في سنة 656ه/1258م وفي محلة نهر المعلى من جنوب بغداد (محلة سوق الغزل حالياً) , وقف قائد الاحتلال المغولي هولاكو وهو يصرخ بجنوده من على صهوة جواده الأشهب "دمروا هذا الجامع تدميراً كاملاً , لا اريد طابوقة واحدة منه قائمة فوق سطح الارض"!! .
وبكل قسوة المحتلين من المغول والتتار بدأ جنود هولاكو يدمرون هذا الجامع الآثاري الحضاري الكبير , وتركوه اثراً بعد عين!! .
وفي سنة 678ه ترك هولاكو بغداد لاستئناف غزواته وحروبه , فعمد ابنه –أباقا- الى اعادة بناء مئذنة الجامع وكان ذلك في ولاية علاء الدين عطا ملك الجويني على العراق , تلك المئذنة الاثارية التي ما زالت قائمة حتى الآن, والتي تعرف – منارة سوق الغزل- . وكان جامع سوق الغزل يعرف في زمن العباسيين بـ(جامع القصر) او(جامع الخليفة) وعُرِفَ في العهد العثماني باسم (جامع الخلفاء) , ومن بقاياه (جامع سوق الغزل) والرحبة بعد ان اصبح موضعها اليوم دوراً ودكاكين وعلاوي وكنيسة ومدرسة الكرمليين.
وخلال العهد العباسي كان يؤمه عليّة القوم لأداء الصلوات فيه وخصوصاً صلوات الجمعة.
ثم جاء سليمان باشا العثماني سنة 1717م وانشأ مسجداً في القسم الغربي من ارضه , هذا القسم الذي هُدم سنة 1957م والذي أنشئ فوقه الآن مجدداً جامع الخلفاء . وعلى اثر هُدم جامع الخلفاء في عهد هولاكو , بُنيت في ارضه مساكن واسواق لسعتها ومنها سوق القصابين الموجودة حالياً والمسماة "سوق الشورجة" وبجانبها قامت آنذاك اسواق للصاغة والبقالين والعطارين. وفي العهد العثماني , اخذ لفيف من الاكراد يزحفون الى بغداد من مناطق – تلكيف وبطانيا وغيرها – فاتخذوا لهم مساكن من هذا الجزء من بغداد.
لم يتفق المؤرخون على اسباب تسمية هذه المنطقة باسم سوق الغزل , بعد ان كانت تسمى في العهد العباسي باسم منطقة –نهر المعلى- لكن اقرب الاجتهادات التاريخية عللت ذلك بعد أن ازدهرت في هذه المنطقة تجارة وبيع الغزول , لذلك سميت باسم محلة (سوق الغزل) .
وخلال عهد الاحتلال البريطاني, اراد المحتلون هدم الجامع , فانبرى لهم محمود شكري الآلوسي معارضاً, وافهمهم انهم تصدوا لهدم الجامع, فان ثورة ستقوم ضدهم للمكانة الكبيرة التي يحتلها تاريخياً وثقافياً ودينياً.
محمد حسن الجابري
منقول