النتائج 1 إلى 3 من 3
الموضوع:

الأستاذ بناهيان: عقلانیتنا دعتنا إلى الابتعاد عن الحياة الغربية

الزوار من محركات البحث: 1 المشاهدات : 437 الردود: 2
جميع روابطنا، مشاركاتنا، صورنا متاحة للزوار دون الحاجة إلى التسجيل ، الابلاغ عن انتهاك - Report a violation
  1. #1
    صديق فعال
    تاريخ التسجيل: January-2013
    الجنس: ذكر
    المشاركات: 609 المواضيع: 210
    التقييم: 146
    آخر نشاط: 22/June/2017

    الأستاذ بناهيان: عقلانیتنا دعتنا إلى الابتعاد عن الحياة الغربية

    هذا الذي بين يديك ملخص كلمة سماحة الأستاذ بناهيان في حشد مواكب العزاء في يوم استشهاد الإمام الصادق(ع) في طهران، عام 1435ق.

    الإمام الصادق(ع) معلّم «العقلانية الدينية» الأوّل/ جميع أحكام الدين ووصاياه عقلانية

    إن يوم استشهاد الإمام الصادق(ع) هو يوم تعزيز «العقلانية الدينية» وترويجها وهو يوم إحياء العقل. وذلك لأن الإمام الصادق(ع) قد أحيا العقلانية في عالم الإسلام و وقف أمام الأحكام والمعارف غير المعقولة. فلولا جهود الإمام الصادق(ع) لكنّا نعيش تحت ركام من الأحكام غير المعقولة والتحريفات الفضيعة من قبيل ما يبدعه التكفيريون اليوم.
    أحد أهمّ آثار جهود الإمام الصادق(ع) والتي ما زالت باقية إلى الآن هي أنه أحيا وثبّت عقلانية الدين ووقف أمام الاعوجاج الفكري والنزعات المهمّشة للعقل. إنه معلّم «العقلانية الدينية» الأول وقد استفادت منه جميع المذاهب الإسلاميّة.
    إن جميع أحكامنا ووصايانا الدينية عقلانيّة، فمن يحاول أن يروّج هذا المعنى في المجتمع فإنه في الواقع يمشي في نهج الإمام الصادق(ع). نحن نشاهد أحاديث الإمام الصادق(ع) الحياتيّة في مختلف العلوم الإسلاميّة من الفقه والكلام والأخلاق وغيرها حيث قد فتح أبواب المعارف والعلوم الإسلاميّة وبيّن عقلانيّة الدين.

    إن مقاومة العدوّ من لوازم العقلانيّة/ لم تدعنا القيم والأحكام الإسلامية فقط إلى المقاومة

    عندما نتخذ المواقف السياسيّة على أساس أحكام الدين، فإننا في الواقع قد عملنا بمقتضى العقل، إذ تتحقق قيمنا الدينيّة في هذه العقلانيّة. إن الجهاد ومقاومة العدوّ من لوازم العقلانية. فحتى لو كنّا غير مؤمنين بالقيامة والشهادة والأجر والثواب الإلهي، لحكمت التجربة والرؤية العقلية بوجوب مقاومة العدوّ. لا ينبغي أن تفرّ من الكلب المسعور إن هجم عليك، بل لابدّ أن ترفع حجارة من الأرض وتقف في وجهه ليفرّ منك. إنها لحقائق ترشدنا إليها العقلانية التجريبية، فلم تنفرد القيم والأحكام الإسلامية بتحريضنا على المقاومة.
    لقد قال أمير المؤمنين(ع): «إنَّ الشَّقِیَّ مَن حُرِمَ نَفعَ ما اُوتِیَ مِنَ العَقلِ و التَّجرِبَةِ» [نهج‌البلاغه/الکتاب 78]. إن بعض رجال السياسة غير مبالين بالتجارب التاريخيّة الواضحة. حتى هؤلاء الذين قد فسّروا العقل بالعقل التجريبى المحض، لا يستطيعون إنكار المعنويات بالاستناد إلى التجارب، إذ ما زالت التجربة البشرية تؤيّد عقلانية الدين.

