مررت يوماً بمكان رأيت فيه دفترا مغلفاً صغيراً كالذي كان معي في الماضي ...
وفيه رأيت ملامح مِنْ طُفولتي البريئةٍ مع قليل منْ الشقاوةٍ ولكن... كنت اُردّد في نفسي و بمرارة :
(ليتني لم أكبر)...
جلست على كرسي بذلك المكان .. فأغمضت عيناي وأطلقت العنانْ لمخيلتي ﻷتخيل تلك الذكريات في اﻷماكن التي كانت تعني لي الكثير والكثير في حياتي... والتي احتوت كل أحلامي و احتضنتها كالأمُْ التي تحتضن طفلها وتمنحهُ الفرح والسعاده والأمان بلا حدود ....
حينها لم أشعر بنفسي ابداً فقد كانت رائحة الماضي تُعيد الزمن إلي بكل تفاصيله ، وذكرياته وبأُناس قاسموني يوماً كل شئ حتى أنفاسي ...
شعرت بالغصة والضيق يتغلغلان إلى أعماقي كلما تعمقت بالذكريات ..
وما زلت أصارع الموج إلا إن قاربي ظــل صامدا وهو يبحر فيبحر ذكرياتي رغم اﻷلم..
وطيوف الماضي تعزف على أوتار قلبي, لحن أحزاني ..
دموع صامتة ، جروح دامية ، بكاء وأنين ، شوق وحنين ، خوف وحرمان ..
فجأة...
همسات أصواتهم تحرك الإحساس في و يخيل إلي أني أسمع أنفاس من رحل عني وتركني أعيش أسيرة لتلك الذكريات المؤلمة ..
إنها مؤلمة ولكن ...
حقا لا أعرف كيف أصفها أبدا فالحنين للماضي يوقظ ذاكرتي ويحرك زورق الشوق في قلبي لكي أبحر مجدداً في الذكرياتِ مع نسائم رائحة الماضي ...
بعد الانكسار تأتي القوة !!
هذا ما كنت أتأمله وما بدأ يترسخ في روحي وعقلي وعزيمتي ويقيني .. لقد أصبحت على يقين بأنني لن أنكسر تحت تأثير ذكرياتي المؤلمة مهما إجتاحتني عواصفها أو فاجأتني أعاصيرها ..
الماضي الذي عشته سلسلة متواصلة من النكبات والجراح .. طفولة مؤلمة ، زواج تعيس ، موت ، إنكسار، صدمة .. ثم هروب من الواقع إلى عوالم أخرى أكثرها حنين إلى قصاصات صغيرة قليلة من فرح الحياة العابر كمن يستظل بالشحوب في قيلولة هاجرة محرقة ..
ومع ذلك حياتي المعاندة للظروف ولقسوة الأيام لم تتجمد ولم تتوقف وهي ماضية رغم الصدمات في بحار الحياة وكلما إشتدت العواصف حدة قاومت بروحي وبإيماني كل موت وأنا أردد في داخل قلبي أناشيد الحياة .. تلك الأناشيد التي تحمل زورقي الصغير إلى بر الأمان بعد عذابات ودمع وكفاح ..
(( راقت لي ))