اعتبر الخبز احد اكثر المواد الغذائيه اهمية وشهره ويعتبر الاساس في كل بيت ومطبخ حتى بات الغذاء ينعت باسمها وبالاشاره اليها ونرى الامثال تضرب بها اشارة الى الرزق والغذاء عامه كأن يقول ( يركض ورا خبزته ) و ( مطلع خبزته ) و ( وابو الخبزه ) و ( خبز ليله ما عنده ) وغيرها اضافة الى ان الخبز كان عنوانا للكثير من الثورات والحروب والتصق بالجياع كعنوان دائم ونعت الخبر بانواع كثيره من التوصيفات لاشياء اخرى كالخبز المر في دلاله على صعوبة الحياة والخبز الحرام ..
يختلف المأرخون في تاريخ الخبز فالبعض يرجعه الى 12 ألف سنه مضت والبعض الاخر مثل المصريين والبابليين يرون ان القمح اكتشف وبدأ استخدامه قبل ثمانية ألاف سنه وفي القصص ان القمح كان سببا في اخراج سيدنا آدم عليه السلام من الجنه وهبط على الارض ومعه نبتة القمح ,, ومهما تعددت القصص والرويات الا ان الحقيقه هي ان القمح اصبح واحدا من اهم المواد المتداوله في عالم اليوم كما كان في العالم القديم وسيظل كذلك في المستقبل ولايمكن الاستغناء عنه مطلقا ..
لم تختلف بغداد عن باقي مدن العالم في موضوع صناعة الخبز الا باسلوب الشوي وادواته واستخدام وسائل العجن والخميره التي استخدمها المصريين اول مره في التاريخ وعندما بدأت بغداد كمدينه حديثه على يد ابو جعفر المنصور كانت اسواقها تحتوي على مخابز الخبز التي يديرها الفرانون كما كان يطلق عليهم وكان الفرن الحجري او الطيني هو الوسيله المعتمده في شي الخبز والحطب هي الوسيله التي تؤمن النار لهذا الفرن وظلت الحاله هكذا حتى مرحله قريبه من تاريخ بغداد وهي نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين حيث دخل النفط ومشتقاته في عمليه الشوي ودخلت الكهرباء في عملية العجن والشوي ايضا وكذلك مساعدات التصنيع مثل الخميره الفوريه والحليب والسكر والمطعمات وغيرها ..
الخبز البغدادي
يمتاز الخبز البغدادي بشكله الدائري وخفة سمكه وحاشيته ومنه المثقب ويكتسب طعمه اللذيذ من وراء التنور الطيني الذي يصنع من طين خاص ( الحر) ويميل لون الطين الى الاحمرار وكثيرا ما يتوفر في انعطافات النهر ويسميه البعض بالطمى النهري ويمتاز اهل الوسط والجنوب بصناعة التنور وباحجام مختلفه قد تصل الى خمسة احجام منها الصغير الذي يستوعب من 3 – 4 ارغفه في كل وجبه والى الحجم الذي يستوعب من 8 – 12 رغيف وهذا الحجم الاخير يحتاجه اصحاب المخابز ويضيف الحطب المستخدم في الشوي النكهه الخاصه في طعم الخبز البغدادي وخاصة حطب الطرفه او سعف النخيل ..
في مطلع القرن العشرين وحتى عقد الستينات منه كانت اغلب العوائل البغداديه تصنع خبزها بأيديها ولكل عائله عدة العجن ( نجانه – منخل - مخده – مشعل - صينيه – ( مشاره ) وهي قماش تنظيف التنور- الحطب ) اضافة الى التنور الذي لاتوجد عائله بدونه على السطوح او في زوايا فسحة البيت وكانت بعض العوائل تشترك في تنور واحد وخاصة منها التي لاتمتلك تنور اوالتي تسكن بشكل مشترك في بيت واحد ( نزل ) وكانت المخابز محدوده جدا وتسمى ( المعمل ) وكان من المعيب شراء الخبز من المعمل لانه يدل على تقاعس ام البيت واهمالها وحتى في حالة مرضها فأن جيرانها يقوم بواجب الخبز لها ولاتشتري من المعمل .. كانت اسعار خبز المعمل ( 4 فلوس ) للرغيف الواحد قبل ان تصبح الآ نه خمسة فلوس عام 1960 ويستفاد من المخابز العمال او المقطوعين بدون عائله واصحاب المطاعم وللتفريق بين خبز المعمل كان الخبز في البيت يسمى ( خبز بيوت ).
يصنع الخبز من العجين الذي يصنع من طحين القمح وان يكون الطحين من النوع الجيد غير سيال اي ان يثبت في التنور عند الشوي ويعتمد ذلك على مصدر القمح وكان اكثر الانواع رغبة هو ( الحنطه الكورديه ) وهي من النوع غير السيال وكانت العوائل تذهب بحبوب الحنطه الى المطحنه لغرض طحن القمح وتحويله الى طحين وكانت ام البيت عند عودتها من المطحنه لابد ان تأتي بكميه من النخاله للدجاج وكميه من تراب الحنطه لغسل الاواني ..
