ورد سؤال في كتاب المتشابهات ج2
سؤال/ 25:
ما معنى ما ورد في الحديث عن رسول االله وعن الأئمة : (إن الدنيا
؟ (1) سجن المؤمن)
جاء الجواب من السيد احمد الحسن,,,,,
الجواب: وكذلك ورد عنهم ع : (إن الصلاة معراج المؤمن)
المؤمن، وليس المؤمن هنا هو من اعتقد بالإسلام والولاية فقط.
فالمؤمن الذي تصبح الدنيا بالنسبة له سجناً وضيقاً وآلاماً بلا حدود، ولا تنتهي إلا بـالخروج
منها عند الموت، هو المؤمن الذي يعرج في صلاته إلى السموات السبع، فهو ممن أخذوا الذكر عن
، وهذا المؤمن (3) الدنيا بدلاً، فاستصبحوا بنور يقظة بالأبصار والأسماع والأفئدة يذكّرون بأيام االله
الذي عرج إلى السموات السبع، وسعى وحصل تلك المقامات المحمودة، وهو تلك الـروح الـتي
تسبح بحريّة في السماء الثانية والثالثة والرابعة ... كيف لا يكون تعلقه بهذا الجسم المادي وتقيده
به سجناً له؟!
ثم إنّ هذا العالم الجسماني هو صفيح ساخن فوق جهنم، وحجاب جهنم وجرف هارٍ يمكن أن ينهار بالإنسان في أي لحظة ليلقيه في جهنم، وظلمات بعضها فوق بعض، فجهنم وهذا العالم
الجسماني كقاب قوسين أو أدنى، قال تعالى: ﴿يَستَعجِلُونَكَ بِالْعَـذَابِ وَإِنَّ جَهَـنمَ لَمُحيطَـةٌ
. (1) بِالْكَافرِينَ﴾
فكيف لا يكون لاقتراب روح المؤمن منه بسبب تقييدها بالجسم سجناً له وضيقاً ما بعده ضيق
بعد ما علم أنه اقتراب من جهنم ومن الظلمات التي بعضها فوق بعض، فهذا المؤمن يحس بضـيق
شديد واختناق لا ينتهي، إلا بانطلاق روحه ونيلها الحرية بعد النجاح بالامتحان والخروج مـن
هذه الدنيا بقلب سليم، وبحظ في السماء السابعة الكلية أي سماء العقل والمقربين، قـال تعـالى في
وصف حال الموت بالنسبة للإنسان: ﴿فَأَما إِنْ كَانَ منَ الْمُقَربِينَ * فَـرَوح وَرَيحَـانٌ وَجَنـتُ
. (2) نَعيمٍ﴾
أي إنّ حال هؤلاء هو الراحة حال الموت، روح وريحان وجنة نعيم، فلا عذاب ولا آلام عند
الموت، بل راحة وفرح وسرور بفراق هذا الجسم الذي طالما كان سجناً مظلماً ضيقاً بالنسبة لهذه
الروح الطيبة المباركة.
****************************
1- الخصال للشيخ الصدوق : ص108، عن أبي عبد االله ع قال: (الدنيا سجن المؤمن، والقبر حصنه، والجنة مأواه.
والدنيا جنة الكافر، والقبر سجنه، والنار مأواه).
2- مستدرك سفينة البحار: ج6.
3- أيام االله : آلاؤه ونعمه، عن أبي عبد االله ع في قول االله: " وذآرهم بأيام االله "، قال: (بآلاء االله يعني نعمه) بحار
الأنوار : ج68 ص53. وهي : بلاؤه ومثلاته بالأمم ، قال رسول االله ص : (أيام االله نعماؤه وبلاؤه ومثلاته سبحانه) ج67
ص20. وهي: الأيام الثلاثة ، عن مثنى الحناط ، قال : سمعت أبا جعفر ع يقول: (أيام االله ثلاثة: يوم يقوم القائم، ويوم
الكرة، ويوم القيامة) ج7 ص61. وهي: الأئمة ع ، عن أبي عبد االله ع، في قول االله عز وجل: " قل للذين آمنوا
يغفروا للذين لا يرجون أيام االله "، قال: (قل للذين مننا عليهم بمعرفتنا، أن يعرفوا الذين لا يعلمون، فإذا عرفوهم فقد غفر
لهم) تفسير القمي : ج2 ص492 .
.54 : العنكبوت -1
.89 – 88 : الواقعة -2