توقعات بهبوط أسعار البترول إلى دون نطاق الـ80 دولارا
توقع خبيران خليجيان في مجال النفط انخفاض أسعار البترول خلال الأيام القليلة المقبلة إلى ما دون الـ80 دولارا للبرميل، داعيان منظمة أوبك إلى تخفيض إنتاجها من النفط للمحافظة على توازن آلية العرض والطلب، للحد من النزول المتوقع لأسعار النفط.
وعلى الرغم من أن وكالة «ستاندارد أند بورز» خفضت التصنيف الائتماني الأميركي درجة واحدة فقط من «AAA» إلى «AA+»، الذي لا يعتبر فارقا كبيرا على سلم التصنيف الائتماني، فإنها كانت بمثابة «القشة التي قصمت ظهر البعير»، حيث بدأت موجة انخفاض في أسعار البترول خلال اليومين الماضيين، يدفع ذلك مخاوف بشأن مستقبل الطلب في أكبر مستهلك للنفط في العالم، بعد تخفيض تصنيفها الائتماني. كما سادت الأسواق المالية منذ أول من أمس حالة من التوتر بعد تخفيض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة ومخاوف من عجز أوروبا عن مكافحة أزمة الديون ومنعها من الانتشار، في حين لا يجد التخفيض الائتماني لأميركا ترجمة سوى أن الإنفاق سيقل، وستتضاءل كذلك وتيرة الاستهلاك بشكل عام، وبالتالي يقل الطلب على المنتجات، وهو ما سيؤدي إلى تراجع الطلب على النفط. وبعد رد الفعل السريع لأسواق البترول خلال الثماني والأربعين ساعة الماضية، توقع خبيرا نفط خليجيان خلال حديثهما لـ«الشرق الأوسط» استمرار وتيرة نزول أسعار البترول إلى مستويات ما دون الـ80 دولارا، إذا لم تتخذ دول «أوبك» مبادرة سريعة بخفض إنتاجها ليكون بقدر الطلب العالمي على النفط. ويرى حجاج أبو خضور الخبير النفطي الكويتي خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن معنى تخفيض التصنيف الائتماني الأميركي هو خط إعلان عن تراجع الطلب على النفط، معتبرا أن تأثيرات الديون الأميركية قد أثّرت سلبا بشكل سريع على أسواق العالم شرق آسيا، حيث بدا واضحا أن هناك تراجعا في النمو، وكذلك التخوف من تراجع النمو، مما يعني بشكل مباشر أن تراجع الطلب على النفط قد بدأ، الأمر الذي أدى إلى تراجع أسعاره خلال اليومين الماضيين. وأضاف أبو خضور: «إذن المسألة مترجمة الآن ما بين العرض والطلب، إذ إن المعروض من النفط بحسب ما كان عليه الوضع قبل تخفيض الوكالة، فالمعروض كان مناسبا لحجم الطلب، خلافا لما هو عليه الآن، حيث إن التخفيض أحدث خللا في ميزان آلية العرض والطلب، وكان ذلك هو السبب في تراجع أسعار النفط وفي انخفاض حجم الطلب أمام المعروض، وحتى تتوازن هذه الآلية بين العرض والطلب لا بد أن تتخذ (أوبك) قرارا لتخفيض إنتاجها من النفط حتى تواجه ذلك التراجع، وحتى لا تهوي أسعار النفط». وتوقع أبو خضور نزول سعر البرميل بمقدار عشرين دولارا عن تلك المستويات التي كانت عليها قبل ذلك الخلاف السياسي على أزمة السيولة الأميركية، أي ما كانت عليه أسعار النفط فوق مائة دولار للبرميل بحسب مؤشر نايمس، الذي توقع أبو خضور أنه سيهبط إلى أقل من 80 دولارا للبرميل، أو دون مستوى الثمانين دولارا للبرميل، أما بالنسبة لسعر سلة «أوبك» فتوقع أن تنخفض إلى مستوى الـ90 دولارا للبرميل خلال الفترة القليلة المقبلة. من جهته عد الدكتور راشد بانمي الخبير النفطي السعودي تخفيض التصنيف الائتماني الأميركي سببا غير مباشر في الانخفاض الذي طرأ على أسعار النفط، مبينا أن تخفيض التصنيف الائتماني يدل على أن الاقتصاد الأميركي والغربي متجه إلى نوع من الكساد، وهذا التوقع سيؤثر على استهلاك النفط، وهو ما أدى إلى انخفاض الأسعار. كما توقع أبانمي استمرار نزول أسعار النفط حتى تصل إلى مستويات الـ50 دولارا قبل أن تعاود الارتفاع، الذي استبعد قرب موعده، حيث اعتبر أن بوادر الكساد تنبئ بكساد طويل، مطالبا هو أيضا بأن تتجه دول «أوبك» لتخفيض إنتاجها من البترول للمحافظة على توازن العرض والطلب، بحيث لا يكون هنالك فائض في الإنتاج. وقال أبانمي: «أسعار النفط بدأت في موجة النزول، ومن المرجح أن تستمر، وهذه تعتبر بداية النزول لأن الاقتصاد الأميركي والغربي سيؤثران على الاستهلاك العالمي في آسيا ودول أخرى، مما يؤدي إلى انخفاض عجلة الاقتصاد العالمي، الأمر الذي سيؤثر على استهلاك البترول». وهنا يقول أبو خضور إنه وبناء على الخطة الاقتصادية يبدو واضحا أن التوجه العام لأميركا هو تخفيض الاستهلاك على المنتجات، كما أن هذا الوعي تملك الشعب الأميركي، بحيث إن المستهلك الأميركي يتجه إلى تخفيض الطلب على المنتجات المستوردة في ظل أن أميركا ستقلل من استيرادها للبترول، مضيفا أن ذلك من شأنه رفع الضرائب على السلع المستوردة إلى أميركا، وهذا سيؤدي إلى انخفاض في استهلاك المنتجات المستوردة إلى أميركا، وسيؤدي بدوره إلى انخفاض في الطلب على النفط تبعا لمثل ذلك التراجع، لأن ذلك يسبب ركودا اقتصاديا في العالم وتراجعا في الطلب على النفط. وفي ما يتعلق بتأثير ذلك على اقتصاد دول الخليج العربي قال الخبير النفطي الكويتي إنه إذا استمرت أسعار النفط في النزول ستقل برامج التنمية في الدول الخليجية، وكذلك الإنفاق الاستثماري والتنموي الحكومي، إضافة إلى أنه سيكون هناك تضخم في الأسعار، وسيكون هناك ارتفاع في تكلفة فاتورة الاستيراد وانخفاض في فاتورة التصدير، ما يعني أن ذلك سيؤثر على الميزان التجاري الخليجي. أما الدكتور أبانمي فقال: «إن التأثيرات على دول الخليج ستكون على شقين، مباشر وغير مباشر، فالمباشر سيكون بسبب عائدات النفط المنخفضة إذا ما استمرت في النزول، أو حتى تخفيض الإنتاج، أما غير المباشر فهو أن دول «أوبك» ليست بمعزل عن المنظومة الاقتصادية العالمية، وفي حال حدوث أي انكماش للاقتصاد العالمي سيكون لها نصيب من ذلك، مشيرا إلى أن كسادا يتوقع حدوثه سيكون تأثيره مضاعفا على دول الخليج المنتجة للنفط بسبب اعتمادها على النفط.
منقول