ما معنى دحو الأرض ؟
قال الله عَزَّ و جَلَّ : ﴿ وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا ﴾ 1
قال العلامة الشيخ محمد جواد مغنية ( رحمه الله ) : أي بسطها و مهدها بحيث تصبح صالحة للسكن و السير ، و في كتاب محاولة لفهم عصري للقرآن ما نصه : " دحاها " أي جعلها كالدحية " البيضة " و هو ما يوافق أحدث الآراء الفلكية عن شكل الأرض .. و لفظة دحا تعني أيضا البسط ، و هي اللفظة العربية الوحيدة التي تشتمل على البسط و التكوير في ذات الوقت ، فتكون أولى الألفاظ على الأرض المبسوطة في الظاهر المكورة في الحقيقة .. و هذا منتهى الإحكام و الخفاء في اختيار اللفظ الدقيق المبين 2 .
يوم دحو الأرض :
يوم دحو الأرض هو الخامس و العشرون من شهر ذي القعدة ، و هو يوم مبارك و يُستحب فيه الصوم ، فعَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْوَشَّاءِ قَالَ : كُنْتُ مَعَ أَبِي وَ أَنَا غُلَامٌ فَتَعَشَّيْنَا عِنْدَ الرِّضَا ( عليه السَّلام ) لَيْلَةَ خَمْسٍ وَ عِشْرِينَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ .
فَقَالَ لَهُ : " لَيْلَةُ خَمْسٍ وَ عِشْرِينَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ وُلِدَ فِيهَا إِبْرَاهِيمَ ( عليه السَّلام ) ، وَ وُلِدَ فِيهَا عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ ، وَ فِيهَا دُحِيَتِ الْأَرْضُ مِنْ تَحْتِ الْكَعْبَةِ ، فَمَنْ صَامَ ذَلِكَ الْيَوْمَ كَانَ كَمَنْ صَامَ سِتِّينَ شَهْراً "3 .
وَ رُوِيَ عَنْ الإمام مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ ( عليه السَّلام ) أَنَّهُ قَالَ : " فِي خَمْسٍ وَ عِشْرِينَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ أَنْزَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ ، فَمَنْ صَامَ ذَلِكَ الْيَوْمَ كَانَ كَفَّارَةَ سَبْعِينَ سَنَةً ، وَ هُوَ أَوَّلُ يَوْمٍ أُنْزِلَ فِيهِ الرَّحْمَةُ مِنَ السَّمَاءِ عَلَى آدَمَ ( عليه السَّلام ) " 4 .
وَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الصَّيْقَلِ ، قَالَ : خَرَجَ عَلَيْنَا أَبُو الْحَسَنِ ـ يَعْنِي الرِّضَا ( عليه السَّلام ) ـ فِي يَوْمِ خَمْسَةٍ وَ عِشْرِينَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ ، فَقَالَ : " صُومُوا ، فَإِنِّي أَصْبَحْتُ صَائِماً " .
قُلْنَا : جُعِلْنَا فِدَاكَ ، أَيُّ يَوْمٍ هُوَ ؟
قَالَ : " يَوْمٌ نُشِرَتْ فِيهِ الرَّحْمَةُ ، وَ دُحِيَتْ فِيهِ الْأَرْضُ ، وَ نُصِبَتْ فِيهِ الْكَعْبَةُ ، وَ هَبَطَ فِيهِ آدَمُ ( عليه السَّلام ) " 4 .
وَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ ، عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ( عليه السَّلام ) قَالَ : " أَوَّلُ رَحْمَةٍ نَزَلَتْ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ فِي خَمْسَةٍ وَ عِشْرِينَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ ، فَمَنْ صَامَ ذَلِكَ الْيَوْمَ وَ قَامَ تِلْكَ اللَّيْلَةَ ، فَلَهُ عِبَادَةُ مِائَةِ سَنَةٍ صَامَ نَهَارَهَا وَ قَامَ لَيْلَهَا " 5 .
هذا و قد ذكر في بعض كتب الأدعية و أعمال الأيام أنّ زيارة الإمام الرضا ( عليه السلام ) في يوم دحو الأرض من أفضل الأعمال المستحبّة .