    عدم اعتبار واقعية الأحكام الإلهية متجذرة من فصل الدين عن السياسة

    لقد اشتهرت كلمة «القيم» في الأدبيات المعاصرة. فعلى سبيل المثال يقال: «هذه من القضايا القيميّة...». ولكن يبدو أن هذه الكلمة لم تؤخذ من الدين والنصوص الدينية. طبعا نحن ندافع عن القيم، ولكن ما المقصود من القيم؟ فلا ينبغي أن نسمح للتجريبيّين أن يستغلوا هذا المفهوم لمآربهم الباطلة.
    يودّ بعض الناس ومن خلال كلمة «القيم» أن يزيحوا الأحكام الدينية والقضايا المعنوية عن الواقع وحقائق العالم. في حين أن جميع القضايا المعنوية في ديننا تحكي عن الواقع وتترك آثارا واقعية في الدنيا والآخرة. فهؤلاء الذين لا يقدرون على مشاهدة الحقائق المعنوية ولم يقدروا على محاسبتها، فإنهم يعانون من قلة العقل. إن عدم اعتبار واقعيّة الأحكام الإلهية، متجذرة من فصل الدين عن السياسة. فقد يحترم هؤلاء القيم بحسب الظاهر، ولكنّهم يهمّشون الدين لكونهم لا يعتبرون القضايا القيمية واقعيّة.
    فعندما يعتبرون بعض المعارف والأصول قيميّة، ففي الواقع هم بصدد إلقاء هذه الرؤية إلى المجتمع وهي أن «القضایا والتعالیم على قسمين؛ الأول هو التعاليم والقضايا الواقعية، والآخر هو التعاليم والقضايا القيميّة». فمن خلال هذا التقسيم يسعون للفصل بين الواقع وحقائق العالم وبين القِيَم، ليقولوا: إن القضايا القيمية غير واقعية ولا تنظر إلى الواقع. ولهذا تجدهم يقولون: «إننا نحترم القيم ولكن نعيش ونبرمج حياتنا على أساس الأمر الواقع».
    فعلى سبيل المثال يقولون: كون «الأرض فيها جاذبية» ليست بقضية قيمية بل هي قضية واقعية. أما كون «الوضوء فيه نور» هي قضية قيميّة، وليست بقضية واقعية! في حين أن جميع الأنبياء كانوا يخبرون الناس عن حقائق العالم. فكما أن الأرض تشتمل على الجاذبية ويمكن محاسبة ذلك، كذلك الوضوء يشتمل على نور ويمكن محاسبة هذه الحقيقة بأساليب مختلفة. طبعا ولا شك في أن محاسبة نور الوضوء أصعب من محاسبة جاذبية الأرض.

    الدين هو عين العقلانية فمن خالف الدين فإنه قد خالف العقل

    الدين هو عين العقلانية وإن القضايا الدينية هي قضايا واقعية وحقيقية وليست بقضايا قيمية بالمعنى الذي يروّج له البعض ويقصد منه غير الواقعية. إن القضايا الدينية هي مطابقة للواقع، ولو لم ندركها عبر ما توصّّلنا إليه من التجارب في العلوم التجريبيّة. ولكن يمكن القول أن في آخر الزمان، سوف يلتزم الناس بالدين بدافع العقل والتجارب العقلية. يعني أنهم سوف يدركون عقلانية الدين في ما يرتبط بالعلوم التجريبية والطبيعية وكذلك في علومه الخاصّة كالفقه والكلام.
    لقد سعى الإمام الصادق(ع) ليفهمنا بأن الدين هو عين العقلانية. ومآل هذه الرؤية هي أن لو خالف أحد أحكام الدين، فإنه في الواقع قد خالف العقل، وإن التزم أحد بالدين فإنه في الواقع إنسان عاقل وفهيم. هذا هو الدين الذي عرفّه لنا الإمام الصادق(ع)، فقد قال(ع): «دِعَامَةُ الْإِنْسَانِ الْعَقْلُ وَ الْعَقْلُ مِنْهُ الْفِطْنَةُ وَ الْفَهْمُ وَ الْحِفْظُ وَ الْعِلْمُ وَ بِالْعَقْلِ یَکْمُلُ وَ هُوَ دَلِیلُهُ وَ مُبْصِرُهُ وَ مِفْتَاحُ أَمْرِهِ فَإِذَا کَانَ تَأْیِیدُ عَقْلِهِ مِنَ النُّورِ کَانَ عَالِماً حَافِظاً ذَاکِراً فَطِناً فَهِماً فَعَلِمَ بِذَلِکَ کَیْفَ وَ لِمَ وَ حَیْثُ وَ عَرَفَ مَنْ نَصَحَهُ وَ مَنْ غَشَّه‏» [الكافي/1/25].
    أحد الفوارق المهمّة بين الإسلام وباقي الأديان هو أنك إذا أردت أن تناقش الأديان الأخرى عقليا، سيقول لك أتباع ذاك الدين: «لا يمكن فهم هذه العقائد بالعقل، فلماذا تريد أن تناقش القضايا المعنوية بالعقل؟» أما في الإسلام فكل أحكامه ومعارفه المعنوية قد صبّت على أساس العقلانية.

