Tuesday, december 27, 2011
وفقاً لكشف مدهش في 22 من المواقع الأثرية في أوروبا الباردة
الجمال كانت بمثابة «الشاحنات» في عهد الامبراطورية الرومانية
قافلة جمال رومانية وفقا لتخيل فنان
أثبت كشف علمي أخير أن الجمال لم تكن حكرا على حياة الصحراء والخلاء في افريقيا وآسيا والشرق الأقصى. فقد وظّفتها الامبراطورية الرومانية لنقل البضائع من وإلى أقاليمها المختلفة بما فيها الأوروبية الشمالية حيث الصقيع أبعد ما يكون عن طبيعتها وبيئتها المثالية.
_______________________________
يربط الغرب الجمال بأمرين هما صحارى المشرق ورحلة «حكماء المجوس الثلاثة» الذين أتوا الى القدس بهداياهم الى النبي عيسى وامه مريم لمناسبة ولادته كما يحدثنا الكتاب المقدس.
لكن العلماء يقولون الآن إن «سفينة الصحراء» لم تكن حكرا على المناطق الصحراوية الساخنة الجافة وإنما عرفها الرومان إبان امبراطوريتهم العظيمة واستخدموها «شاحنات» للبضائع من أقاليمهم حتى في شمال أوروبا الباردة وإليها، بما فيها بريطانيا.
فقد عُثر على بقايا جمال في نحو 22 موقعا أثرياً رومانياً عبر هذه المنطقة الباردة. واستدعى هذا السؤال عن حاجة الرومان الى حيوانات خلقت لمناخات مختلفة. فقيل إن السبب هو تحملها للمشاق وإنها ربما احضرت أول مرة على ايدي جنود الامبراطورية العائدين من مناطق الشرق. ثم صارت من مكملات مظاهر الثراء - خاصة إذا ذُبح بعضها للحومه - قبل أن تقرر الدولة استغلالها في نقل البضائع على مختلف أنواعها.
بقايا العظام المذكورة خضعت للفحص على أيدي عالمي الآثار البلجيكيين فابيان بيجيير ودنيس هنروتاي في منطقة غرينتش بارك بجنوب غرب لندن، حيث عُثر على معبد روماني يُعتقد أنه شيد حوالي العام 100 ميلادية. ويقول العالمان، اللذان نشرا نتائج بحثهما في دورية «آركيولوجيكال ساينس جورنال» المعني بشؤون الآثار، إن الجمال «الرومانية» كانت من الفصيلتين كلتيهما: ذات السنام الواحد المعروفة في شمال افريقيا (والجزيرة العربية) وذات السنامين المعروفة في آسيا الوسطى والشرق الأقصى.
ويلاحظ العالمان أن بقايا الجمال في سائر المواقع الرومانية الـ22 المكتشفة قريبة مما كان طرقا رئيسية في ذلك الوقت. وهذا يدل على أنها كانت تستخدم كوسائل لنقل البضائع. ويعزز هذا الاعتقاد أن السواد الأعظم من البقايا كان لجمال بالغة قوية وبالتالي قادرة على قطع المسافات الشاسعة في أصعب الظروف الممكنة وهي محملة بالأثقال.
ونقلت صحيفة «تايمز» البريطانية عن مايكل فولفورد، بروفيسير الآثار بجامعة ريدينغ البريطاني، قوله: «هذه هي المرة الأولى التي نعلم فيها أن الجمال كانت تجوب هذه الرقعة الباردة من الأرض. وإذا كانت الجمال قادرة على العيش في هذه المنطقة الجغرافية البعيدة عن طباع هذه الحيوانات، فالمنطق يجبرك على تخيل أن حيوانات أخرى ربما عاشت هنا ايضا، مثل الأسود والنمور».
وكان يعتقد أن الأوروبيين لم يشاهدوا الجمال حتى الغزو الإسلامي للأندلس وبعض بقاع أوروبا على البحر الأبيض المتوسط في القرن الثامن الميلادي. لكن الكشف الجديد يوضح بجلاء أن هذه الحيوانات الصحراوية قادرة ايضا على التكيف مع المناخات المعاكسة، وأنها كانت إحدى أهم وسائل «الشحن» خلال عهد الامبراطورية الرومانية نفسها.