دعاء يوم دحو الأرض :وَ يُسْتَحَبُّ أَنْ يُدْعَا فِي هَذَا الْيَوْمِ بِهَذَا الدُّعَاءِ:"اللَّهُمَّ دَاحِيَ الْكَعْبَةِ، وَ فَالِقَ الْحَبَّةِ، وَ صَارِفَ اللَّزْبَةِ، وَ كَاشِفَ الْكُرْبَةِ، أَسْأَلُكَ فِي هَذَا الْيَوْمِ مِنْ أَيَّامِكَ الَّتِي أَعْظَمْتَ حَقَّهَا، وَ قَدَّمْتَ سَبْقَهَا، وَ جَعَلْتَهَا عِنْدَ الْمُؤْمِنِينَ وَدِيعَةً وَ إِلَيْكَ ذَرِيعَةً، وَ بِرَحْمَتِكَ الْوَسِيعَةِ، أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ الْمُنْتَجَبِ فِي الْمِيثَاقِ، الْقَرِيبِ يَوْمَ التَّلَاقِ، فَاتَّقِ كُلَّ رَتْقٍ، وَ دَاعٍ إِلَى كُلِّ حَقٍّ، وَ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ الْأَطْهَارِ، الْهُدَاةِ الْمَنَارِ، دَعَائِمِ الْجَبَّارِ، وَ وُلَاةِ الْجَنَّةِ وَ النَّارِ، وَ أَعْطِنَا فِي يَوْمِنَا هَذَا مِنْ عَطَائِكَ الْمَخْزُونِ غَيْرَ مَقْطُوعٍ وَ لَا مَمْنُونٍ، تَجْمَعُ لَنَا التَّوْبَةَ وَ حُسْنَ الْأَوْبَةِ، يَا خَيْرَ مَدْعُوٍّ وَ أَكْرَمَ مَرْجُوٍّ، يَا كَفِيُّ يَا وَفِيُّ، يَا مَنْ لُطْفُهُ خَفِيٌّ الْطُفْ لِي بِلُطْفِكَ، وَ أَسْعِدْنِي بِعَفْوِكَ، وَ أَيِّدْنِي بِنَصْرِكَ، وَ لَا تُنْسِنِي كَرِيمَ ذِكْرِكَ بِوُلَاةِ أَمْرِكَ وَ حَفَظَةِ سِرِّكَ، وَ احْفَظْنِي مِنْ شَوَائِبِ الدَّهْرِ إِلَى يَوْمِ الْحَشْرِ وَ النَّشْرِ، وَ أَشْهِدْنِي أَوْلِيَاءَكَ عِنْدَ خُرُوجِ نَفْسِي وَ حُلُولِ رَمْسِي وَ انْقِطَاعِ عَمَلِي وَ انْقِضَاءِ أَجَلِي.اللَّهُمَّ وَ اذْكُرْنِي عَلَى طُولِ الْبِلَى إِذَا حَلَلْتُ بَيْنَ أَطْبَاقِ الثَّرَى وَ نَسِيَنِي النَّاسُونَ مِنَ الْوَرَى، وَ أَحْلِلْنِي دَارَ الْمُقَامَةِ وَ بَوِّئْنِي مَنْزِلَ الْكَرَامَةِ، وَ اجْعَلْنِي مِنْ مُرَافِقِي أَوْلِيَائِكَ وَ أَهْلِ اجْتِبَائِكَ وَ أَصْفِيَائِكَ، وَ بَارِكْ لِي فِي لِقَائِكَ، وَ ارْزُقْنِي حُسْنَ الْعَمَلِ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ بَرِيئاً مِنَ الزَّلَلِ وَ سُوءِ الحطل [الْخَطَلِ].اللَّهُمَّ وَ أَوْرِدْنِي حَوْضَ نَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ أَهْلِ بَيْتِهِ، وَ اسْقِنِي مَشْرَباً رَوِيّاً سَائِغاً هَنِيئاً لَا أَظْمَأُ بَعْدَهُ، وَ لَا أُخَلَّا وِرْدَهُ وَ لَا عَنْهُ أُذَادُ، وَ اجْعَلْهُ لِي خَيْرَ زَادٍ وَ أَوْفَى مِيعَادٍ يَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ.اللَّهُمَّ وَ الْعَنْ جَبَابِرَةَ الْأَوَّلِينَ وَ الْآخِرِينَ لِحُقُوقِ أَوْلِيَائِكَ الْمُسْتَأْثِرِينَ.اللَّه مَّ وَ اقْصِمْ دَعَائِمَهُمْ، وَ أَهْلِكْ أَشْيَاعَهُمْ، وَ عَامِلَهُمْ [عَالِمَهُمْ]، وَ عَجِّلْ مَهَالِكَهُمْ، وَ اسْلُبْهُمْ مَمَالِكَهُمْ، وَ ضَيِّقْ عَلَيْهِمْ مَسَالِكَهُمْ، وَ الْعَنْ مَسَاهِمَهُمْ [مُسَاهِمَهُمْ] وَ مَشَارِكَهُمْ [مُشَارِكَهُمْ].اللَّهُمَّ وَ عَجِّلْ فَرَجَ أَوْلِيَائِكَ، وَ ارْدُدْ عَلَيْهِمْ مَظَالِمَهُمْ، وَ أَظْهِرْ بِالْحَقِّ قَائِمَهُمْ، وَ اجْعَلْهُ لِدِينِكَ مُنْتَصِراً وَ بِأَمْرِكَ فِي أَعْدَائِكَ مُؤْتَمِراً.اللَّهُمَّ احْفَظْهُ [احففه] بِمَلَائِكَةِ النَّصْرِ، وَ بِمَا أَلْقَيْتَ إِلَيْهِ مِنَ الْأَمْرِ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ مُنْتَقِماً لَكَ حَتَّى تَرْضَى، وَ يَعُودَ دِينُكَ بِهِ وَ عَلَى يَدَيْهِ جَدِيداً غَضّاً، وَ يُمَحِّصَ الْحَقَّ مَحْصاً، وَ يَرْفَضَ الْبَاطِلَ رَفْضاً.اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِ وَ عَلَى آبَائِهِ وَ اجْعَلْنَا مِنْ صَحْبِهِ وَ أُسْرَتِهِ، وَ ابْعَثْنَا فِي كَرَّتِهِ حَتَّى نَكُونَ فِي زَمَانِهِ مِنْ أَعْوَانِهِ.اللَّهُمَّ أَدْرِكْ بِنَا قِيَامَهُ، وَ أَشْهِدْنَا أَيَّامَهُ، وَ صَلِّ عَلَيْهِ وَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَ ارْدُدْ إِلَيْنَا سَلَامَهُ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ" 6