حرصاً منهم على مشاعرهم و أحاسيسهم و نفسيتهم .
نشأ الشاعر (سامح إبراهيم) ببداية حياته في السعودية ، و تلقى تعليماً منزلياً على يد والدته التي كانت شديدة الحرص على تطوير ولدها ثقافياً و تعليمياً و هو لا يزال في الرابعة من عمره أو أقل قليلاً ، و عندما اقترب وقت دخوله إلى المدرسة اكتفى والداه بما قضياه من وقت في السعودية و عادوا إلى مصر و استقروا في الزقازيق ـ محافظة الشرقية ، ليدخل ولدهم المدرسة فقد كان في تلك الفترة التعليم المصري أفضل بكثير من نظيره السعودي بالإضافة إلى أنه سيخسر عاماً كاملاً لو تابع دراسته في السعودية ثم تحول إلى التعليم المصري فيما بعد ، و هكذا دخل إلى المرحلة الأولى من مراحل دراسته و هو لا يزال في السادسة من عمره و أبدى حباً كبيراً للدراسة و الاستذكار و كانت الرياضيات و الإنجليزي و العربي من أحب المواد إلى قلبه و خاصة اللغة العربية التي كانت تشعره براحة كبيرة عند دراستها و كتابتها على الرغم من أن خطه لم يكن بالخط الجميل و لقد قضى المرحلة الابتدائية في الأزهر و لكنه كان يفتقر إلى المهارة الحفظية مما دفعه في المرحلة الإعدادية إلى التحويل للتعليم العام و درس فيه الإعدادي في مدرسة (الحناوي) أما الثانوي فقد درسها في مدرسة (النجاح) ، و أخيراً و بعد مشوار دراسي طويل وصل الشاعر (سامح إبراهيم مصطفى) إلى مرحلة الحصاد و هي الثانوية العامة التي لاقى فيها القليل من الصعوبات لاسيما في المواد التي تحتاج إلى الكثير من الحفظ ، و انتهت الثانوية العامة و انتهى معها عبء ثقيل انزاح عن كاهل شاعرنا المحبوب و توجه بعدها إلى كلية التربية قسم الإنجليزي على الرغم من تمنيه دخول قسم الهندسة ، إلا أن مجموع الثانوية العامة لم يمكنه من ذلك للأسف ، و انتقل الشاعر إلى مرحلة جديدة من مراحل حياته و هي المرحلة الجامعة التي انتسب إليها عام ( 2004 م) ، و عند انتسابه حصل تغيير جذري له من ناحية تركيب شخصيته ، فالذي لا نعرفه عن شاعرنا أنه كان إنسان خجول و منطوي و كلماته محدودة جداً .. تخيلوا !! .. فذلك الشاعر الذي يطربنا بأروع و أندر الكلمات كان فيما مضى شديد الخجل قليل الكلمات ، و لم يكن يشعر به أحد إن تواجد في مكان ما لشدة هدوءه ، لكن بعدما دخل إلى الجامعة تحررت شخصيته منه و وجد نفسه يتعرف على أناس كثيرين ، و نظراً لشخصيته الجذابة و روحه المحبوبة أخذ الناس ينجذبون نحوه و يكونون معه علاقات صداقة ليس من دفعته فقط بل من الدفعات الأخرى أيضاً و لكن من فاز بالقدر الأكبر و الأوفر من صداقته هو الشاعر المجهول الآخر (محمد فتحي) الذيجمعه القدر مع شاعرنا عندما كانوا يمارسون اللعبة الشبابية الأولى و هي كرة القدم ، و في هذا الأمر يقول الشاعر (سامح إبراهيم) :
ـ كنا نلعب كرة القدم في الكلية و بعدما انتهينا تعرفنا كلنا على بعض و شدني لـ(محمد) ضحكه المستمر و روحه الجميلة و اجتماعياته و مداعبته للجميع و بدأنا نتقابل يومياً في الكلية ونسأل على بعض و نقضي الكثير من الوقت سوياً ، و أخذنا نتكلم عن أنفسنا و بالصدفة البحتة وجدت أن هوايته هي نفس هوايتي تماماً مع اختلاف ميله للشعر الفصيح والروايات أكثر بينما أنا أميل للشعر العامي والمقالات الساخرة ، و كنا نعرض أعمالنا على بعضنا و بيننا ميثاق اسمه عدم المجاملة يعني كل واحد يقول رأيه للثاني بمنتهى الصراحة ، و تقبلنا الأمر بسرور تام و زادت خبرتنا سويا و استطعنا أن نطور مستوى بعضنا البعض فتعلمت منه التشبيهات الجميلة و الأسلوب السلس بينما هو كان يطلب مني تدقيق بعض قصائده نحوياً و في بعض الأحيان أساعده في اختيار عنوان لقصيدة ما أحتار في عنوانها .
و هناك قصيدة لـ(محمد فتحي) أحبها شاعرنا للغاية و تفاعل معها فقام بتشطيرها و لقد راق ذلك للأول كثيراً و كلما قاموا بعرضها على أحد ارتسمت الدهشة بأقصى صورها على وجهه و لم يصدق بأن تلك القصيدة قد كتبها اثنان لا واحد ، نظراً لأن الروح التي فيها واحدة و الإحساس فيها واحد
لن أعود
هل أعود إلى قاتلتي سبب شقائي؟
هل أعــــود لمعذبتي ســـر عنائي؟
حقاً تملَّك حبـهـــــــا قلبــي و لكـــــــــن
هل أعود لمن تركتني أنــزف من بكائي؟
هل أعود لمن داســـت بقدميهــا حبي؟
فجعلتـــه هشيماً و بعثرتـــه في الهواء
هي من حطمــــت آمـــالـي و أحـــلامــي
قتلت شـمـســـي و أظـلـمـــت سمــــائــي
أريد أن أســـافر و ألقيهـــا هي و حبهــــا
شــــريدة في الدنيـــا لتذوق مــر جفــــائي
و أزيل مـــن قلبـــــي بقـــايـــا عشقهـــا
المزعوم كفتــــــات الريـــح ورائـــــــي
لكن حبهــا مـــازال يقيدنــي .. يكبلنــي
يعصف بوجداني في العلــن و في الخفاء
لا زلت أهفـــو إليـهـــا رغـــم قسوتهــا
أرأيتم أحداً فـــي سـذاجتــي وغبــــائي؟
أسلمت قيــــدي للنســــاء و لــم أعــرف
أنني ســأعيــش ذليـــلا كثيـــر البــــــلاء
لم أضغ لمـــن بألسنـــة الحــق قالــوا
هي تخلت عنى و تركتنـي أضيـــع على
ضريح قلبي شهيـــد الشوق و العطــــاء
تلاعبت بــي و قذفتـنـي كـدُميتهــا علــى
رصيف الحياة .. جرحتني ومنعت دوائــي
قتلت حبي في مهده ولم تعـــرف أنهـــا
خرقت في قلبي جرحـــا كينبوع الدمــاء
خاسرة هي .. فلن يحبهـــا مثلــي أحـــدٌ
لن تجد يومــا أحدا في إخلاصي و وفائي
و عادت تنـــاديني بـــاكية فهـل أعــود؟
هل يهــون عذابي هكــذا فـور اللقـــاء؟
هل أســـامح وأعفـــو و أنســى غدرهــــا
أم أستمع إلى كلام جرحــى و كبريــــائي؟
------------------------