انتشرت الشهر الفائت أخبار عن اصطحاب اثنين من مقاتلي تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" (داعش) أطفالهما إلى ساحة المعارك في سوريا.
وتعود الواقعة الأولى لرجل سعودي يدعى ناصر الشايق كان يعمل موظفا حكوميا، اصطحب معه ولديه عبدالله (11 عاما) وأحمد (10 أعوام) إلى سوريا للانضمام إلى صفوف داعش.
ووفقا لما نشرته صحيفة الحياة، بعث الشايق رسالة نصية لطليقته قال لها فيها: "احتسبي أبناءك طيوراً في الجنة "، وأبلغها بأن طفليها وصلا معه إلى سوريا.
وتضيف الصحيفة أنه كان قد أخبرها سابقا أنه سيصطحب الولدين برحلة سياحية إلى إحدى الدول الخليجية، إلا أنه انتقل بهما إلى تركيا ومن هناك إلى سوريا.
أما الواقعة الثانية فقد تم الكشف عنها بعدما انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي صورة طفل يبلغ من العمر سبع سنوات يحمل أحد الرؤوس المقطوعة، ليتبين أن الطفل هو أحد أبناء خالد شاروف، اللبناني الأصل والمولود في أستراليا عام 1981.
ونشر شاروف صورة ابنه في مواقع التواصل الاجتماعي وعلق تحتها "هذا ابني".
وأفادت صحيفة ذي أستراليان، أن شرطة أستراليا الاتحادية أصدرت الشهر الماضي مذكرة باعتقال شاروف المقيم في سيدني والذي يشتبه في أنه سافر إلى سوريا العام الماضي ليقاتل في صفوف تنظيم داعش.
ويشار إلى أن شاروف هو أحد عشرات الأستراليين الذين تشتبه أجهزة الاستخبارات في أنهم يقاتلون حاليا ضمن الجماعات المسلحة في سوريا والعراق ومناطق أخرى.
وسبق أن حكم على شاروف عام 2009 في قضية على صلة بالإرهاب بعد اعتقاله ضمن مجموعة تضم تسعة أشخاص نفذوا عمليات سطو على منازل ومحلات تجارية لتمويل خطة من أجل شن "حرب جهادية" في أستراليا، حسبما أوردته صحيفة الشرق الأوسط في آب/أغسطس الماضي.
استخدام الأطفال كانتحاريين
ويؤكد المحلل العسكري المصري اللواء المتقاعد عبد الكريم أحمد، أن قضية الأطفال الثلاثة تشكل حلقة من حلقات تجنيد الأطفال التي "تقوم بها المنظمات الإرهابية".
ويضيف أحمد في حديث للشرفة أن "داعش تقوم حاليا بإعداد الجيل الجديد من عناصرها الإجرامية، وسبق أن أقامت معسكرات مخصصة لتدريب الأطفال أشهرها معسكر أشبال الزرقاوي".
وكانت الأمم المتحدة قد أكدت وفقا لما أوردته وكالة الصحافة الفرنسية في 8 أيلول/سبتمبر، أن مقاتلي داعش في العراق قتلوا المئات من الأطفال في عمليات إعدام سريعة واستخدمت داعش أطفالا آخرين في العمليات الانتحارية.
وفي هذا الإطار، تقول ليلى زروقي، مبعوثة الأمم المتحدة بشأن الأطفال والصراعات المسلحة، إن "ما يصل إلى 700 طفل قتلوا أو شوهوا في العراق منذ بداية العام، بينهم قضوا بعمليات إعدام سريعة".
وتضيف زروقي أن مقاتلي داعش يجندون فتيانا صغارا يبلغون 13 عاما لحمل السلاح وحراسة مواقع استراتيجية واعتقال المدنيين.
وتتابع "يستخدم أطفال آخرون كانتحاريين".
وأثارت هذه التقارير غضبا وقلقا دوليين.
ويقول أستاذ الفقه الإسلامي بجامعة الأزهر في مصر، الشيخ رامز العلي، إن "الزج بالأطفال بالحرب الدائرة في سوريا والعراق يعتبر قمة الاسفاف".
ووصف قول عناصر داعش إن إشراك الأطفال في المعارك يندرج ضمن الجهاد والواجبات الشرعية "بالهرطقة الدينية التي لا مثيل لها إطلاقا".
تأثيرات نفسية مدمرة
إلى هذا، يترك زج داعش للأطفال في حروبها في سوريا والعراق تأثيرات نفسية مدمرة على الأطفال ، وفق ما يقول أستاذ علم النفس في جامعة القاهرة واستشاري العلاقات الأسرية، ولي الدين مختار.
ويوضح مختار للشرفة أن "التأثيرات النفسية ستكون مدمرة جدا على الصحة البنيوية والنفسية، حيث سيتم تحويل هؤلاء الأطفال بالطبع إلى مجرمين لا يأبهون بالجرائم التي يقومون بها".
أما بالنسبة للآباء الذين زجوا بأولادهم في هذه الحرب، فيقول مختار إنه يبدو من الواضح "أنهم تعرضوا لغسل أدمغتهم ليتصرفوا على هذا النحو، فلا أب طبيعي بكامل قواه العقلية يدفع بإبنه إلى حتفه".
ومن جانبه، يؤكد الشاب الأسترالي من أصول لبنانية عبد الحكيم مواس، أن الجاليات المسلمة في أستراليا انتقدت واستنكرت بشدة تصرف شاروف مع تأكيدها بأنه لا يمت للإسلام بصلة.
ويضيف مواس للشرفة أن "من يقومون بأعمال التجنيد يستغلون نقاط الضعف لدى الشخص المستهدف ليتم غسل دماغه وجره للقتال في صفوفهم".