    يتبع إن شاء الله...


  2. #2
    صديق فعال

    عقلانیتنا دعتنا إلى الابتعاد عن الحياة الغربية 2

    لماذا تنتهي فترة الاستهزاء بالمتدينين بعد ظهور الإمام الحجة(عج)؟


    هل تعلمون لماذا يستهزئ بعض الناس بالمتديّنين؟ أحد أسباب هذه الظاهرة هي عدم تبيين عقلانية الدين بمختلف الأساليب. لابدّ من تبيين عقلانية الدين بأساليب مختلفة، وحتى إن اقتضت الضرورة لذلك لابدّ من تبليغ الدين بأدبيات مختلفة كما نشاهد هذا الأسلوب في الآيات والروايات.
    بعد ما يظهر الإمام الحجة(عج) سوف لا يملأ جيب الناس نقودا ولا يطبّب أجسامهم ويداوي أمراضهم، ولا يملأهم حبا وولها بالعبادة، أو يضاعف إيمانهم أو ينوّر قلوبهم. فبدلا من هذه المبادرات سوف يمسح الإمام على رؤوس الناس ويكمّل عقولهم. «إِذَا قَامَ قَائِمُنَا وَضَعَ اللَّهُ یَدَهُ عَلَى رُءُوسِ الْعِبَادِ فَجَمَعَ بِهَا عُقُولَهُمْ وَ کَمَلَتْ بِهِ أَحْلَامُهُم‏» [الكافي/1/25] إذ بعدما يكمل عقل الناس، تأتي كل هذه البركات بتبع نضج العقل. فسوف تتبعه روح التعبد، إذ أن عقل الناس سيبلغ درجة من الكمال بحيث يعبد الله بدافع العقل والإدراك العقلي وبتبع ذلك سيزداد الناس نورا.
    إنّ ابتعادنا عن الحياة الغربية بسبب عقلانيتنا لا بسبب القيم الإسلامية فقط

    أرجو أن نكون في أيّام آخر الزمان وأن تزداد عقليتنا الدينية. وأرجو أن نكون من الذين تمسّكوا بدينهم بدافع العقل. لا ينبغي أن نتجنب أسلوب حياة الغربيين بدافع الالتزام بالقيم الإسلامية وحسب، بل بإمكاننا أن نقول: «نحن لا نعيش مثلهم بسبب ما يحكمه علينا عقلنا، إذ أسلوبهم في الحياة عين الحماقة حتى وإن كنا لادينيين». ولدينا أدلّة كثيرة على قولنا هذا. فعلى سبيل المثال إن حياتهم هذه قد أدت إلى تمزّق الأسر وانقراض الأجيال وإصابة الناس بالأمراض النفسية وانخفاض جودة الحياة إلى غيرها من الأدلة والبراهين التي نستطيع أن نكتشفها بأقلّ دقة وإمعان في حياتهم.
    لماذا لا نرضى بالعيش مثل الغربيين؟

