مدى إلزام الرأي والمشورة القانونية
يختلـف مـدى الإلزام بآراء المجلس ومشورته القانونية تبعـا" لنوع الرأي أو الـمشورة وعلى النحـو الأتي :
1 ـ المشورة القانونية للجهات العليا : لم ينص القانون صراحة على عد المشورة القانونية التي يبديها المجلس في المسائل التي تعرض عليه من الجهات العليا ملزمة لها ، وهو الاتجاه الذي سارت عليه معظم الدول بالنسبة للهيئات التي يوكل أليها اختصاص تقديم المشورة لمثل تلك الجهات . لكن هناك إلزام معنوي تلتزم به الجهات العليا إزاء المشورة التي تقدم إليها كما هو الحال بالنسبة للمشورة التي يقدمها مجلس الدولة الفرنسي وقد يكون له الأثر المماثل للالتزام القانوني وذلك ناتج عن مقدار الاحترام للقانون وانسجام مؤسسات الدولة مع مقتضياته ومقدار الاحترام للجهات التي أوكلت إليها الدولة مهمة الفتوى والرأي ومقدار الضمانات التي تكفل حسن ادائها لا سيما أن هناك قواعد لم تقترن بجزاء ولكنها تحضى بالاحترام الواجب للقواعد الملزمة ، ذلك إن المشورة التي تقدمها الجهة المختصة بالمشورة القانونية هي من جهة ذات اختصاص ( لا يصح ) اطرحاها بطريقة كيفية لمجرد إنها غير ملزمة قانونا" . بل إن التجربة في الدول المختلفة ، وهي تسير جهازها التنفيذي ، تدل على احترام الرئيس الأعلى للرأي القانوني الذي يقدم اليه من الموظف القانوني وان كان يخالفه لأنه يمثل رأي جهة في مجال اختصاصها. لكن هذه الفكرة متلازمة مع ضرورة أهلية من يبدي رأيا" قانونيا". 2 ـ المشورة القانونية في الاتفاقات والمعاهدات الدولية : اذ يقدم المجلس المشورة القانونية في الاتفاقات والمعاهدات الدولية قبل عقدها أو الانضمام إليها وذلك استنادا" إلى حكم البند ( ثانيا") من المادة (6) من القانون فأن عرض الاتفاقية قبل عقدها أو الانضمام اليها لتقديم المشورة في شأنها من الشروط الشكلية التي الزم القانون بها ولم يترك القانون مجالا" للخيار في عدم إتباع اوامره . غير إن المشورة التي يقدمها المجلس في شأن المعاهدات غير ملزمة للحكومة ولا يمثل ذلك تعارضا" بين لزوم تقديم المشورة وسلطة عدم الالتزام بها , لان القانون الزم الحكومة إن تستطلع رأي الجهة المختصة كي لا تنظم أو تصدق الدولة على الاتفاقية دون التبصر فيها واستطلاع مزاياها وعيوبها .
3 ـ التحكيم بين دوائر الدولة والقطاع العام : إذا ابدى المجلس رأيا" في المسائل المختلف فيها بين الوزارات أو بينها وبين الجهات غير المرتبطة بوزارة إذا احتكم أطراف القضية الى المجلس استنادا" الى حكم الفقرة (ثالثا" ) من المادة (6) من القانون فيكون رأيه ملزما لها. حيث يكون لرأي المجلس في هذه الحالة حجية الأمر المقضي به ولا يجوز الخوض في موضوعه بدعوى وتقرير خلافه وذلك مستند على القواعد الخاصة بالتحكيم . 4 ـ الرأي في المسائل القانونية المتردد فيها : أذا تولى المجلس إبداء الرأي في المسائل القانونية عند حصول تردد لدى إحدى الوزارات أو الجهات غير المرتبطة بوزارة فيها استنادا الى حكم الفقرة ( رابعا" ) من المادة (6) من القانون فأن رأي المجلس يكون ملزما" للجـهة طـالبة الرأي مثلما يتعين عليها قانونا" أتباعه حـيث يكتسب الإلزام حجيته من نص القانون .
5 ـ توضيح الإحكام القانونية : عندما يقدم المجلس رأيا" عن طريق استيضاح أحدى الوزارات أو الجهات غير المرتبطة بوزارة عن حكم قانوني استنادا" إلى حكم البند ( خامسا") من المادة (6) من القانون فيكون الرأي عندئذ غير ملزم .لكن مع ذلك قد تجد الجهة طالبة التشريع ضرورة الالتزام بالرأي من تلقاء نفسها لأنه يمثل رأي الجهة التي عقد القانون لها اختصاص الفتوى في التشريع وكفاية ذلك أن يكون عنوانا" لصحة الرأي عندما تكون تلك الصحة معيارا" للقبول . 6 ـ الرأي الذي يطلبه وزير العدل من المجلس : يكون الرأي الذي يبديه المجلس بناء على طلب وزير العدل والمستند إلى حكم المادة (9) من قانون المجلس غير ملزم للوزير أو الجهات الأخرى التي عرضت على وزير العدل إحالة الرأي الى المجلس . هذا ويمكن إن يكتسب الرأي الذي يبديه المجلس صفة الإلزام بقرار صادر من الجهات العليا سواء للجهة طالبة الرأي أم لدوائر الدولة والقطاع العام . حيث تعمد الأمانة العامة لمجلس الوزراء على أعمام بعض الآراء التي يبديها المجلس على دوائر الدولة والقطاع العام للعمل بموجبها . وهي ممارسة تنظيمية صحيحة لأنها تعمل على تنسيق تطبيقات الدولة
للقانون والحيلولة دون تنافرها.