فنانُنا دلشاد ، مفخرة لهذا البلد ، موسيقار يعزف بروحية الشرقي ذو الطابع الجبلي الذي أخذَ روحية جبال كُردستان أينما رحلَ وإرتحل. يتمتع بإمكانيات مُتطورة وتكتيك خاص بهِ في العزف على الكمان. ودلشاد محمد سعيد ، ملحن بارز. يعتبر ذا تاثير مهم على الموسيقى الكردية المعاصرة. ولد في محافظة دهوك في كردستان العراق عام 1958م . درس الموسيقى مبكراً في بغداد وكان عضواً في فرقة الإذاعة والتلفزيون الموسيقية ، وإلتحق بالفرقة السمفونية الوطنية العراقية عازفاً للكمان ومساعداً لقائد الأوركسترا حينذاك . وفي أواسط الثمانينات أكمل دراسته الموسيقية العليا في جامعة ويلز في المملكة المتحدة وحالياً هو طالب دكتوراه بجامعة أنسبورك بالنمسا حيثُ يقيم حالياً وهو عازف كمان أول في الفرقة السمفونية النمساوية ، ويقيم أنشطته الموسيقية في عدد من المدن الأوروبية . إلتقيناهُ مؤخراً ، وكان لنا معهُ هذا الحوار ..
* دلشاد محمد سعيد ، عازف كمان ومُلحن . عرفكَ الجمهور العراقي عرفك الجمهور اولا من خلال أُغنية
(نرجس) ، أين أنتَ الآن ؟
أنا حالياً مُقيم في النمسا ، أُدرس الموسيقى والعزف على آلة الكمان . عازف كمان أول في الفرقة السمفونية النمساوية ، ودائماً ما أُقدم معزوفات موسيقية في جميع المدن الأوربية .
* من خلال تواجدك هناك هل لكَ أن تصف لنا جهودك في مجال إيصال الموسيقى الكُردية الى تلك البلدان ؟ وكيفَ وجدت تفاعل الناس مع ما تُقدمهُ ؟
بسبب مرجعيتي الدراسية ذات الطابع الغربي ، إستفدتُ من هذا النهج بإحالتهِ الى التطبيق العملي عبرَ الإستفادة من روحية الموسيقى الكُردية وتوظيفها في المعزوفات التي أُقدمها هذا أولاً . أما ثانياً فيما يتعلق بسؤالك حول كيفية تفاعل الجمهور مع موسيقاي ، فوجدتُ كُل الترحيب وحُسن الإستماع والتفاعل مع ما أُقدمهُ .
* أنتَ نقلتَ فلكلور الشعب الكُردي من خلال كمانك ، أين وصلت جهودك وإسهامتكَ في هذا الجانب ؟
جميع موسيقاي قد إستوحت روحيتها من خضم المحن التي مرت على شعبنا الكُردي ، ولم أدع منبر أتاح لي فُرصة الظهور ، إلا وكانت هذهِ الروحية حاضرة وبقوة . حتى إنني وعندما كُلفتُ بإنجاز موسيقى تصويرية لأحد المُسلسلات المصرية التي ستُقدم في شهر رمضان ، كان الألم والحُزن الكُردي حاضراً هُنا .
* هل لكَ أن تحدثنا عن ابرز نتاجاتك الموسيقية و آخرها ؟
أبرز نتاجاتي ، كانت في فيينا _ النمسا ، بمُرافقة الفرقة السمفونية النمساوية حيثُ قدمتُ وبحضور الرئيس النمساوي ، عدة مقطوعات موسيقية من تأليفي ولأكثر من ساعتين .
* كيف تنظر الآن الى واقع الموسيقى الكُردية ؟ وهل برأيك هي قابلة للإندثار أم هي مُقبلة على التخلص من محليتها والإنطلاق نحو العالمية ؟
بصراحة إذا عقدنا مُقارنة بالزمن الماضي ، نجد أن إقليم كُردستان يعج الأن بالكثير من العازفين أصحاب موهبة حقيقية والموسيقيين ممن يُجيدون التعامل بكل عصرية مع الحاضر عبرَ موسيقاهم . لكن ما يؤسف لهُ إن هؤلاء الموسيقيين لا يُغترفون من الفلكلور والموروث الكُردي الأصيل . وبتحقق هذا الشرط ، ستكون للموسيقى الكُردية مكانتها الحقة في العالم .
* رغم كثرة المؤسسات الموسيقية التعليمية في كُردستان كالمعاهد والكُليات ، إلا أن هذهِ المؤسسات لم تُدرج الموسيقى الكُردية ضمن مناهجها التعليمية ، رأيكم في هذا ؟ وهل تجد ضرورة مُلحة لتدريسها ؟
ربما يكون القُصور ليس من هذهِ المؤسسات ، بقدر تعلق الأمر بعدم وجود مادة دراسية أصلية يُمكن الركون إليها تعليمياً ، وهذا هوَ السبب بإعتقادي . ورُغم عدم إمتلاكي لمعلومات مؤكدة حول هذا الموضوع ، لكني آمل أن يتم إدخال الموسيقى الكُردية ضمن المناهج التعليمية، وأنا بصدد تقديم دراسة شاملة عن الموسيقى الكُردية بجامعة أنسبورك في النمسا ضمن إطروحتي لنيل الدكتوراه في الموسيقى ، وبالتالي بالإمكان أن تكون هذهِ الدراسة اللبنة الأولى لمنهاج دراسي لتدريس الموسيقى الكُردية مُستقبلاً .
* أنت جزء من المشهد الفني العراقي برمتهِ بكُليتهِ ، كيف تنظر الى واقع الموسيقى العراقية ؟ وهل تجدها أنها مازلت مُحافظة على صورتها الأساسية ؟
إذا كنا نتكلم على الموسيقى العراقية الراهنة ، لابُدَّ من القول أن عدم إستقرار الأوضاع الحالية في البلد يؤثر بشكل مُباشر على جميع مفاصل الحياة بما فيها الفنون عامة والموسيقى خاصة . فالخصوصية التي يتمتع بها المُجتمع العراقي جعل من الموسيقى العراقية تُحافظ على روحيتها وخُصوصيتها رُغم تقلبات الأحداث في البلد ، فما زالَ الموسيقيين العراقيين يحتفظون باللون العراقي المُميّز لموسيقاهم وهذا شيء رائع ومُدعاة للفخر والإعتزاز .
* ماذا تقول لجمهورك العراقي ؟ وهل توعدهُ بزيارة قريبة لبغداد ؟
بداية أود أن أقول وبكُل إعتزاز ، أنني قد عشتُ أجمل لحظات حياتي في بغداد ، لا بل أنا عشتُ فيها أكثر مما عشتُ في كُردستان . ولن أنسى الأخوة من زملائي الأعزاء في بغداد الذينَ عايشتهم خلال بداياتي ، حيثُ لم أحس أبداً في يومٍ ما من خلال تعاملهم معي وجود تفرقة تجاهي على أساس قومي أو ما شاكل ذلك . ودائماً ما كُنتُ موضع إحترام وتقدير وإحتفاء دائم من قبلهم فلهم مني كُل التحية . و أتمنى من صميم قلبي أن أزور بغداد الحبيبة كي أُقيمََ حفلات موسيقية لذلك الجمهور الواعي والمُثقف ، بالإشتراك مع الفرقة السمفونية الوطنية العراقية أو من خلال التلفزيون العراقي.