    لماذا لا نرضى بالعيش مثل الغربيّين؟ أحد أدلتنا القاطعة هي أنه جميع حكّام البلدان الغربية بلا استثناء هم من الذئاب المتوحشة الذين يدعمون سفاكي الدماء ومجرمي العالم. ويل لهذه الثقافة التعيسة التي تحكّم مثل هؤلاء الأنذال والأرذال على رقاب المجتمع والذين عندهم قتل الإنسان أسهل ما يكون ويوفّرون أسلحة قتلة العالم ومجرميه بكل وقاحة. لن نخضع أبدا للثقافة الغربية ليترأس علينا أمثال هؤلاء الذئاب. ولم ننطلق في هذه القناعة وهذه الرؤية من الدين والقيم وحسب، بل هذا هو مقتضى العقلانية.
    إن حكّام البلدان الغربية يشاهدون هذا الكمّ الهائل من الجرائم من جرائم غزة إلى جرائم هؤلاء التكفيريين الذين يمارسون القتل البشع يوميّا. أحد نماذح جرائم التكفيريين هي أنهم ذبحوا ألفين وخمسمئة طفلا بسبب حبّهم لأهل البيت(ع). إنهم يشاهدون هذه الجرائم ولكنّهم لزموا الصمت بل قد دعموا المجرمين بشكل رسمي وجهزوهم بأنواع السلاح.
    لم يحركوا ساكنا تجاه كل هذه الجرائم بل قد دعموهم، أمّا عندما ذبح مراسل أمريكي على يد هؤلاء التكفيريّين، قامت قيامتهم وتصاعدت أصواتهم بالاستنكار. فتبّا لهذه الحضارة والثقافة التي تُرَأس مثل هؤلاء الأقذار على المجتمعات البشريّة. وأنتم تعلمون أن ليس الكلام هنا كلاما عن القيم الدينية، وحتى لم يكن الكلام ثوريّا، بل هو كلام عقلاني. كيف يمكن أن يكون هذا الفكر وهذه الثقافة وهذه الحضارة تؤدي إلى مثل هذه الجرائم ولا تملك أيّ طريق لردعها، ثم تكون ثقافة عقلانيّة؟!
    قول الإمام الخميني(ره) في عدم جواز الثقة بأمريكا، كلام عقلاني ولا قيميّ

    كان منهج الإمام الخميني(ره) منهجا عقلانيا. فعلى سبيل المثال كان يقول: «لا یمکن الثقة بأمريكا» فهذا الكلام كلام عقلاني وليس بكلام قيمي. فانظروا أيّ دولة في العالم، قد اعتمدت على أمريكا ولم تتورط؟! فعلى سبيل المثال انظروا إلى اليابان، فإنها ومن أجل الخروج من تحت هيمنة أمريكا وإخراج الجنود الأمريكيين من أرض اليابان، تحاول منذ سبعين سنة أن تكسب ثقة الأمريكان، ولكن مهما فعل اليابانييون من مبادرات لا يزال الأمريكان لا يوافقون ولا يسمحون لهم بالاستقلال الكامل، فلا يدرى ما كان على اليابانيين أن يفعلوه حتى يطمئن بهم الأمريكان؟! وحتى في مجال الاقتصاد لا يخفى عليكم مدى اتكاليّة اليابان إلى رأسماليي الغرب والصهاينة.
    لم تلتزم أمريكا بشيء من عقودها الدوليّة كما أنه لم يلتزم الصهاينة بعقد وعهد إلى الأخير. وهذه قضايا عقلانية ولا تحتاج إلى الاعتقاد بالدين والثورة والقيم. فأيّ سياسيّ لا يعي هذه الحقائق ففي عقله خلل. طبعا وبالتأكيد قد يضطر الإنسان إلى مفاوضة الأمريكان أو الصهاينة ولكن يجب أن يعرف من يفاوض، ولابدّ أن يستعرض ملف الطرف المقابل وسابقته التاريخية في تعامله والتزامه بالعقود.
    إن إدراك هذه القضايا بحاجة إلى عقلانية لا ديانة. طبعا إن الديانة تعزّز عقلانية الإنسان، ومن هذا المنطلق لابدّ من الديانة أيضا، إذ كلّما قلّ دين المرء يقلّ عقله. فعلى سبيل المثال إذا أردتم أن تتعاملوا مع إنسان غير مضبوط في حسابه، تتعاملون معه بمزيد من الاحتياط ولا تدخلون معه في عقد بيع أو قرض إلا إذا اضطررتم إلى ذلك، وهذا ما يفرضه عقل الإنسان بغض النظر عن الآيات القرآنية والروايات. يكفينا القرآن أن قال: (وَ لا تُلْقُوا بِأَيْديكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ)[البقرة/195].
    إن إقامة العزاء عمل عقلاني ويعتبر أكبر رأسمال اجتماعي/ الذين يعتبرون إقامة العزاء عملا لا نفع فيه فليصلحوا عقلهم

