Tuesday, december 27, 2011
عمليات تهريب الماشية في بلاد الرافدين تهدد الثروة الحيوانية بالانقراض
العراق: مافيات تغري حرس الحدود بالأموال لتمرير صفقاتها
الثروة الحيوانية مهددة في العراق بفعل عمليات التهريب
على رغم أن الدوريات الأمنية العراقية على الحدود تمسك بالكثير من الماشية المهربة إلا أن المهربين يعرفون في الكثير من الأحيان كيف يتجاوزون نقاط التفتيش والتحريات عبر مسالك يصعب الوصول ‘ليها من قبل الشرطة اضافة إلى استخدامهم الليل غطاءً لتمرير خططهم.
___________________________
يربط خبراء اقتصاد عراقيون ومواطنون، بين ارتفاع أسعار اللحوم والماشية المضطردة في البلاد وبين تهريب المواشي إلى دول الجوار، والذي استفحل إلى درجة كبيرة عبر عصابات وجدت في الفراغ الأمني عبر الحدود المشتركة مع دول الجوار، فرصة لتحقيق أرباح طائلة من جراء عمليات التهريب. وما يثير بحسب الخبير الزراعي، فوزي تركي، أن عملية التهريب تحدث باتجاه واحد، من العراق إلى الخارج، أما التهريب المعاكس فيحدث بكميات ضئيلة جدًا.
تهريب المواشي
وارتفعت أسعار المواشي في العراق بشكل كبير جدًا حتى وصل سعر الرأس الواحد من الماشية نحو ثلاثمائة ألف دينار عراقي، كما وصل سعر الكيلوغرام من اللحوم نحو عشرين إلف دينار عراقي.وكانت وزارة الزراعة العراقية أعلنت هذا الأسبوع عن خطة لمواجهة تهريب المواشي الى دول الجوار.وبحسب وكيل وزارة الزراعة، مهدي ضمد القيسي، فان الخطة تتضمن ترقيم المواشي في جميع أنحاء البلاد، الأمر الذي سيمنح الوزارة قاعدة بيانات كاملة عن أعدادها وأماكن وجودها.لكن المهندس الزراعي قيس المعموري من بابل (100 كم جنوب بغداد)، يرى أن الخطة هذه لكن تكون ناجعة في منع تهريب المواشي إلى خارج الحدود إذا لم يرافقها، ترتيبات أمنية على الحدود المشتركة تحول دون التهريب. ويتابع: "لكن الترقيم سيكون ايجابيًا بكل تأكيد في تسهيل تلقيح المواشي وتحسين سلالاتها".
تناقص الثروة الحيوانية
وبحسب المنظمة العالمية للأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو) فان نحو أربعين بالمائة من الثروة الحيوانية في العراق هربت بعد العام 2003 إلى الدول المجاورة. ويتابع المعموري أن تنمية الثروة الحيوانية شبه متوقفة في العراق، منذ العام 2000 مما أدى إلى نقص واضح في أعداد الثروة الحيوانية في العراق بنسبة 33% مقارنة بالعام 1980.
وبحسب المراقب الاقتصادي عادل الربيعي فان اغلب اقتصاديات القرى الحدودية تعتمد على التهريب بكافة أنواعه لاسيما تهريب المواشي، الذي يعد تجارة لا تكسد مهما طالت الأيام. وعلى رغم أن تلك المناطق والقرى الحدودية أصبحت محط أنظار الجهات الأمنية والقوات الأميركية بسبب تسلل الإرهابيين عبرها الى داخل العراق، إلا أن ظاهرة تهريب المواشي لم تتوقف يوما عبر هذه القرى بسبب قدرة المهربين على المراوغة وتمويه القوات الحكومية.ويعزي مربي الاغنام، شاكر هلال، استمرار تهريب المواشي العراقية الى الجفاف ونقص الأعلاف وانحسار مناطق الرعي، مما شجع الكثيرين على التهريب، حيث يدر الرأس الواحد من الماشية المهربة أضعافا مضاعفة من المال مقارنة بسعره فيما اذا تم بيعه إلى قصاب أو مواطن.
ويروي تاجر المواشي سعدون حسين من كربلاء (108 كم جنوب غربي بغداد)، كيف ان عملية التهريب تبدأ من السوق حيث يقبل أشخاص على شراء أعداد كبيرة من المواشي وبأسعار لا يقفون عندها كثيرا لقدرتهم على الدفع، بعدها تنقل القطعان المشتراة عبر أدلاء ورعاة ماهرين يعرفون الطرق الحدودية جيداً ليتم نقلها الى دول الجوار.
