زغردة المساءْ
*****
إستلقى رمادُ السنينِ يا سيدتي ونامْ
وأصابَ الذِّكرياتِ نُعاسٌ
دعيها تنامْ
فلا أريدُ لكِ ضياعاً في متاهات الكلامْ
حِذاري من خناجرٍ في خاصرة الأرضِ
ومن ثرثراتٍ تهطلُ في دمِنا
لن يكونَ الفضاءُ يا سيدتي نحيلا
ولن يكونَ الحُلمُ يا سيدتي قتيلا
لن يكونَ الجناحُ من غُبارْ
والبيتُ بلا جدارْ
لن يعرفَ الهزيمةَ عِشقُنا
ولن يُسجَّلَ في كتابنا إنكسارْ
تعالي نُعلِّمُ الشجرَ الكتابةَ والغِناءْ
ونعلِّمُ القمرَ النُّورَ والضِّياءْ
والطيورَ كيف تشدو
وكيف يُزهرُ الزمنُ ويُزغردُ المساءْ
ترفضُ يدايَ يا سيدتي أن تمسُكَ خيطاً مُعلّقاً في سماءٍ من دخانْ
وأن تحملَ باقةَ ورْدٍ من النُّعاسِ بلا عطرٍ ولا ألوانْ
أمَا عرفتِ يا سيدتي بأنَّ أيامَنا الآتيةَ سرْبٌ من الأعيادْ ؟
وبأنَّ أحلامَنا الوافدةَ حُرّةٌ بلا أسيادْ ؟
أمَا عرفتِ بأنَّ الشمسَ قادمةٌ كي تحتسي الشايَ معنا على مصطبة بيتنا الرّيفيّ ؟
وبأنَّ همساتَنا الدافئةَ مطرٌ ليليّ ؟
لا ضجيجَ حيثُ نحنُ
لا خوفَ حيثُ نحنُ ولا حياءْ
ولا طُرُقاً مُتعبةً من ذاكرة الظّلّْ
تحرَّرَتْ أنفاسُنا من ليلٍ نحتتهُ الدموعْ
وأخذتْ ليالينا القمرَ بديلَ الشموعْ
رحلَ العُمْرُ المفجوعْ
وُلدنا معاً
نحن الآنَ بسمةُ الفجر يا سيدتي
نحملُ في جُعبتنا أبجديةَ الوفاءْ
وزُجاجاتِ عِطرٍ من معينِ الشهداءْ
وكتاباً ناطقاً بفلسفة الفداءْ
مَنْ كفَّرَ الناسَ ليس مِنّا
مَنْ قتلَ البريء ليس مِنّا
وليس مِنّا مَنْ باع وطنه للغرباءْ
ونحملُ في جُعبتنا أصلَنا وفصلَنا
نحن عربٌ بلا حدودْ
نحن أخوةٌ بلا قيودْ
ونحملُ نفس الفئةِ من فئات الدماءْ
ولن تتحوّلَ تلكَ الدماءُ يا سيدتي إلى ماءْ ؟