    أنتم الذين أقمتم العزاء على أهل البيت(ع) لا يخفى عليكم أن إقامة العزاء عمل عقلاني. فعندما تقومون بمحاسبة آثار إقامة العزاء بالرؤية العقلية فقط، تجدون أنها أكبر رأسمال اجتماعي. كان قد جاء رئيس التحرير لإحدى الصحف الروسية المعتبرة إلى إيران في شهر محرم قبل سنوات عديدة وشاهد مظاهر العزاء للشعب، فقال بعد رجوعه إلى بلده: حتى ولو كانت إيران تملك سلاحا نوويّا، فهذا لا يخيف الغرب، ومهما حصلت على تقنية أو قوة عسكرية فلا يخاف الغربيون من ذلك، أما الذي يخاف الغربيون منه، والذي سوف تصبح إيران به قوة عظمى وتقضي به على حضارة الغرب، إنما هو الشيء الذي شاهدته في إيران في يوم عاشوراء وهو مواكب العزاء في محرم التي تمثل رأسمال اجتماعي لا نظير له. (وكالة فارس للأنباء/ رقم: 8910060655) بالتأكيد إن هذا الكلام ليس كلاما قيميّا، بل هو كلام عقلاني، إذ لم يتكلم هذا الرجل الإعلامي على أساس الآيات والروايات! ولم ينطلق في تحليله هذا من الروايات التي تتحدث عن أجر الباكي على الحسين(ع) أو الذي تدمع عينه على مصيبة الحسين(ع)، بل قد تحدث على أساس ما توصّل إليه عقله. ودراساته الاجتماعية العقلانية هي التي أوصلته إلى هذه النتيجة وهي أن من شأن هذه الأعمال والمراسم أن تنتج طاقة اجتماعية عظيمة.
    إن إقامة العزاء على أهل البيت(ع) عمل عقلاني. أما بعض الناس الذين يعتبرونها عملا لا فائدة فيه، فلابدّ أن يعالجوا عقولهم، إذ حتى لو لم تأتنا هذه الروايات الكثيرة في أهميّة رثاء أهل البيت(ع)، مع ذلك لابدّ أن يدرك الإنسان العاقل بعقله شدّة أثر إقامة العزاء.
    فعلى سبيل المثال هذه الردّات وتكرار المستهلّات الذي هو عمل متعارف في المواكب والهيئات، هل هي أعراف وثقافة ابتدعناها من عندنا؟! كلا! إذ أن أهل البيت(ع) أنفسهم هم الذين أكدوا على إنشاد الأشعار. فقد قال الإمام الصادق(ع): «مَنْ أَنْشَدَ فِي الْحُسَيْنِ ع شِعْراً فَبَكَى وَ أَبْكَى عَشْراً كُتِبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ وَ مَنْ‏ أَنْشَدَ فِي‏ الْحُسَيْنِ‏ شِعْراً فَبَكَى وَ أَبْكَى خَمْسَةً كُتِبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ وَ مَنْ‏ أَنْشَدَ فِي‏ الْحُسَيْنِ‏ شِعْراً فَبَكَى وَ أَبْكَى وَاحِداً كُتِبَتْ لَهُمَا الْجَنَّةُ وَ مَنْ ذُكِرَ الْحُسَيْنُ ع عِنْدَهُ فَخَرَجَ مِنْ عَيْنِهِ [عَيْنَيْهِ‏] مِنَ الدُّمُوعِ مِقْدَارُ جَنَاحِ ذُبَابٍ كَانَ ثَوَابُهُ عَلَى اللَّهِ وَ لَمْ يَرْضَ لَهُ بِدُونِ الْجَنَّةِ.»[كامل الزيارات/ص104] وكذلك عندما يشاهد عالم اجتماعي هذه الظاهرة، يدرك مدى أثرها والطاقة التي تبعثها في المجتمع.
    قبل أكثر من عشر سنين، قال لي أحد المسؤولين في يوم عاشوراء: لقد استضفت مجموعة من العلماء الروسيين حيث قد أتوا إلى طهران من أجل مشروع علمي. فذهبت بهم إلى أحد شوارع طهران ليشاهدوا مواكب العزاء ويتفرجوا عليها. فبعد ما شاهدوا المواكب قالوا: بعدما شاهدنا هذه المواكب بدأنا نتباحث مع بعض أن كيف لم يصبح الإيرانيون لحد الآن قوة عظمى مع ما يملكونه من رأسمال اجتماعي عظيم كهذا؟! والجواب واضح، إذ لا نعرف قدر هذه النعمة، ولم يبلغ عقل بعض مسؤولينا الثقافيّين في مجتمعنا إلى درك هذه المسائل.
    إن هذه لمسائل عقلانيّة، ولكن إذا كنتم تتوقعون أن أعداءنا والقنوات الاستكبارية يثنون على يوم عاشوراء وإقامة العزاء فيه ويقرّون له بالمجد والعظمة فهذا ما لن يفعلوه أبدا، بل بالعكس فإنهم يحاولون أن يتغافلوا عن هذا الموضوع ويهمّشوه في إعلامهم، وكأنه أمر غير مهم! وحتى إن بثّوا خبرا عنه فيتحدثون عنه كقضية ثقافية فرعيّة وهامشية. ولكنهم في قرارات أنفسهم يعرفون جيدا كم هي قضية مهمة ومدعاة للقوّة.

