الدراسة آخر هموم النازحين إلى إقليم كردستان بعد السكن والوظيفة
بغداد/ المدى *
في وقت بدأ الطلاب يتهيأون فيه منذ الصباح الباكر للالتحاق بأول يوم في مشوار العام الدراسي، كانت آية وشقيقها محمد يغطان في النوم لأنهما لم يجدا مقعدين لهما في أي من مدارس الإقليم الذي نزحا إليه مع عائلتهما هرباً من وضع الأنبار الأمني. آية في ربيعها الحادي عشر ومحمد في التاسعة، والداهما يشعران بخسارة في تخلف طفليهما عن الدراسة، إذ قاما بجولات مكوكية بين مدارس أربيل وعادا منها خائبين تماماً مثلما يحدث لمئات آخرين من أولياء الأمور النازحين من شتى مناطق العراق.إحصائيات مديرية الهجرة والمهجرين في إقليم كردستان تشير إلى وجود أكثر من400 ألف نازح من عرب وسط وجنوب العراق وهم يقيمون هناك اليوم إضافة إلى لاجئين إيزيديين ومسيحيين وفدوا من نينوى وآخرين تقاطروا من سوريا وإيران وتركيا في أوقات سابقة.
كثيرون من أولياء الأمور زاروا مديريات التربية في الإقليم قبل أسابيع من بدء العام الدراسي لتسجيل أبنائهم في المدارس، وقليلون فقط هم الذين حصلوا على فرصة القبول بسبب قلة المدارس التي تدرِّس باللغة العربية واكتظاظها بالتلاميذ والطلبة.
وزار أهالي هؤلاء الأطفال مديريات التربية في الإقليم قبل بدء العام الدراسي بأسابيع إلا أن عدداً قليلاً منهم حصلوا على فرصة للقبول بسبب قلة المدارس العربية.
عبدالله عبدالكريم الذي غادر محافظة الأنبار منذ أكثر من شهر وتوجه إلى أربيل مثل مئات العائلات الأخرى لا يعرف ماذا سيكون مصير أطفاله إذا لم يُقبلوا في مدارس الإقليم كما لا يعلم هؤلاء متى سيمكنهم العودة إلى منازلهم ومدارسهم.
وقال عبدالله لـ"نقاش" حول الموضوع "إضافة إلى مشكلتي السكن والوظيفة أصبحت لدينا اليوم مشكلة الدراسة أيضا لأن المدارس التي فُتحت باللغة العربية في أربيل قليلة جداً مقارنة بأعداد النازحين الهائلة".
وينتظر عبدالله بفارغ صبر التفاتة حكومتي الإقليم وبغداد إلى أوضاع النازحين ومشكلة أطفالهم.
ومع أن وزارة التربية في الإقليم أعلنت عن افتتاح عدد من المدارس الجديدة للنازحين العرب إلا أنها تعترف بأن تلك المدارس والمدارس الأخرى التي تم افتتاحها من قبل ليست كافية لاستيعاب جميع الأطفال النازحين.
وكشف فاتح مولوي زادة المتحدث باسم وزارة التربية في الإقليم لـ"نقاش" أن أكثر من مليون و(673) ألف طالب من رياض الأطفال إلى مرحلة الإعدادية التحقوا بـ(6734) مدرسة كما فتحت الوزارة (69) مدرسة عربية لاستيعاب (35629) طالبا وخصصت لها (1978) مدرساً.
وبحسب المتحدث فإن تلك المدارس خُصصت للطلبة العرب الذين كانوا يقيمون في الإقليم قبل أحداث حزيران (يونيو) الماضي أما الطلبة الآخرون اللذين جاؤوا بعد هذه المدة فلا مكان لهم فيها.وأضاف "لا يقع حل المشكلة على عاتق إقليم كردستان فقط بل يجب على الحكومة الاتحادية أيضا أن تلعب دورها في تأمين فرص الدراسة للنازحين العرب".
و ذكر مواطنون عرب لمراسل "نقاش" إن مديريات التربية في الإقليم أبلغتهم بأنهم إن أرادوا لأولادهم الاستمرار في الدراسة فيمكنهم إرسالهم إلى المدارس الكردية واستغربوا كيف يمكنهم القيام بذلك وأطفالهم لا يعرفون اللغة الكردية. المتحدث باسم وزارة التربية في الإقليم قال معلقاً "لم نفرض على أحد أن يدرس بلغة أخرى غير لغته الأم".
ولم تولّد كثرة أعداد النازحين مشكلات للطلبة العرب فحسب بل تسببت أيضاً في عدم تمكُّن المئات من الطلبة الكرد الالتحاق بمدارسهم مع أقرانهم وذلك بسبب إقامة النازحين في مدارسهم حيث لا يمكن الدراسة فيها.
وعلم مراسل "نقاش"أن 650 مدرسة في محافظة دهوك و100 مدرسة أخرى في الأقضية والنواحي التابعة لمحافظتي أربيل والسليمانية يقيم فيها النازحون وقد توقف فيها الدوام ولم تبدأ فيها الدراسة.
وفي هذا الصدد أشار مولوي زادة إلى أن جميع المدارس التي يقيم فيها النازحون لن يبدأ فيها الدوام حتى يتم نقل النازحين إلى أماكن أخرى.
ومع أن الأجهزة ذات الصلة في الإقليم لا تملك إحصاءات دقيقة حول عدد الطلبة العرب الذين سيُحرمون من الدراسة ولكنها تشير إلى أن عددهم ليس بالقليل وليس في إمكان الإقليم أن يؤمن لهم فرصة الدراسة.
* عن موقع نقاش