كان العجين يعتمد على اليد واضافة الماء والملح والخميره التي بقيت من العجين السابق قبل يوم او اكثر وبعد ان يختمر العجين تبدأ أم البيت بتقطيع العجين الى كرات بحجم متساوي تسمى ( شنكه ) ثم تفرشها باليد وتضعها على مخدة الخبز لتلصقها على جدار التنور ونادرا ما ترى رفع الخبز المكتمل بالقارصه كما هو معمول اليوم وكان يرفع الخبز باليد ويوضع بطبق لحين ان تذهب حرارته وكل كمية حطب تنتهي نارها وقوتها تسمى ( شجار ) ويضاف الحطب ليكون هناك شجار ثاني وهي لغة الخبازه عندما تقول خبزت اربعة شجارات او خمسه دلاله على كميه الخبز والجهد والعمل .
انواع الخبز البغدادي
1 . الخبز العادي وهو مايكون عادة متوفرا بشكل دائم في المنزل وتحت النجانه وكان يضرب المثل فيه ويقال ( خبزه جوه نجانته ) ويطلق هذا المثل للذي هيأ أموره وضمنها ,, ويتكون الخبز العادي من الحنطه وهو بنوعين الابيض وهو النادر الا للاغنياء وفي المناسبات والاسمر وهو المتداول في بغداد
2 . خبز العروك . وهو الخبز المخلوط باللحم والبصل والكرفس او المعدنوس مع الكركم وبعض البهارات ويميل لونه الى الاصفر بسبب الكركم ويكون سمكه اكثر من الخبز العادي ومقاومته اقل لوجود اللحم ويخبز بالمناسبات مثل تحقيق امنيه ( مراد ) او مناسبة زواج او دروة السنه او استشهلد الامام الحسين عليه السلام وغيرها .
3 . خبز التفتوني وهو الخبز الايراني او الافغاني الاصل الذي قدم الى بغداد مع الافغانيين المشهورين بخبزه وصناعته وهو عباره عن خبز عادي ولكنه مثقب ومستطيل اي بيضوي الشكل وكبير الحجم ويتواجد هذا النوع عند المخابز والبعض يضيف اليه السمسم والمعدنوس .
4 . خبز السكر وهو المريس ويخلط مع العجين كميه من السكر والسمن ( الدهن ) ويكون صغيرا نوعما ويستهلك بسرعه لانه يعمل لمناسبه مفرحه وبكميات قليله ويحبه الاطفال لحلاوته وقد يضاف اليه الجبن والكرفس ..
5 . خبز( رقاق ) هو عباره عن أقراص هشّة خُبزت على قرص حديدي يسمى ( التاوه ) ويتم مراعاة السرعة في تحضيره حتى لا يحترق فهو هشّ جدا ويستخدم بالثريد ومع البيض او الجبن والبعض يجففه ويخزن في اكياس لشهر رمضان او غيره .ً.
الصمون الحجري
في الحقيقه لم اجد اصلا لهذا النوع من الصمون سوى نتف حول استخدام الجيش البريطاني لهذا النوع وفي افران خاصه بنيت بالطابوق الناري واستخدم فيها النفط الاسود وتطور لاحقا الى النفط الابيض ولايزال الى وقتنا الحاضر ولم يكن متداولا في الخمسينات القرن الماضي في المناطق كما هو الحال اليوم وكان يباع بواسطة السلال او العربات الصغيره ومنه الاسمر والابيض . لايمكن ان يجد العراقي الذ من الصمون الحجري الحار مع القيمر او الجبن صباحا مع استكان شاي من على المنقله والفحم .. الصمون الفرنسي
اول مره ظهر فيها الصمون الفرنسي في بغداد كان في بداية الخمسينات من القرن الماضي وكان قبل ذلك يخبز بشكل خاص ومحدود للهيئات الدبلوماسيه وبعض الاجانب والعوائل ثم تكاثر حضوره في عام 1956 عندما افتتح مخبز الاعاشه العامه وباشر بانتاجه و توزيعه هذا وبسعرارخص من باقي انواع الصمون ( 6 فلوس ) للصمونه الواحده وكان مخلوطا بالحليب وقليل من السكر ومنتفش بالخميره الصناعيه ولاقى استحسانا وطلبا وقد ادخل توزيعه الى المدارس الابتدائيه المشموله بنظام التغذيه المدرسيه في عام 1956 – 1960 ثم اعيدت العمليه عام 1975 – 1980 ولايزال انتاج هذا النوع من الصمون مستمرا في نفس المعامل في كمب ساره .
هناك انواع اخرى من الخبز مثل ( خبز النان ) و( خبز الصاج ) و( خبز التمن ) و ( خبز الشعير ) و ( خبز الذره ) وهذه الانواع كانت شائعه في الارياف وشمال العراق وجنوبه ,
خبز العباس
وهو الخبز العادي يضاف له بعض من الخضورات ( الكرفس او المعدنوس او الرشاد او الكراث ) ويوزع هذا الخبز ملفوفا فيه الخضورات في مناسبه قد تحقق فيها مراد صاحبة الطلب التي نذرت ان تفرق خبز العباس اذا ماتحقق مرادها . في اكثر الاحيان كان التنور يستخدم لخبز (الكليجه) ايام الاعياد وبالمناسبات وهي عمليه صعبه جدا لايتمكن منها الا ذوات الخبره وكليجة ايام زمان كانت بالطحين الاسمر والتمر والخفيفي ويستخدم التنور ايضا للطبخ بوضع القدر على فوهة التنور وكذلك لشوي اللحوم و السمك والدجاج والذها عندما يخدر على جانب فوهته الشاي بالقوري الفرفوري وبعض التنانير يعمل لها ثقب صغير بجانب فتحة التنور لهذا الغرض ..