    يتبع إن شاء الله...

  3. #3
    صديق فعال

    عقلانیتنا دعتنا إلى الابتعاد عن الحياة الغربية 3

    لماذا لم نقدر على إنقاذ العالم بالحسين(ع) بعد مضيّ 53 عام؟

    بإمكاننا ومن خلال هذه التجمعات وإقامة العزاء أن نوجد تحولا في العالم. ولكن لماذا بعد مضي 35 عام لم نقدر على إنقاذ العالم بأهل البيت(ع) وبالحسين(ع) ولم نصحّي أهل العالم بهم؟ لأن بعض مسؤولينا الثقافيّين لم يكونوا يحظون بدراية الإمام(ره) ومستوى وعيه ورؤيته حتى يدركوا مدى أهمية هذا الرأسمال الاجتماعي. يقول الإمام الخميني(ره): «إن هذا اللطم، وإنشاد القصائد هي سرّ نجاحنا. فلابدّ أن تكون مجالس العزاء في جميع أنحاء البلاد. وليقرأ الجميع وليبكِ الجميع. فأي شيء أكثر انسجاما من هذا؟ وأين تجدون شعبا منسجما ومتحدا بهذا الشكل؟ من الذي وحّدهم؟ إن سيّد الشهداء هو الذي وحدهم... من الذي قادر على صنع مثل هذه المواكب العظيمة وبهذه المضامين؟ في أيّ بقعة من العالم تجدون مثل هذا النظم والاتحاد لدى الشّعب»[صحيفة الإمام(الفارسية)/ 11/ 99].
    كان الإمام(ره) يؤكّد على هذه المسائل المعنويّة من منطلق عقلي، ولكن مع الأسف ترى الميزانيّات والأموال التي صرفت من قبل المسؤولين خلال 35 عام للمجالس غير المعنوية أكثر بكثير من الميزانيات التي صرفت في هذا الاتجاه. كم من أموال هذا البلد قد صرفت لشؤون ثقافيّة غير معنوية والتي أبعدت الناس عن المسائل المعنوية! طبعا وبالتأكيد لا أدّعي أن بعض مسؤولينا الذين قصروا في هذا الشأن كانوا غير متديّنين، ولكني أتحدث عن مستوى عقلهم ودرايتهم.

