يُقْبِل العبد على كثير من الآثام والشرور إذا نسي الآخرة؛ فالذي يحفظ العبد على الطريق المستقيم أنه يذكر موته، وبعثه، ثم حسابه بين يدي ربِّ العالمين؛ قال تعالى: {فَأَمَّا مَنْ طَغَى * وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى * وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى} [النازعات:37-41]؛ لهذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم حريصًا دومًا على تذكيرنا بالآخرة؛ لأن هذا هو الذي يحفظنا من الإغراق في الذنوب، أو تسويف التوبة، وكان له -صلى الله عليه وسلم- في ذلك طرق عدَّة، ومن هذه الطرق زيارة القبور؛ فقد روى أبو داود -وقال الألباني: صحيح- عَنْ بُرَيْدَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ، فَزُورُوهَا، فَإِنَّ فِي زِيَارَتِهَا تَذْكِرَةً".
وروى الترمذي -وقال الألباني: صحيح- عن بُرَيْدَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "قَدْ كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ القُبُورِ، فَقَدْ أُذِنَ لِمُحَمَّدٍ فِي زِيَارَةِ قَبْرِ أُمِّهِ، فَزُورُوهَا فَإِنَّهَا تُذَكِّرُ الآخِرَةَ".
فهذه سُنَّة مهمة للأحياء والأموات، فالحيُّ يتذكر الموت والآخرة، وهذا يُعيده إلى طريق الله عز وجل، والميت يصله دعاء الزائر له، ويُخَفَّف به عنه؛ لذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُكْثِر من زيارة قبور البقيع، فيتذكَّر الآخرة، ويدعو للموتى، وفي هذا خير كثير.
ولا تنسوا شعارنا: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} [النور:54].
بقلم الدكتور راغب السرجاني