من يقرأ تاريخ علاقة العراقيين بزعمائهم منذ عصور خلت ، يجدها مضطربة وقلقة وتحمل تناقضات حادة ، كونها علاقة تعبر عن طبيعة مزدوجة ثنائية ومتنافرة يعيشها العراقيون ، ليس في ما يظهرونه او يبطنونه فقط ، بل في ما يفكرون به في زمن ما ، او ما يعتقدون به خلال عهد معين . العراق له جدلية غريبة بين شعبه وزعاماته من زمن الى آخر تنقل بين السوبرمان الارضى او وكيل الله في الارض ، وصفه منح الالقاب يتشارك فيها العراقيون مع العرب,, بينما العالم الغربى يتكفى بعباره واحده عن رحيل الزعيم او مماته (He is doing his job well ) بدا تاسيس العراق بملك مستورد اسميناه " الملك المؤسس " ، او " السيد صاحب الدار المأمونة " ، ثم " الزعيم الاوحد " ثم " القائد الضرورة " ثم " دولة الرئيس " ...المشكلة في مجتمع يجعل من زعمائه اصناما يتعبد في محرابهم ، فما ان يسقط واحدهم حتى يسحقونه ، فيصبح الوصىّ عدو الاله ، ويصبح سيدي الباشا ذيلا للاستعمار ورأسا للرجعية ، ويصبح الزعيم الاوحد مجرما خدّاعا ، ويصبح ابو الثورات الثلاث مرتدّا وخائنا ، ويصبح الاب القائد محالا على المعاش رهن الاقامة الجبرية ، ويصبح القائد الضرورة دكتاتورا وطاغية مستبدا ، وسيصبح " مختار العصر " في خبر كان بعد ان يأتي من بعده ( أي معبود جديد ) لا يعرف هو الاخر ابدا كيف يتعامل مع العراقيين ، فهو يخدعهم ويضللهم ، وهم يضحكون عليه سواء خافوا وارتجفوا وارتعبوا منه ، او نافقوا له وتراقصوا امامه ، او راحوا يسحلونه ويلعنونه زمنا ، ثم يصبح ( رحمة الله عليه........وهكذا يستمر مسلسل( الاخوه الاعداء)