((الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ) النساء))
يلتبس على بعض الرجال فهم المعنى الدقيق لقضية القوامة فيشتط
في ممارسته التعسفية إلى أعلى درجة من الاستبداد والاستحواذ،
فيبسط جناحيه على المرأة مهيمنا ليحصي أنفاسها حتى الاختناق
ويخلط بين الموروثات الثقافية التقليدية والمفاهيم القرآنية الدقيقة،
وينسب أفكاره المتحجرة إلى الدين والدين منه براء.
المسألة برمتها تعود إلى فهم منظومة الحقوق والواجبات المشرّعة في
إطار العلاقة الزوجية، فالرجل قيّم على المرأة بمقتضى دوره القيادي
داخل الأسرة وباعتباره الولي القائم على شؤونها الخاصة، فهو الذي
ينفق عليها ويتولى رعايتها، وهو أيضاًُ من يقرر قرارات الأسرة
الإستراتيجية بينما يترك التفاصيل الأخرى للزوجة.
فالزوج الذي استوعب القوامة يفهم أنها احتواء ويعرف تكليفه الشرعي
في الإنفاق على الزوجة وحقها في الأستمتاع الجنسي كي يحفظها
من الانزلاق في مهاوي الفتنة، ويراقب بمحبة سلوكها فينصحها برفق
ويوجهها بلين ولطف لأنه يعرف أن عاطفة الزوجة قد تجرها في بعض
الأحيان إلى الحكم الانفعالي المتطرف على الناس والمواقف، فقوامة
الرجل هي (الميزان) الذي يوازن بين عاطفة المرأة الجامحة وجلد الرجل
وعقلانيته كي تُحفظ الأسرة وتصان كرامة الزوجة والأبناء .
ويُرجع كثير من العلماء مفهوم القوامة إلى مسألة الإنفاق باعتبار الزوج
هو المعيل الاقتصادي الأول للزوجة، بينما يرى آخرون أنها مفهوم مطاط
يضيق ويتسع تبعاً لظروف كل علاقة زوجية وخصوصيتها، فالمهم أن لا
تُفهم قوامة الرجل على أنها سيطرة واستعباد للمرأة، حتى أن البعض
يتحكم براتبها وببرنامجها العبادي ويحرضها على اقتراف بعض المحرمات
لإرضائه كما صرّحت لي إحدى الزوجات أن زوجها كان يرغمها أن تشاركه
كل ليلة مشاهدة فيلم إباحي وعندما تعترض يغضب مبرراً أنه زوجها ومن
حقه الشرعي أن تفعل كل شيء من أجل استمتاعه حتى لو كان
مشاهدة هذه الأفلام!!
وهذا هو الجهل الذي يقع فيه بعض الرجال، نسي أن هناك قاعدة
شرعية تنقض حقه في الطاعة الآثمة وهي (لا طاعة لمخلوق في
معصية الخالق).