إسرائيل سعيدة وترحب بولادة الأعداء الجدد

دام برس _ بلال سليطين :
يسخر الكثيرون عندما يسمعون كلاما هنا أو هناك عن أن العدو الصهيوني (إسرائيل) هو المستفيد الأول والأخير مما يحدث في المنطقة ككل (ماسمي بالربيع العربي)، وهؤلاء لهم توصيفهم بالنسبة للنخب السياسية والفكرية الذين يرون فيهم إما قصورا بالرؤية أو أنهم سعداء بتحييد العدو الحقيقي (إسرائيل) أو أنهم طائفيون مقيتون وبالتالي فإن غرائزهم تغلبت على عقولهم الجامدة.
اذا أجرينا مراجعة شاملة للمنطقة قبل الربيع العربي نجد شبه إجماع على العداء مع الصهيونية، حيث كانت أقلها صور السيد حسن نصر الله وأعلام المقاومة ترفع في كل مكان من المحيط إلى الخليج، وأشدد على الخليج الذي يشهد اليوم انقلابا جذريا في الموقف، وبدل أن يكون هجوم السلطات والرأي العام هناك على الصهيونية ولمصلحة الحزب، بات الموقف ضد حزب الله وإلى جانب العدو الصهيوني، فوسائل إعلامهم ومحللوهم لايتوقفون عن توجيه الإنتقاد للحزب ووضع اللوم عليه في كل شيء.
الأمر لايتوقف عند حزب الله، فحركات المقاومة الفلسطينية نالت نصيبها وتراجعت أسهمها بدرجة أقل، وجميعنا يذكر موقف عدد كبير من إعلامي مصر وحتى جزءا من الرأي العام العربي ضد المقاومة وخصوصا الجهاد وحماس في الحرب الأخيرة على غزة، وبعض الأصوات نادت بتركهم يذهبون إلى الجحيم متجاهلين جرائم العدو الصهيوني بحق المدنيين.
من فلسطين المحتلة إلى إيران ننتقل لنجد حالة من العداء المطلق لهذه الدولة الإسلامية والمعادية للصهيوني، والتي لاتدخر جهدا في دعم المقاومة، إيران باتت اليوم العدو الأوحد لمعظم الخليجيين، وجزء لايستهان به من العرب والمسلمين، في حين أن هؤلاء لايسمع لهم صوت تجاه الصهاينة وإن كان لهم تصريح هنا أو هناك فإنه يأتي قبل وبعد عشر تصريحات ضد إيران، وكأن إيران باتت إسرائيل بالنسبة لهم، وهذا العداء يغذى كل يوم من قبل وسائل الإعلام والدعاة والمحللون السياسيون، والشعوب أرض خصبة على مايبدو لتلقي رسائل العداء لإيران والتغاضي مع الصهيونية.
عدو جديد بدأت ملامحه تتشكل في شمال العراق يتجسد بالدولة الكردية المزعم إقامتها هناك، هذه الدولة وما أن تتشكل وهي بتقديري ستتشكل حالها حال جنوب السودان خصوصا بعد أن أعلن الصهاينة أنهم يدعمون وجود دولة كردية، وما إن تتشكل هذا الدولة في شمال العراق المعروف حاليا باقليم كردستان، حتى تبدأ المطالبة بالأراضي التي تدعي تبعيتها لها في كل من سورية وإيران وتركيا، مايعني بالمطلق تحولها إلى عدو بالنسبة لهذه الدول التي لن تسمح بخسارة شبر من أراضيها، وقد يستغل الكرد واقع سورية الحالي لكي يقضموا الحسكة منها وضمها لدولتهم، وهذا ماسيؤدي حتما لنشوب حرب قد لاتنتهي بسنوات، لتضيف عدوا جديدا للجيش السوري المنهمك بحربه على الإرهاب، والمشغول عن حرب العدو الصهيوني وحتى عن الحدود التي يسرح العدو ويمرح بها، وقد تصبح قضية الجولان قضية ثانية بعد قضية الحسكة اذا ما تم قضمها، خصوصا وأن بعض الفصائل والأحزاب الكردية الموجودة في الحسكة كانوا قد أعلنوا قبل فترة أنها كردستان الغربية وأقاموا حكومة محلية فيها.
كل هذا لا يمكن أن يحصل بالصدفة وهو مخطط بالمطلق وقد عمل عليه بقوة، ولاشك أن الصهونية وأميركا قد أداروا هذه العملية، واستطاعوا إلى حد كبير تغيير العدو وفرض عدو جديد، وهم مستمرون في عملية غسل العقول التي يبدعون فيها.
الصهيونية المعروفة باسم إسرائيل سعيدة جدا اليوم لقد شارفت على التخلص من أعدائها وشغلهم في صراعات أخرى قد لاتنتهي بعشرات السنين، وستنتج أعداءا منهكين غير قادرين على النهوض، في حين تكون هي كالأسد المتأهب لتدمير ما تبقى منهم