    إن إخلاص العقلاء أصعب وأثمن من إخلاص العوام

    وأما كلامي الأخير هو أنه: مع هذا التأكيد على العقل والعقلانية فأين دور العشق إذن؟! ومتى يكون الإيمان والإخلاص؟! نحن نريد أن نقيم العزاء بدافع الحبّ والعشق وننادي صاحب العصر والزمان من وحي العشق، فهل ينسجم العشق والإخلاص مع العقلانيّة؟ الجواب هو أنه ليس فقط لا تعارض بين العشق والإخلاص وبين العقل، بل إنهما عين العقلانية.
    يزعم بعض العوام أنه إذا أشار عليهم العقل بترك عمل ما، ولكنهم قاموا به في سبيل الله، عند ذلك يتحقق الإخلاص! نعم هذا هو إخلاص العوام. أما إخلاص العقلاء والعلماء فيقول: «إن هذا العمل نافع لك ولكن اعمل به في سبيل الله لا من أجل منافعك الدنيوية». وهنا يحسن الإخلاص.
    نحن إذا لم ندرك الفوائد العقلية المترتبة على عمل ما، ثم نقوم به من أجل الله، فهذا إخلاص العوام. أما إخلاص العلماء فيقول مثلا: «لا يخفى عليك فوائد طول السجود على دوران الدم وعلى الدماغ وعلى صحة جسم الإنسان، فأنت تعلم كل هذه الفوائد ولكن أطل سجودك في سبيل الله لا من أجل هذه الفوائد الماديّة». إن مثل هذا الإخلاص أصعب وفي نفس الوقت أثمن. مما لا شك فيه إن جميع الأحكام الدينية لا تخلو من منافع قصيرة المدى أو طويلة المدى في حياة الإنسان الدنيوية. فليس معنى الإخلاص هو أن الله قد فرض علينا أعمالا لا فائدة لها أو أعمالا مضرّة، وأراد منا أن نقوم بهذه الأعمال في سبيله ولوجهه.
    وكذلك لا تعارض بين العشق والعقل. وحتى أن العقلانية تعزز عشق الإنسان وتهديه لمعشوق أفضل. يقول العقل: «اعشق معشوقا يستحق العشق، وإلا فتخسر وتهلك». فيأتي العقل بخدمة العشق ويعزز روح العشق في وجود الإنسان. ليس هناك تعارض بين العقل والعشق فإذا وجدتم تعارضا بينهما في الأدب، فذلك لأنهم أرادوا أن يحقّروا العقلَ الأسير تحت الهوى والذي لا يطلب سوى لذات الدنيا. وإلا فإن لم يعقل الإنسان لن يعشق وعقل الإنسان هو الذي يدعوه لمحبة الله وعشقه.

    يأتي يوم يكون فيه البكاء والنياح وصب الدموع على أهل البيت(ع) دليلا على زيادة العقل والعلم

    نحن متفائلون بتطوّر مجتمعنا. وإن شاء الله سوف ترون في هذا المجتمع الإسلامي يوما، يكون فيه البكاء والنياح وصبّ الدموع على أهل البيت(ع) دليلا على زيادة العقل والعلم. وقد بدت اليوم بوادر هذه الرؤية. فعلى سبيل المثال في أيام محرم وأيام الاعتكاف نجد مظاهر البكاء في الأوساط الجامعية أكثر من الأوساط الأخرى. فليس العقل والعشق غير متعارضين فحسب، بل العقل يقرّب الإنسان إلى العشق. إن العشق والحرارة الثورية هي مما اختص به العقلاء. فمن كان من غير أهل الفهم والوعي، لا يحظى بالحرارة الثورية بطبيعة الحال.
    إن ديننا دين عقلاني وعشقنا وإيماننا وإخلاصنا هي مسائل عقلانية. كما أن صفاء باطننا من نتائج العقل. فقد قال النبي الأعظم(ص): «مَن قارَفَ ذَنباً فارَقَهُ عَقلٌ لا یَرجِعُ إلَیهِ أبداً»[میزان‌الحکمة/الحدیث6751] فالذنب يقلل عقل الإنسان والعمل الصالح يزيد من عقله وينوّره.
    نسأل الله أن يزيد عقولنا ويكمّلها وينوّرها على يد الإمام صاحب العصر والزمان(عج) قبل ظهوره، وأن يجعل عقولنا تهدينا وترشدنا إلى محبة أهل البيت(ع) وأن يجعل عباداتنا عبادات عقلانيّة ويجعل مجتمعنا هاديا إلى العقل والعقلانية في العالم.

تم تطوير موقع درر العراق بواسطة Samer

قوانين المنتديات العامة

Google+

متصفح Chrome هو الأفضل لتصفح الانترنت في الجوال