ما أسوأ المجتمع الذي لا يشعر بالواجب تجاه الأطفال الذين فقدوا آباءهم! وما أتعس هذا المجتمع عندما ينمو هؤلاء الأطفال دون رعاية واهتمام! فيخرج منهم المجرم والخارج عن القانون، وهذا ليس من الإسلام في شيء، وكان من سُنَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يحثَّ المجتمع على رعاية وكفالة مَنْ فقدوا كفيلهم، وبَشَّر رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن الذي يكفل اليتيم يصل إلى درجة في الجنة لا يصل إليها عامَّة المؤمنين؛ فقد روى البخاري عَنْ سَهْلٍ رضي الله عنه، قَالَ: رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "وَأَنَا وَكَافِلُ اليَتِيمِ فِي الجَنَّةِ هَكَذَا". وَأَشَارَ بِالسَّبَّابَةِ وَالوُسْطَى، وَفَرَّجَ بَيْنَهُمَا شَيْئًا.


وهذه الدرجة العظيمة ليست فقط لحماية اليتيم، ولكن لحماية المجتمع كله، وما ظاهرة أطفال الشوارع بكل مخاطرهم إلا صورة من صور إهمال المجتمع لليتامى؛ لهذا كانت هذه القيمة الكبرى لكفالة اليتيم، فلنبدأ بمَنْ حولنا من اليتامى من الأقارب والجيران والمعارف، وليس بالضرورة أن تكون كفالتنا كاملة؛ بل يمكن أن يشترك المجموعة في كفالة يتيم إذا تطلَّب الأمر، فإذا لم نجد هؤلاء اليتامى حولنا فلنساهم في دور كفالة الأيتام، وما أكثرها! وما أحوجها! وبهذه الهمَّة سيأتي يوم بإذن الله لا نجد فيه يتيمًا بلا مأوى.


ولا تنسوا شعارنا: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} [النور: 54].

بقلم د/ راغب السرجاني