سوء الأحوال الجوية السبب الرئيسي في غرق السفن أرشيفية
inSha
يعكف العلماء على تطوير نظم تحذير للسفن، من التغيرات الجوية الطارئة، وذلك بعد أن أظهرت النماذج الحالية عجزاً في التثبت من البيانات التي يكشف عنها وسط الرحلة البحرية، وهو ما يؤدي إلى حوادث غرق وتحطم السفن في البحر.وذكرت مجلة «نيو ساينتست» العلمية المتخصصة، في تقرير حديث لها حول هذا الموضوع، أن العالم ميغيل أونوراتو، من جامعة تورينو الإيطالية قضى نحو عقد من الزمن، محاولاً تفسير حدوث الأمواج العالية جداً. واستخدم معادلة «ستشرودينغر» غير الخطية، لتخمين الأوضاع التي لا يمكن التنبؤ بها في الفيزياء الكلاسيكية والكمية.وأوضحت المجلة أن أونوراتو يستخدم هذه المُعادلة لبناء تجارب تحاكي تلك التي يصنعها جهاز الكمبيوتر، في محاولة لتمييز الموجات الحقيقية عن الخفية. ويعمل أونوراتو مع علماء آخرين على تصميم كتالوج خاص بظروف إنتاج الأمواج الطبيعية في العالم.وإحدى هذه الظروف هي عندما تهب عاصفة كبيرة، ويضطرب سطح البحر، ولدى مرور الموجة على سطح الماء بسرعة معينة، تحث مياه البحر على الارتفاع والانخفاض، وهذا الوضع غالباً ما يحدث شمال الأطلسي. أما الحالة الثانية، فهي عندما تتجه أمواج البحر عكس تيار البحر، كما في «أجولهاس» بجنوب إفريقيا. وتحدث الحالة الثالثة وتسمى «عبور البحر»، ويتولد فيها نظاما أمواج أحدهما يولد عبر الرياح المحلية والآخر عبر تضخم البحر.الأحوال الجوية الطارئة ولطالما كان عبور البحر أمراً خطراً. ففي عام 2005 أشارت التحليلات الصادرة عن وكالة «ليودز ليست إنتلجنس» للمعلومات البحرية، إلى أن نصف حوادث غرق وتحطم السفن في البحر تحدث بسبب سوء الأحوال الجوية. وفي عام 2011 أجرى أونوراتو وفريق عمله دراسة تناولت كيفية تكون حادثة أمواج «درابونار»، وأشارت الدراسة التي تمت عبر نموذج «هندكاست»، إلى أن حالة البحر حينها شهدت سلسلتين من الأمواج اصطدمتا بالسفينة، إحداهما شمالية شرقية والثانية جنوبية شرقية، مفصولتان بزاوية تتراوح بين 40 و60 درجة.وفي ظل ظاهرة التغير المناخي وازدياد عدد العواصف، فإن الاحتمالات النظرية التي وضعها العلماء بناء على نماذج قياس العواصف الموجودة لديهم تصبح مقلقة. ومنذ عام 2009 حتى عام 2013 مول الاتحاد الأوروبي مشروعاً يسمى «إكستريم سيز» جمع بين شركات بناء السفن والباحثين الأكاديميين، بهدف إنتاج هياكل سفن مصممة لتحمل درجات أعلى من الموجات البحرية.الأقمار الاصطناعية الهدف الرئيسي من هذه المشاريع هو تمكين السفن من حيازة البيانات المتعلقة بالعواصف، على غرار ما ترصده الأقمار الاصطناعية، وذلك بتحويل هذه البيانات إلى تحذير معين. ومن المؤشرات المهمة المُستخدمة حالياً مؤشر «بنجامين-فير».وتحوي أغلب السفن اليوم أجهزة استشعار واسعة النطاق تحدد ارتفاع الأمواج عبر تحليل صدى الأمواج. ويمكن لبرامج الكمبيوتر تحويل هذه القياسات إلى خريطة ثلاثية الأبعاد تشير إلى حجم الأمواج البحرية. وعلى الرغم من أنها قد تكون خطوة صغيرة، إلا أن تحويل خوارزميات البرمجيات إلى مؤشر لقياس تضخم الأمواج أمر في غاية الأهمية لقياس منسوب تغيير الرياح أو تقاطع الأمواج.ويدرس العلماء ظاهرة أخرى، تتمثل في التغيرات التي تحدث أسفل سطح أمواج البحر. فعندما تطفو المياه الحلوة أعلى المياه المالحة، فإن السفن تحرك هذه المياه منتجة أمواجاً تُنزل المياه المالحة والحلوة أسفلها. وهذا يسمى بظاهرة المياه الميتة، وهي تؤدي إلى غرق السفن.ودرست مجموعات روسية هذه الظاهرة، بوضع مجسات عدة في مناطق مختلفة من بحر «آرال» الذي توجد على سطحه مياه عذبة وفي قاعه مياه مالحة، ووجدوا أن هناك أمواجاً بحرية بعلو 5 أمتار تثور أسفل البحر، بينما لم يظهر هناك من تغيير على سطحه بتاتاً. وفي المحيطات العميقة تتضاعف هذه المسألة، حيث تثور الأمواج في العمق محطمة الحدود الرفيعة بين الطبقات الباردة العليا والكثيفة.وبسبب عدم تمكن أجهزة الكمبيوتر من حساب التقلبات المتسارعة للمحيطات بشكل يسمح لها بإطلاق التحذيرات في الوقت المناسب، فقد دأبت وكالة «وسيدا» اليابانية على تطوير نظام تحذير مبكر، على غرار ما طُور للكشف عن ظواهر تسونامي والعواصف الاستوائية.اختلاف الأسباب قد تتسبب ظروف بسيطة في حدوث ظاهرة الأمواج العالية. ففي العام الماضي أعاد العلماء في منطقة «وسيدا» اليابانية دراسة الظروف التي أدت إلى غرق سفينة شحن عام 1980.وألقت التحقيقات اليابانية باللائمة على ظاهرة عبور البحر، إلا أن الأبحاث العلمية أثبتت أن عاصفة قوية دفعت بمزيد من الطاقة إلى نظام أمواج البحر المُفردة، لأكثر من معدل الأمواج الذي تسمح به النماذج التقليدية لرصد هذه الظواهر. ويعتقد العلماء أن الأمواج الفردية يمكنها أن تتسبب في حوادث أخرى، وبالتالي يجب تحديث برامج الرصد.وفي هذا الصدد يقول ميغيل أونوراتو: «كنا نعتقد أنه من الممكن وصف أمواج البحر ببساطة، ولكن تبين أنها تتفاوت بحسب وتيرة الرياح، التي تتغير بسرعة». وفي عام 2012 أوضح أونوراتو وعلماء آخرون أن تلك النماذج تسمح بقياس الأمواج العالية جداً التي ترتفع بأكثر من 11 مرة عن منسوب الأمواج المحيطة بها.