اتفاقات ثنائية
ويتابع: "كل ذلك يحدث عبر اتفاقات ثنائية متعارف عليها، وهي اتفاقيات مستمرة بين أشخاص امتهنوا التهريب، ولهم قدرة كبيرة على المناورة وتخطى الصعاب عند الحدود". ويقول: "في بعض الحيان تشمل الاتفاقات حرس الحدود أنفسهم حيث تكون لهم حصة من الإرباح". وعبر عقود كان تهريب المواشي يجري على قدم وساق لكنه ازداد بشكل كبير بعد العام 2003 بسبب الظروف الأمنية والاقتصادية التي مر بها العراق.
وفي عام 2010 القي القبض على عصابة تقوم بتهريب المواشي العراقية من محافظة السماوة جنوبي العراق، الى الدول المجاورة، حيث اعترف المهربون بوجود شبكات منظمة تضم عشرات الأشخاص ينظمون العمليات عبر عملاء لهم في الدول المجاورة.
أرباح كبيرة
ويتحدث رحيم الاسدي (تاجر ماشية) عن اتجاه بعض التجار في فترة الحصار الاقتصادي في التسعينيات الى تهريب المواشي بسبب ضعف قيمة العملة المحلية وقتذاك، حيث تدر العملية أرباحا كبيرة جدًا، وكان التجار يتقاضون الأثمان بالدولار في وقت كان قيمة الدينار العراقي تقترب من الصفر.
ويحصي الأسدي عشرات التجار العراقيين في الرمادي وكربلاء والنجف والناصرية والموصل، وهم معروفون للجميع، ألّفوا ثروات واسعة من جراء عمليات التهريب. ويتابع: "بعض الأسماء معروفة حتى للجهات الأمنية لكن سطوة المال والإغراءات التي تقدم للمسئولين يجعلهم يتغاضون عن كل ما يحدث".وفي أسواق الماشية في بابل والنجف وكربلاء وبغداد والناصرية، والرمادي، تتردد شخصيات معروفة بتهريبها للماشية، حيث يكتسحون السوق بقدراتهم على شراء الأغنام. ويضيف: "بعت قبل نحو شهر عشرة رؤوس أغنام لتاجر، على رغم علمي ان غرضه من ذلك التهريب، لكن لا يمكن ردع ذلك".وأمام القدرة الشرائية الهائلة للمهربين، تنعدم أمام المواطن والتاجر البسيط وحتى القصاب فرصة الحصول على راس ماشية بالمواصفات المطلوبة وبالسعر المناسب. ويقول تاجر الماشية توفيق الجبوري: حين يصل وسطاء التهريب الى الاسواق، تتضاعف الأسعار.
تمرير خطط التهريب
وعلى رغم أن الدوريات العراقية الأمنية على الحدود تمسك بالكثير من الماشية المهربة إلا أن المهربين يعرفون في الكثير من الأحيان كيف يتجاوزون نقاط التفتيش والتحريات عبر مسالك يصعب الوصول اليها من قبل الشرطة إضافة إلى استخدامهم الليل غطاءً لتمرير خططهم.
ويقول الملازم كامل حسن من شرطة النجف ( 160 كم جنوبي بغداد) وخدم لمدة ثلاث سنوات في دوريات الحدود، ان مناوشات مسلحة تحدث بين الدوريات والمهربين يسقط فيها قتلى وجرحى في بعض الأحيان من قبل الطرفين. ويتابع: المربون في الغالب مسلحون ويستعدون لاي مواجهة مع الشرطة.
ويروي حسن حادثة إلقاء القبض على ثلاثة مهربين عام 2010، وبحوزتهم ستون رأس غنم معدة للتهريب.
المسؤولية الوطنية
ويشير حسن إلى ـن السلطات المعنية تدرك ما يحدث في أسواق المواشي، لكنها تقف عاجزة لردع ذلك لأنها في الغالب عمليات شراء تتم بين شخصين، اتفقا على البيع والشراء.ويتابع: "لا يمكن اتهام شخص ما، اشترى كميات كبيرة من المواشي بانه سيعدها للتهريب. ويتابع: الحل يكمن في زيادة الوعي وتحمل روح المسؤولية الوطنية اولا، ثم غلق المنافذ الحدودية وعرقلة وصول المهربين الى نقاط تجمعاتهم".